أكرم القصاص - علا الشافعي

السيد شحتة

أماكن فى الذاكرة.. مدرسة ثانوية لأبناء البسطاء

الأحد، 14 يونيو 2020 02:41 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى كتاب الحياة الكبير تبقى صفحات يصعب على الإنسان أن ينساها مهما طال به الزمن، فهى تحمل لحظات استثنائية ومشاهد التقاء خاصة بين شخص مر يوما من هنا ومكان يحمل تاريخا وذكريات بطعم الزمن الجميل الذى يأخذنا الحنين والشوق إليه كلما واجهتنا الصعاب أو شعرنا بلحظات ضيق أو إحباط بفعل معارك وصراعات الأيام التى لا تنتهى.

يدرك الزاحفون من الريف والصعيد للعاصمة بكل أضوائها أن للقرية مكانة خاصة فى قلب وعقل كل منهم، لذا فإن الاتصال بها يظل موجودا طالما كان فى الصدر نفس داخل وآخر يخرج، هم يعلمون جيدا أنهم يدينون لها ولأهلها البسطاء بالكثير من الفضل، ولذا فإن حبل الوصال يظل ممتدا دائما وأبدا سواء فى زيارات الأعياد والمناسبات لالتقاط الأنفاس واكتساب مزيد من الطاقة الإيجابية لمواصلة معارك الحياة التى لا تنقطع أو عبر الاتصالات الهاتفية التى لا تنقطع بالأهل والأحباب فى القرية.

نحن أبناء القرية نشعر دوما أن هناك حبلا سريا يربطنا بها ويربطها بنا، ففيها كان الميلاد والنشأة والتكوين، لنا فيها أصدقاء وأهل وجيران وفقدنا تحت ترابها أحبة لن ننساهم أبدا مهما طال بنا الوقت، وسندفن يوما ما بجوارهم مهما طال الزمن أو قصر.

يترك الزمن بصماته على كل ما يقف فى طريقه، وكما يقولون فإنه لا شىء يبقى على حاله ففى قريتى شلشلمون بمركز منيا القمح بالشرقية لم يعد للمنازل الطينية اليوم وجود إلا على استحياء شديد، وفى أماكن معدودة. تغيرت الكثير من الأشياء ورحل أغلب الطيبون وفقدت القرية المصرية الكثير مما كان يميزها قديما من ترابط وتواصل، ولكن يبقى فيها أشياء كثيرة حلوة تدعونا نفخر بأننا يوما ما كنا هنا.

 هنا كانت تقع مدرسة شلشلمون الثانوية للبنين حيث كانت سنوات القراءة بنهم، كان الإقبال على عبقريات العقاد وكتب هيكل وروايات نجيب محفوظ والسباعى على أشده، هنا كان يعمل مجموعة من أفضل من أنجبت مصر من المدرسين الذين شكلوا وعى مئات الطلاب على مر السنين، فصار منهم أساتذة الجامعة والصحفيون والمهندسون والأطباء والصيادلة وغيرهم، ولكن المفاجأة أننى لم أجد سوى بقايا مبنى تم هدمه.

هاتفت على الفور أستاذ صبرى السحار مدير المدرسة ومعلمى فى المرحلة الإعدادية والثانوية والذى أخبرنى أن المدرسة تم هدمها نظرا لتصدع المبنى بفعل مياه الصرف الصحى، وننتظر أن يتم وضع مخصصات مالية لإعادة بنائها.

لهذه المدرسة تاريخ طويل، وطبقا لرواية أبى رحمه الله، فإن مسئولا كبيرا زار القرية والتى أجمع أهلها على حاجتها لمدرسة ثانوية لأن أبناءهم يقطعون مسافة طويلة سيرا على الأقدام يوميا للمركز من أجل الدراسة، وفى ظل إصرار الأهالى وافق المسئول الكبير وتحقق حلم الأهالى .

ومن هذه المنصة أوجه نداء للدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم باسم المئات ممن ساهمت هذه المدرسة فى تشكيل وعيهم وفكرهم بأن يقوم بدراسة ملفها جيدا، وأن يكلف بوضع ميزانية لإعادة بنائها وفقا لموازنة الوزارة للعام الجديد.

أدرك جيدا سيادة الوزير حجم المهام الثقال الملقاة على عاتقك مع اقتراب موعد امتحانات الثانوية العامة، ومع تحدى بدء العام الدراسى المقبل فى ظل انتشار فيروس كورونا، ولكن أعلم أيضا أنك تطالع جيدا كل ما ينشر فى وسائل الإعلام، وأنك لن تخذل أهل قرية طرقوا بابك متشبثين بأن يكون لأبنائهم مدرسة خاصة بهم فى مرحلة التعليم الثانوى.

المدرسة التى تحمل الرقم التعريفى للأبنية التعليمية "1307966" والمسلسل "13025977" وتم بالفعل هدم المبنى  ولكن يطالب الأهالى بسرعة إدراج أعمال إقامة المبنى الجديد ضمن الموازنة الجديدة قبل أن يتم اعتمادها .

إعادة بناء هذه المدرسة فى العام الجديد تمثل حلما كبيرا لجميع أبناء القرية والقرى المجاورة الذين كانت تمثل هذه المدرسة محطة تعليمية هامة لهم جميعا، الدور الكبير الذى لعبته هذه المدرسة فى تشكيل وعينا جميعا يجعلنا نشعر بأن شيئا عزيزا قد سلب منا، وأنه لن يعود إلا بوضع أول لبنة فى هذا الصرح التعليمى الجديد وعسى أن يكون هذا الأمل قريبا.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة