تعالوا نعترف أن أخطر ما أفرزته ثورة 25 يناير 2011 من نتائج، إنها أعطت للحكومة الإثيوبية الفرصة الذهبية لبناء سد النهضة، فى إعلان صريح وواضح، لقتل المصريين عطشا.. وأن أي مضلل يحاول رفض الاعتراف بهذه الحقيقة، فإنه مغيب، وواقع تحت تأثير خمر الخيال الثورى المدمر، لكن الحقيقة االدامغة، إنه لولا حراك 25 يناير 2011 ما استطاعت إثيوبيا أن تبنى قالب طوب واحدا فى نهر النيل، وإنما وجدت ضالتها فى الحراك الفوضوى، وعبث المراهقة الثورية والمطالب الفئوية والاستغراق فى المحلية التى كانت عليها مصر، وبدأت خطوات بناء سد النهضة، وابتُليت مصر فى 2011 بسد «النهضة» وفى 2012 ببرنامج «النهضة» الفنكوش.
وياليت الأمر اقتصر عند حد استغراق مصر فى الفوضى الداخلية بفعل حراك 25 يناير 2011 ولكن قرر مرضى الهبل الثورى، التجويد، لمنح الطمأنينة المطلقة، والدعم الكامل لإثيوبيا لبناء السد، فشَكّلَ حمدين صباحى وفدا مكونا من 48 ناشطا وثوريا، فى إبريل 2011، وأطلق عليه وفد الدبلوماسية الشعبية، لزيارة إثيوبيا وأوغندا والسودان، لبحث أزمة مياه النيل، وعلى الأخص بناء سد النهضة!!
وتدثر حمدين صباحى فى هذه الزيارة عباءة رئيس مصر الفعلى، وقدم نفسه للقيادات الرسمية فى الدول الثلاث، على أنه رئيس مصر القادم لا محالة، وأنه سيخوض الانتخابات الرئاسية 2012، وبالطبع كال كل الاتهامات والشتائم والسباب لنظام مبارك، واعتبره نظاما خائنا، وأنه جاء على رأس وفد يمثل رموز ثوار ونشطاء يناير، لزيارة إثيوبيا لإصلاح ما أفسده النظام القديم!!
وبالطبع أشاد الرئيس الإثيوبي، حينذاك، بالثورة المصرية التى استمرت 18 يوما وكانت حاسمة فى إسقاط مبارك ونظامه، وعَبّر عن إعجابه بشباب الثورة، وقال: «نجحت ثورتكم وهو ما يؤكد أن لمصر حضارة ورقيّا»!!
وانتاب الوفد الثورى حالة من الأنا والغرور، فى حضرة الرئيس الإثيوبى الذى أشاد بدورهم العبقرى والعظيم فى إزاحة مبارك ونظامه، دون أن يدروا بأن إشادة الرئيس الإثيوبى بثورة يناير، إنما إشادة تجسد مصلحة إثيوبيا بالدرجة الأولى، وأن 25 يناير، تعتبر هدية وغنيمة كبرى قدمها أدعياء الثورية ونشطاء السبوبة، وخونة الإخوان، لإثيوبيا لتنفذ مخططها بإقامة عددا من السدود على نهر النيل، والتى كانت مصر ترفض إقامتها.
وقدم حمدين صباحى ورفاقه، اعتذارا مذلا للرئيس الإثيوبى، ولا نعرف سببا واحدا لهذا الاعتذار الذى كان بمثابة رسالة طمأنة جوهرية للاستمرار فى بناء سد النهضة وبسرعة، استغلالا لانهماك جيش مصر فى الشأن الداخلى للحفاظ على البلاد من السقوط فى وحل الفوضى.
وهنا اعتبر عدد كبير من عمداء الدبلوماسية المصرية، أن الوفود الشعبية قد أساءت إلى الصورة التاريخية للشعب المصرى، وقدمت تنازلات غير مبررة لإثيوبيا، فى زياراتها بعد ثورة يناير، وما كان يجب على الوفود الشعبية أن تذهب دون تنسيق مع الدولة المصرية ممثلة فى وزارة الخارجية، ولا يمكن للشارع أن يدير الدول، وهل هناك دولة واحدة فى هذا الكوكب يديرها الشارع؟!
زيارة الوفد الشعبى لإثيوبيا أعطت صورة مذلة ومهينة لمصر، تستوجب محاكمة كل أعضاء الوفد، بجانب كل من شارك فى مؤتمر الفضيحة والعار للتآمر على إثيوبيا، بقيادة محمد مرسى العياط، وأيمن نور ومحمد أنور السادات وعمرو حمزاوى، وآخرين وأذيع على الهواء مباشرة!!
وفى الأخير، ننصح الجانب الأثيوبى، أن مصر 25 يناير 2011 ليست مصر الجديدة الحالية القوية القادرة على الدفاع عن مصالحها وحقوقها بكل قوة، في كافة المناحى، خاصة إذا تعلق الأمر بمسألة الحياة والموت، مثل قضية المياه..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة