أصدرت الدائرة "16" أسرة مدينة نصر، حكما مهما بالطلاق للضرر طلقة بائنة بعد زواج الزواج بأخرى، رسخت فيه لعدة مبادئ متعلقة باللجوء لمكتب تسوية المنازعات الأسرية، وميعاد سقوط حق الزوجة فى طلب التطليق، وكيفية تحديد المحكمة لأسباب الضرر الذى لحق بالزوجة.
صدر الحكم فى الدعوى المقيدة برقم 3460 لسنة 2019 أسرة مدينة نصر أول، لصالح المحامى محمود رزق، وبرئاسة المستشار عمرو حسبو، وعضوية المستشارين إبراهيم خليل، ووليد عصام، وبحضور وكيل النيابة إسماعيل بهاء، وخبير اجتماعي منال صالح.
الوقائع.. الزوجة تطلب الطلاق لزواج زوجها بأخرى
تخلص الوقائع فى أن المدعية عقدت الخصومة فيها مع المدعى عليه بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة فى 21 أغسطس 2019، وأعلنت لها قانوناَ طلبت فى ختامها الحكم لها بتطليق الطالبة منه طلقة بائنة للضرر وآمرة بعدم التعرض لها فى الأمور الزوجية، وذلك على سند من القول أنها زوجة المدعى عليه بصحيح العقد الشرعي المؤرخ فى 11 أغسطس 1988، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج وأنجبت منه الصغار الأربعة، وأنها مازالت فى عصمته وطاعته، إلا أنه قد قام بالزواج عليها من أخرى تدعى "ن.م" فى غضون 7 يونيو 2019، وذلك بدون علمها ورضائها ونتج عن ذلك ضرر مادى وضرر معنوى، مما حدا بها إلى إقامة الدعوى.
ولجأت لمكتب التسوية بالطلب الرقيم 4044 لسنة 1019 أسرة مدينة نصر، وحيث قدمت المدعية سندا لدعواها حافظة مستندات طويت على صورتين ضوئيتين من قيد زواجهما، وحيث تداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، ومثلت المدعية بوكيل عنها محام وقدم ثلاثة حوافظ مستندات طالعتهم المحكمة، وآلمت بهم ومن ضمن ما طويت أصل قيد زواج المدعى عليه من أخرى تدعى "ن.م"، ومثل المدعى عليه بوكيل عنه محام، والنيابة العامة فوضت الرأى – والمحكمة عرضت الصلح رفضته المدعية، فقررت حجز الدعوى للحكم، وأودع الخبير النفسي والإجتماعى تقريرهما طالعته المحكمة.
الضرر المادى والمعنوى أسباب الطلاق الرئيسية
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى – ولما كان من المقرر قانوناَ طبقا لنص المادة 11 مكرر /2، 3 من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 والتى تنص على أنه: "ويجوز للزوجة التى تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما ولو لم تكن قد اشترطت عليه فى العقد ألا يتزوج عليها، فإذا عجز القاضى عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة، ويسقط حق الزوجة فى التطليق، لهذا السبب بمضى سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى، إلا إذا كانت قد رضيت بذلك صراحة أو ضمناَ أو يتجدد فى طلب التطليق كلما تزوج بأخرى.
والمستقر بقضاء النقض أن التطليق للزواج بأخرى مادة 11/2 مكرر ق 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون 100 لسنة 1985 شرطه أن يلحق بالزوجة التى تزوج عليها زوجها ضرر مادى أو معنوى، والضرر ماهيته أكتمال نصاب الشهادة عليه باتفاق أقوال الشهود على تحققه، وفقا للطعن رقم 503 لسنة 66 ق – جلسة 26 يناير 2002.
ومن المستقر عليه فقهاَ أن هذا النص يستند شرعاَ إلى قول رسولنا الكريم: "من غشنا فليس منا"، وقد أعطى المشرع للزوجة التى تزوج عليها زوجها بمقتضى الفقرة الثانية من المادة الحق فى طلب الطلاق منه إذا تضررت من تلك الزيجة، ويثبت حق الزوجة فى طلب الطلاق للزواج من أخرى بمجرد علمها باقتران زوجها بالأخرى دون أن يشترط مضى مدة زمنية معينة ولو خلال مدة السنة – للقول بإصابتها بضرر مادى أو أدبى من الزيجة الجديدة، والضرر الذى يلحق الزوجة من الزواج عليها بأخرى هو نوع خاص من الضرر يشمل الضرر بكافة أنواعها مادياَ كان أو أدبياَ ويتعين عليها أن تقيم الدليل عليه، ويكفى أن يلحق بالزوجة أحد صور الضرر المادى أو المعنوى حتى يكون لها الحق فى طلب التطليق، فلا يشترط اجتماع الضررين المادى ولمعنوى معا.
يحق للزوجة طلب الطلاق دون الاشتراط بمضى مدة زمنية معينة
وبحسب "المحكمة" – وحق الزوجة فى طلب الطلاق لزواج الزوج عليها من أخرى لا يقوم على مجرد كراهيتها له أو نفورها منه لزواجة عليها ولا يكون لها أن تطلب فصم علاقة الزوجية بادعاء أن اقترانه بغيرها يعتبر فى ذاته ضرراَ بها، وإنما يجب عليها أن تقيم الدليل على أن ضرراَ منهياَ عنه شرعاَ قد أصابها بفعل أو امتناع من الزوج وبشرط أن يكون هذا الضرر حقيقياَ وليس متوهماَ ومستقلا بعناصره عن واقعة الزواج اللاحق فى ذاتها وليس مترتباَ عليها وأن يكون منافياَ لحسن العشرة بين أمثالهما وأدى إلى إساءة اتصلت أسبابها بالزيجة التالية، وكانت تلك الزيجة هى باعثها، ومن صور الضرر المادى الذى قد يلحق الزوجة من زواج زوجها من أخرى تخلف الزوج فى الإنفاق عليها بسبب زواجه بأخرى، وانخفاض مستوى المعيشة للزوجة المتضررة ومن الضرر المعنوى انقطاع الزوج عنها أيام الأسبوع أو هجره لها.
وتؤكد: يسقط حق الزوجة بطلب الطلاق بعد مضى سنة من علمها بالواقعة
ووفقا لـ"المحكمة" – وقد أوجب المشرع على المحكمة محاولة الصلح بين الزوجين، ولم يترك هذا النص الأمر مطلقا تستعمله الزوجة المتضررة حسبما تشاء وفى الوقت الذى تريده وإنما غايته سنة من تاريخ علمها بقيام السبب الموجب للضرر، والحكمة التى تغاياها المشرع من إعطاء الزوجة مهلة السنة هى إعطائها الفرصة فى مراجعة نفسها فقد تتأذى من ذلك فى بداية الأمر ثم تعتاد عليه خلال تلك المدة، وتحتسب مدة السنة من تاريخ إيصال علم الزوجة بالزواج الأخر، وليس من تاريخ انعقاده، وميعاد السنة من المواعيد الناقصة التى يتعين أن يتم الإجراء خلالها، فإذا أقامت الزوجة الدعوى بعد مضى السنة حكمت المحكمة بسقوط حق المدعية، ويكون للزوجة إثبات واقعة الزواج بأخرى بكافة طرق الإثبات الشرعية ومنها القرينة المستمدة من الإخطار الذى يكون المأذون قد أرسله إليها يخبرها فيه بواقعة زواج زوجها من الأخرى.
ولما كان ما تقدم وكانت المدعية قد أقامت دعواها بغية الحكم لها بتطليقها من المدعى عليه طلقة بائنة للضرر للزواج بأخرى، ولما كان الثابت للمحكمة من أوراق الدعوى ومستنداتها والتى تطمئن إليها المحكمة وتعول عليها بقضائها أن المدعى عليه تزوج من أخرى بتاريخ 7 يونيو 2019 كما هو ثابت بأصل قيد الزواج المقدم من وكيل المدعية – ولما كانت المدعية قد تضررت من زواج المدعى عليه من أخرى بضرر مادى أو معنوى وأن ذلك الضرر يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما، وأن المحكمة عجزت عن الإصلاح بينهما، وكان الثابت أيضاَ أن المدعية أقامت دعواها بتاريخ 21 أغسطس 2019، ولما كانت شروط دعوى الطلاق للزواج بأخرى قد توافرت، ولما كان المدعى عليه قد مثل حال تداول الدعوى بالجلسات ولم ينازع فيما ذهبت إليه المدعية، ولم ينفى هذا الضرر أو يبرره بسند شرعي تقبله المحكمة الأمر الذي تنتهي معه المحكمة والحال كذلك إلى أن دعوى المدعية قد قامت على سند صحيح من الواقع والقانون بقبولها والقضاء لها بتطليقها من المدعى عليه.