تعد قضية سد النهضة أحد أبرز الملفات التى تهم الشعبين المصرى والسودانى بعد إقدام إثيوبيا على القيام بخطوات أحادية تؤثر على الأمن المائى للقاهرة والخرطوم وإن كانت الأخيرة ستتضرر بشكل كبير، وعلى الرغم من تميز السودان بتعدد مصادر المياه المتاحة من حيث الروافد المتعددة لنهر النيل وكثافة الأمطار، إلا أن النظر للأمر بهذا الشكل يبدو سطحياً بعض الشيء، وذلك لأن الخصائص المناخية ليست أمراً ثابتاً من ناحية حيث تغيرت مواسم وكميات الأمطار بالسودان عبر العقود الماضية.
وبصرف النظر عن وفرة المياه من عدمها تبقى احتمالية الضرر القائم على الأراضى السودانية احتمالية قائمة ولا يجب تجاهلها، وهو ما تنتهجه السودان منذ فترة طويلة، ما يضر بأمن السودان القومى قبل أى شيء آخر.
واستعرض المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية فى دراسة له عددا من العوامل غير السياسية التى لابد أن تأخذها السودان فى الاعتبار منها تغير طبيعة المناخ الحالي بما لا يو ِّفر كميات المياه الكافية من الأمطار، بالإضافة إلى الأفق الزراعي التنموي الذي سيعتمده السودان خلال المراحل المقبلة يعتمد بشكل كامل على نصيب البلاد من النيل، ومدى تأثُّر المشروعات التنموية العملاقة القائمة بتنفيذ السد، لا سيما تلك التي تعتمد على مياه النيل مثل: مشروع الجزيرة، وكنانة وغيرها من المشاريع.
وأشار المركز إلى الآثار الجانبية لسد النهضة منها انخفاض منسوب المياه في النيل الأزرق بسبب السد سيحول نظام الري إلى الري بالرفع، الذي يتسم بتكاليفه العالية وخاصة مع نقص الكهرباء والمواد البترولية في البلاد، وحجز الطمي أمام سد النهضة سيحرم السودان من المغذي الطبيعى لأراضيه، مما يتطلب استخدام الأسمدة الصناعية سواء بالاستيراد أو بالتصنيع الذي يتطلب كميات من الكهرباء أكبر من التى سيحصل عليها السودان من سد النهضة الأثيوبي، وحجز الطمي أمام سد النهضة سيوقف صناعة الطوب الأحمر في السودان، وسيزيد من معدلات النحر في النيل الأزرق، مما يهدد المنشأت المائية والسدود وكذلك الجسور.
وستؤدى بحيرة سد النهضة لغمر غابات شجرية، وستتحلل في المياه مما يمثل خطراً بيئياً على الثروة السمكية بالسودان، أما أعظم المخاطر هو احتمال انهيار سد النهضة والذي ستختفي معه معظم السدود والمدن والقرى السودانية، وأى نقص في تدفق النيل الأزرق ستكون تبعاته خطيرة على السودان، لعدم توفر سدود تخزينية كبيرة لها تستطيع تعويض هذا العجز المتوقع، وانخفاض منسوب المياه الجوفية، مما يزيد من تكاليف رفعها بالإضافة إلى نقص كميات المياه الجوفية المتاحة.
وكشف خبراء سودانيون الآثار السلبية لسد النهضة على الخرطوم حيث ستكون تداعيات السد "مدمرة" على السودان، بدرجة تتجاوز تأثيراته المحتملة على مصر، مما يحتّم على الخرطوم أن تتخذ موقفاً أكثر تشددا في نظرتها المتساهلة مع السد.
يقول مؤسس مجموعة مخاطر السد الإثيوبى محمد عثمان إن خطر سد النهضة الإثيوبي يتركز على السودان تحديداً، لأنه يقام في منطقة حدودية بما لا يدع للسودان فترة زمنية كافية لاستقبال المياه في حالة المخاطر ،وبخاصة أن السودان ليس لديه بحيرات لتصريف المياه الزائدة إذا تعرض السد لمخاطر.
وقانونيا، ليس من حق إثيوبيا بناءه في إقليم بني شنقول السوداني المحتل وعلى النيل الأزرق دون موافقة، فالاتفاقية الموقعة عام 1902 تحظر على إثيوبيا بناء أي إنشاءات على السد مقابل السماح لها بإدارة إقليم بني شنقول الذي تمتد حدوده إلى بحيرة تانا، وعليه فإن جزءاً كبيراً من مياه النيل الأزرق التي تصل لمصروالسودان بالأساس تنبع من الإقليم السوداني ال م حتل، على حد تعبيره.
فيما يؤكد العضو المستقيل من اللجنة الرسمية السودانية حول سد النهضة الدكتور أحمد المفتى أن الأمر بالنسبة إلى السودان مسألة حياة أو موت، لأن كل ما حدث يقنن الوضع الحالي الذي يسلب السودان أمنه المائي، ويعرضه للغرق، حيث إنه يعرّض السودان بالكامل للهلاك الشامل غرقا أو عطشا، محذرا من خطورة انهيار سد النهضة الإثيوبي، عقب انهيار إحدى بوابات سد "أوين – نالوبالي"، مؤكداً أن ذلك ينبغي أن يكون إنذاراً شديداً للسودان من خطورة سد النهضة، ومطالبا الحكومة السودانية بوضع سيناريوهات لما قد يحدث في حال انهيار إحدى بوابات سد النهضة.
فيما أوضح الخبير السودانى فى السدود المائية وعضو اللجنة الدولية لتقييم سد النهضة المهندس دياب حسين أن اثيوبيا وعدت بعمل نموذج حسابى ثنائى الأبعاد ويسمى النموذج break analysis dam لتوضيح الكميات المنسابة والسرعة والأبعاد والإنشاءات المتأثرة، لافتا إلى أن أديس أبابا لم تلتزم حتى نهاية عمل اللجنة، وهذا إن دل على شيء يدل عل خطورة هذا السد إذا انهار، وذلك لأن الإشراف على التنفيذ ضعيف مما يزيد من قلق الشعب السوداني.
وقد اختلف الخبراء حول وجود فوالق أم لا، لكن المندوب السوداني في الوفد قال إنه لا توجد فوالق لأن الوادي عبارة عن تعرية، مما يجعل التربة هشة والجبلين في طرفي الوادي مختلفان لذا استبعد الفوالق، ولكنه أكد وجود الكهوف رغم إنكار اثيوبيا وفى رد اثيوبيا على التقرير: لا توجد فوالق ولا كهوف في الموقع ولكن لا يستبعد وجود فوالق داخل البحيرة على بعد 100 كيلو .
ولم تقم اثيوبيا بعمل دراسة مسح مائي مفصل بشبكات، لمعرفة أي مشاكل تؤدي لحدوث شقوق وفوالق فى منطقة بناء السد، ويمكن أن تكون الفوالق موجودة في اقرب مسافة لأن المسح المائي لوعورة المنطقة من ناحية السلامة ووجود فوالق أو شقوق داخل بحيرة محملة بأطماء وأخشاب وممارسة الشعب الأثيوبي في البحيرة مع ضغط المياه و الطمي تؤدى إلى حركة قوية مثل "تسونامي".
بدوره أشار الخبير السودانى الدكتور إبراهيم الأمين إلى عدم وجود سيناريوهات لدى السودان في حالة حدوث انهيار لسد النهضة ،إذ يمكن لمياه السد أن تصل إلى سد الروصيرص في 8 ساعات وإلى سنار خلال يوم أو يوم ونصف والخرطوم في 8 أيام .
فيما أكد الدكتور أحمد عبد الرحمن العاقب إن التوربينات المولدة للطاقة في سد النهضة سوف تأخذ 80-90% من الطاقة الدافعة للمياه مما يجعل نهر النيل الأزرق نهراً فاقداً للطاقة، وهذه الطاقة في النيل الأزرق هي القوة الدافعة لنهر النيل الأبيض شمالاً، وفقدان النيل الأزرق لطاقته يجعل منه نهراً بطيء، مما يزيد من حجم النباتات المائية المزعجة والطحالب ذات الروائح الكريهة فيكثر استخدام منظفات المياه مثل الكلور مما ي فقد مياه النيل لطعمها الأساسى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة