هل فكرت أن تتطوع في التجارب التي تجرى حالياً لانتاج لقاح لفيروس كورونا؟.. ماذا إذا عرفت أن بعض المتطوعين في هذه التجارب يتم حقنهم بالفيروس بعد إعطائهم اللقاح التجريبي..هذا بالفعل ما قام به حوالي 30 ألف متطوع في 100 دولة بالعالم يشاركون بهذه التجارب ضمن تقنية تسمى "دراسة التحدى" والتي قد تتعرض فيها حياة المتطوعين للخطر، في السطور التالية نتعرف على قصص المتطوعين لتجارب لقاحات فيروس كورونا.
أوسكار تاربي شاب بريطاني يبلغ من العمر 21 عامًا، لكنه قرر قبل شهر تقريباً أن يتطوع في التجارب السريرية للحصول على لقاح للوقاية من فيروس كورونا، باستخدام طريقة مثيرة للجدل للغاية تسمى تقنية دراسة التحدي، بحسب موقع جريدة "الدايلي ميل" البريطانية.
وفى تقنية دراسة التحدي يتم حقن المتطوعين بلقاح تجريبي ثم إصابتهم عن قصد بفيروس كورونا وتحدي أنظمتهم المناعية بالفيروس المميت لمعرفة ما إذا كانت اللقاح يمكن أن يمنعهم من المرض أم لا.
لا تستخدم أي من تجارب لقاح كوفيد -19 أو ما يقرب من 100 تجربة على مستوى العالم تقنية دراسة التحدي لأنها تعتبر خطيرة للغاية مع هذه العدوى وبعض الخبراء يطالبون الحكومات حول العالم بفرض عقوبات على هذه التقنية، لكن هذه التقنية قد تساعد في تسريع إنتاج اللقاح للعالم.
وقال أوسكار، أحد المتطوعين "أعرف أني يمكن أن أموت.. لكنني أشعر أن لدي التزام أخلاقي بمحاولة المساعدة في انتاج اللقاح، خاصة إذا كان يسرع في تطوير لقاح يساعد الملايين."
احد المتطوعين ..اوسكار
وتطوع ما يقرب من 30 ألف شخص من أكثر من 100 دولة- حتى الآن للمشاركة في دراسات التحدي، وفقًا لموقع 1 Day Sooner، الذي أنشأه المحامي الأمريكي جوش موريسون في أبريل لإنشاء قاعدة بيانات من المتطوعين المستعدين والراغبين في تعريض أنفسهم للخطر إذا حصلت دراسات التحدى على الضوء الأخضر.
ولا يوجد حافز مالي لهؤلاء المتطوعين في تجارب دراسة التحدي، ويقوم المتطوعون بذلك بدافع النية الحسنة.
عادة، عندما يتم تطوير لقاح جديد، يقوم العلماء بتلقيح المئات وأحيانًا الآلاف من المشاركين الأصحاء، ثم ينتظرون لمعرفة ما إذا كانوا يصابون بالفيروس في المجتمع.
ولكن مع تلاشي العدوى، تتراجع فرص التطوع بشكل كبير، مما يزيد من صعوبة اختبار ما إذا كان اللقاح يعمل أم لا لكن يمكن لدراسات التحدي أن تغير كل ذلك، سيتم تطعيم أحد المتطوعين بأحد لقاحات Covid-19 التي تجري تجربتها الآن ثم، بعد بضعة أسابيع في بيئة مستشفى آمنة، سوف يتعرضون عمدا للفيروس، على الأرجح عن طريق إدخال عينات في أنفهم أو فمهم ثم ينتظرون لمعرفة ما إذا كان اللقاح يمنعهم من الإصابة بالعدوى أم لا.
ويعتقد الخبراء أن أي لقاح ناجح لفيروس كورونا قد يكون مثل لقاح الإنفلونزا في أنه قد يمنع العدوى في بعض الأشخاص، بينما يقلل من شدة العدوى في الآخرين.
وتعتبر دراسة التحدي بمثابة "رهان" لكن هذا يعني أن العلماء قد يحصلون على نتائج اللقاح في أيام، بدلاً من أسابيع أو أشهر.
وقال البروفيسور أندرو ايستون، عالم الفيروسات بجامعة وارويك الأمريكية: "إن الميزة الكبرى لدراسات التحدي هي أنك لا تعتمد على الفيروس المنتشر بشكل طبيعي في المجتمع، فأنت تعلم أن جميع المشاركين قد تعرضوا للفيروس ومعظمهم سيصابون بالعدوى، لذلك سوف ينتج نتائج ذات مغزى بشكل أسرع بكثير."
وفي الآونة الأخيرة، أعلنت شركة الأدوية AstraZeneca - التي تصنع اللقاح الذي يتم اختباره في جامعة أكسفورد - عن خطط لإجراء تجارب رئيسية في البرازيل، حيث لا تزال معدلات الإصابة بـ Covid-19 في ارتفاع، لأن الأرقام المتأثرة في أوروبا تنخفض إلى النقطة التي أصبحت فيها من الصعب دراسة فعالية اللقاح لكن ذلك سيستغرق وقتا.
وفقًا لموقع 1 Day Sooner ، فإن تقليل الوقت الذي يستغرقه إنتاج اللقاح وطرحه لعامة الناس ليوم واحد فقط يمكن أن ينقذ حياة 7120 شخصًا على مستوى العالم، وبأسبوع واحد ينقذ 55 ألف شخص.
وتم استخدام دراسات التحدي منذ عقود لتطوير علاجات للأمراض الفتاكة الأخرى مثل الملاريا والإنفلونزا والتيفوئيد والكوليرا لكن كورونا فيروس جديد لا يمكن التنبؤ به إلى حد كبير، لذلك كان التصور الشائع هو أن المخاطر مع هذا الفيروس بالذات كبيرة للغاية.
واختلف بعض الخبراء، حيث وضع الدكتور أدير ريتشاردز، الأستاذ المساعد في جامعة وارويك ومحاضر أخلاقيات البحث العلمي، مبادئ توجيهية تمهد الطريق لدراسات التحدي.
قال أدير ريتشاردز: "تسريع تطوير اللقاح حتى بضعة أسابيع يمكن أن يؤدي إلى إنقاذ العديد من الأرواح، على الرغم من أننا لا نستطيع ضمان بقاء جميع المتطوعين التجريبيين على قيد الحياة ".
وتم دعم آرائه من قبل مجموعة من علماء المملكة المتحدة والولايات المتحدة، الذين كتبوا رسالة مشتركة نشرت في مجلة الأمراض المعدية، داعين إلى إجراء دراسات التحدي لتسريع البحث عن اللقاحات.
وقالت الرسالة: "إن تحدي المتطوعين بهذا الفيروس الحي قد يؤدي إلى الإصابة بمرض شديد، وربما حتى الموت، لكننا نقول أن مثل هذه الدراسات يمكن أن تقلل من العبء العالمي للوفيات والإصابات المتعلقة بكورونا.
وحتى منظمة الصحة العالمية كانت تروج لدراسات التحدي، لكنها تنص على أنه يجب إبقاء المخاطر عند الحد الأدنى، عن طريق اختيار الشباب الأصحاء فقط (الذين تتراوح أعمارهم عادةً بين 18 و 30 عامًا) ودعت إلى إجراء التجارب في "مستشفيات متخصصة" ، مع إمكانية الوصول إلى الرعاية المركزة.
احد المتطوعين جيسون كرويل
وتطوع المحامي جيسون كرويل، 42 سنة، الذي يعيش في لندن، بعد أن فقد صديقته المقربة من الفيروس.
وقال كرويل الأب لخمسة أطفال: "عندما أخبرت زوجتي سيندي، أني أريد التطوع، كان رد فعلها الأولي هو أنني مجنون، ولكن عندما تحدثنا عن ذلك وجدت أن لدي أسبابي للقيام بذلك".
ويجب الموافقة على أي اختبارات دراساتت تحدي أولاً من قبل مجلس الأخلاقيات ووكالة تنظيم منتجات الأدوية والرعاية الصحية (MHRA) ببريطانيا.
وقال المتحدث باسم وكالة MHRA، المسؤولة عن تنظيم الأدوية، إن تجارب التحدي البشري يمكن أن تكون مفيدة
ومع ذلك، أضاف المتحدث: "سلامة المشاركين هي أولويتنا القصوى وأي اقتراح لإدراج عدوى بشرية سيتم النظر فيه على أساس الفائدة والمخاطر".