ـ المشروع يكشف الانتهاكات الإيرانية للشرعية الدولية بدعمها للحوثيين وحزب الله
"سيادة الممكلة العربية السعودية على أراضيها خط أحمر لا يمكن المساس به"، هذا ما أكدته السعودية عقب الهجوم الذى تعرضت له منشآتها النفطية التابعة لشركة أرامكو فى منطقتى بقيق وهجرة خريص بالمنطقة الشرقية، سبتمبر الماضى، فدولة مثل المملكة لها هذا الثقل الإقليمي والدولي لا يمكن أن يمر الهجوم الإرهابى على منشآتها النفطية مستهدفة سيادتها مرور الكرام. إنه الهجوم الذى أدانته دول ومنظمات دولية معتبرة ذلك بمثابة تهديد الاستقرار الإقليمي والدولي وأمن الطاقة العالمي.
بعد مرور 10 أشهر على الحادث طالعنا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جويتريش، منذ أيام بإعلان ما كشفت عنه التحقيقات حول الهجوم، مؤكدا أن الأسلحة والصواريخ التى استخدمت فى الهجوم إيرانية الصنع، موضحا أن خصائص تصميم بعضها مشابهة لتلك التى أنتجها كيان تجارى في إيران، أو تحمل علامات فارسية، وأن بعضها تم تحويله إلى إيران بين فبراير 2016 وأبريل 2018.
هجمات-أرامكو
أحدث هذا الإعلان أصداء عالمية أبرزها الموقف الغربى المتمثل فى تقديم مشروع قرار قدم لمجلس الأمن الدولي حول الاعتداءات الإيرانية وصواريخها التي يطلقها الحوثيون على أراضى المملكة في هذا السياق.
بنود مشروع القرار
يتضمن هذا المشروع أوسع تصور أمريكي حتى الآن لتجديد حظر الأسلحة المفروض دولياً على إيران، ويطالب بفرض سلسلة عقوبات جديدة على المؤسسة الحاكمة في إيران، والكيانات والأفراد المرتبطين به بموجب المادة 41 من الفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة.
وإذ ينص المشروع على تشكيل لجنة جديدة مدعومة بفريق خبراء لرصد وتوثيق الانتهاكات، يتعهد اتخاذ "إجراءات إضافية" لمنع تهديد الأمن والسلم الدوليين.
وحسب مسودة مشروع القرار، وفق صحيفة "الشرق الأوسط"، يندد القرار بالهجمات الإيرانية ضد المنشآت المدنية في السعودية، واستهداف المصالح الأمريكية في العراق، والاعتداءات على السفن التجارية في الممرات البحرية الدولية، مطالباً بـ"وقف هذه الهجمات على الفور، واحترام حقوق وحريات الملاحة لكل الدول وفقاً للقانون الدولي".
دعم إيران للحوثيين وحزب الله
ويربط للمرة الأولى وبصورة واضحة بين الانتهاكات الإيرانية للشرعية الدولية والقرارين، 2140 الخاص باليمن و1701 الخاص بلبنان، بسبب دعمها وتبنيها "جماعة الحوثي" و"حزب الله" اللبنانى.
وأعدت صيغة المشروع ليصدر بموجب المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، التي تنص على أن "لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته"، ومنها ما يدعو الأعضاء إلى وقف الصلات الاقتصادية وأنواع المواصلات والشحن، ويصل إلى قطع العلاقات الدبلوماسية.
ويستهل المشروع فقراته بـ"التنديد بالهجوم الذي شنته إيران على السعودية في سبتمبر 2019، والذي شكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين"، فضلاً عن التنديد بالهجمات التي وقعت في ديسمبر 2019 ضد قاعدة عسكرية عراقية في كركوك والسفارة الأمريكية في بغداد؛ مما أدى إلى مقتل مواطن أمريكي وجرح الكثير من الأفراد الأميركيين والعراقيين ونفذتها "كتائب حزب الله" العراقية، التي يراها "الحرس الثوري" الإيراني.
وندد المشروع بعمليات نقل الأسلحة من إيران إلى الميليشيات والجماعات المسلحة في المنطقة؛ مما يهدد بزعزعة استقرار الإقليمي، بعدما ساهمت في هجوم 31 ديسمبر على السفارة الأمريكية في بغداد. ويطالب إيران "بوقف كل عمليات النقل هذه فوراً". وكذلك ندد بـ"الانتهاكات لسيادة السعودية ودول أخرى في المنطقة وسلامة أراضيها وتأثيرها على بنيتها التحتية".
ويدعو القرار إلى تخفيف حدة التوترات في المنطقة والامتناع عن الأعمال الاستفزازية، ويوضح تحديداً أنه "فور انتهاء التدابير المفروضة في الفقرة 5 من المرفق باء في القرار 2231، تمنع كل الدول الأعضاء إمداد إيران أو بيعها أو النقل المباشر أو غير المباشر إليها، عبر أراضيها أو بواسطة رعاياها، أو استخدام السفن أو الطائرات التى ترفع علمها، أكان المنشأ في أراضيها أو لم يكن، أسلحة وما يتصل بها من معدات" إلا بموافقة اللجنة المنشأة في هذا القرار.
مجلس الأمن
ويقرر أنه "اعتباراً من انتهاء التدابير المفروضة في الفقرة 6 (باء) من المرفق باء في القرار 2231، لا يجوز لإيران أن تورد أو تبيع أو تنقل، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، عبر أراضيها أو رعاياها أو باستخدام السفن أو الطائرات التي ترفع علمها، أي أسلحة أو أعتدة ذات صلة"، على أن "تحظر كل الدول الأعضاء شراء هذه المواد من إيران أو من رعاياها، أو استخدام السفن أو الطائرات التي ترفع علمها، أكان المنشأ في أراضي إيران أو لم يكن".
السفن التجارية
ويحض القرار على أن "تقوم كل الدول الأعضاء بتفتيش كل البضائع داخل أراضيها... في مطاراتها وموانئها ومناطق التجارة الحرة، من وإلى إيران، بما يتفق مع القانون الدولي"، أو أي عمليات ترتبط بإيران أو رعاياها وأفراد وكيانات مرتبطة بها، أو أفراد وكيانات مصنفة (لدى الأمم المتحدة)، أو يجري وسائل إيران بحراً وجواً"، أو "إذا كان لدى الدولة المعنية أسباب معقولة للاعتقاد بأن الشحنة تحتوي على مواد محظورة وفق القرار".
ويحض القرار كل الدول الأعضاء على "تفتيش السفن بموافقة دولة العلم، في أعالي البحار، إذا كانت لديها معلومات توفر أسباباً معقولة للاعتقاد بأن شحن هذه السفن يحتوي على أصناف يتم توريدها أو بيعها أو نقلها محظور بموجب هذا القرار، بغرض ضمان التنفيذ الصارم لتلك الأحكام".
مضيق هرمز
ويسمح القرار أن "تقوم كل الدول الأعضاء بالاستيلاء على أي سفينة في موانئها وتفتيشها وتجميدها (حجزها) ومصادرتها والتخلص منها، بطريقة تتفق مع السلطات القانونية الوطنية، إذا كانت لدى الدولة العضو المعنية أسباب معقولة للاعتقاد بأن السفينة ضالعة في نشاطات محظورة بموجب هذا القرار، ما لم تقرر اللجنة، على أساس كل حالة على حدة وبناءً على طلب من الدولة المحجوزة، أو دولة العلم، أو الدولة ذات الولاية القضائية على مالك السفينة، أو أي دولة أخرى ذات صلة، أنه يجوز تحرير السفينة من الحجز لأن التخلص منها لن يعزز أهداف هذا القرار".
ويطلب من الأمين العام أن "يتخذ الترتيبات المالية اللازمة لتمكين اللجنة من الاضطلاع بمهماتها"، على أن "ينشئ، لفترة أولية مدتها 12 شهراً من تاريخ اتخاذ هذا القرار، بالتشاور مع اللجنة، فريقاً يصل إلى ثمانية خبراء، تحت إدارة اللجنة، وتزويد المجلس بتقريرين في موعد لا يتجاوز 6 أشهر و12 شهراً على التوالي، من اتخاذ هذا القرار، وتحديثات دورية بينهما.
ويلاحظ أن "عملية اختيار الخبراء الذين يتألف منهم الفريق ينبغي أن تمنح الأولوية لتعيين أفراد يتمتعون بأعلى المؤهلات للوفاء بالواجبات الموصوفة أعلاه مع إيلاء الاعتبار الواجب لأهمية التمثيل الإقليمي والجنساني في عملية التوظيف"، على أن يوجه فريق الخبراء إلى التعاون مع الفرق الأخرى ذات الصلة التي أنشأها مجلس الأمن لدعم عمل لجان الجزاءات التابعة له، بما في ذلك فريق الخبراء المنشأ عملاً بالقرار 2140 (حول اليمن)، ومع الأمين العام في الإبلاغ عن تنفيذ القرار 1701 (حول لبنان)، ولا سيما فيما يتعلق بحظر الأسلحة.
ويحض القرار كل الأطراف والدول الأعضاء، وكذلك المنظمات الدولية والإقليمية وما دون الإقليمية، على ضمان التعاون مع فريق الخبراء، داعياً كل الدول الأعضاء المعنية إلى "ضمان سلامة أعضاء فريق الخبراء وإمكانية الوصول دون عوائق، وخاصة للأشخاص والوثائق والمواقع حتى يتمكن فريق الخبراء من تنفيذ ولايته".
ضغوط على إيران
ومما يزيد من حدة الضغوط على إيران ومؤسساتها، ويجعل أمريكا متمسكة بمشروعها في توسيع العقوبات المفروضة على إيران، القلق الذي أبدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، نتيجة امتناع إيران، لأكثر من أربعة أشهر، عن السماح لمفتشيها بدخول موقعين يشتبه بوجود أنشطة نووية غير معلنة فيهما، إضافة إلى عدم حصولها على رد إيراني حول تساؤلات مطروحة منذ عام، ما دفع مجلس محافظى وكالة الطاقة الذرية الذى يضم 35 دولة باتخاذ قرار يدعو رسميا إيران للسماح بتفتيش موقعين يشتبه بقيامهما بأنشطة نووية غير معلنة في الماضي، ويعتبر ذلك أول قرار ينتقد إيران بشأن برنامجها النووي تصوت عليه الوكالة التابعة للأمم المتحدة منذ 2012، وتم تبنيه خلال اجتماع لمجلس الحكام في مقر الوكالة في فيينا في ظل تصاعد التوتر حول برنامج إيران النووي في الأشهر الماضية.
ترحيب سعودى بالقرار
من جانبها رحبت الممكلة العربية السعودية، بقرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية دعوة إيران إلى فتح المنشآت المتشبه فيها أمام المفتشين الدوليين، وتقديم المعلومات التي تحتاجها الوكالة في متابعة البرنامج النووي الإيراني.
وقال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية النمسا محافظ المملكة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأميرعبد الله بن خالد بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود، في بيان صحفي وفق العربية: "ترحب المملكة العربية السعودية بتبني مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) لمشروع القرار المقدم من الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا- ألمانيا- بريطانيا) الذي يدعو إيران إلى التعاون الكامل والفوري مع الوكالة، بما في ذلك السماح للوكالة بالدخول للمواقع المحددة، وتثمن المملكة، في هذا الصدد، الجهود المهنية والشفافة التي تضطلع بها الوكالة ومديرها العام".
وأضاف المندوب السعودي: "تدعم المملكة هذا القرار؛ لما يمثله من خطوة مهمة وجادة في جهود التصدي لتجاوزات إيران وخروقاتها للاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة ببرنامجها النووي، والذي يأتي اتساقا مع مطالبات المملكة المتكررة للمجتمع الدولي بالاضطلاع بمسئولياته تجاه عدم تمكين إيران من تطوير التقنية النووية لأغراض غير سلمية؛ حفظا للأمن والسلم الدُّوليين".