على مدار نحو ثلاث سنوات ونصف السنة قضاها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى البيت الأبيض، تلقى صدمات عديدة من شخصيات كان يعتبرها من المقربين له عندما تم انتخابه أو بعدها، لكن حلفاء الأمس أصبحوا أعداء اليوم، وكان آخرهم مستشار الأمن القومى السابق جون بولتون الذى فتح النار على ترامب فى مذكراته التى صدرت مؤخرا، والتى أظهرت ترامب غير صالح للقيادة، ولا يأبه سوى لتحقيق مصلحته الشخصية وأدار السياسة الخارجية بمنظور فرص إعادة انتخابه.
بولتون أورد فى كتابه "الغرفة التى حدث بها الأمر" الكثير من المزاعم والتفاصيل الصادمة التى تدين ترامب، ورغم أن بولتون أحد أبرز صقور السياسة الخارجية الأمريكية، قد نال نصيبه من الاتهامات والانتقادات من كلا من الجمهوريين والديمقراطيين على حد السواء بسبب هذا الكتاب، وإن كان لأسباب مختلفة، إلا أن وصفه بالخائن من قبل وزير الخارجية مايك بومبيو، ربما كان الأكثر تعبيرا عن الموقف الذى وضع فيه ترامب.
لكن بولتون لم يكن الوحيد الذى انقلب على ترامب، وإن كان أكثرهم قسوة، فسبقه فى ذلك العديد من الشخصيات البارزة التى تولت مناصب حساسة فى الإدارة الأمريكية لكن تأييدها للرئيس انقلب إلى معارضة شرسة له.
من بين هؤلاء وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس، الذى طالما دافع عن إستراتيجية ترامب، لاسيما فيما يتعلق بنهجه إزاء إنهاء حروب أمريكا فى الخارج، لكن هذا التأييد انتهى بعدما تقدم ماتيس باستقالته العام الماضى فى أعقاب قرار ترامب سحب القوات الأمريكية فى سوريا والذى مهد للعدوان التركى عليها. وكان قرار ماتيس بالاستقالة أشبه بالاحتجاج الصامت. لكن صمته لم يدم طويلا واضطر الجنرال المخضرم إلى انتقاد رئيسه بعد اندلاع الاحتجاجات ضد العنصرية فى الولايات المتحدة الشهر الماضى.
واتهم ماتيس الرئيس ترامب بتعمد محاولة تقسيم أمريكا، مع استثناء تهديداته بنشر القوة العسكرية فى الشوارع، وأشاد بهؤلاء الذين يطالبون بالعدالة فى أعقاب مقتل جورج فلويد على يد الشرطة. وقال ماتيس فى بيان إن ترامب هو أول رئيس فى حياته لا يحاول توحيد الشعب الأمريكى ولا يدعى حتى أنه يحاول، وبدلا من ذلك فهو يقسم الأمريكيين.
وربما كانت واحدة من أقوى الضربات التى تعرض لها ترامب على مستوى العلاقات الشخصية هى انقلاب محاميه السابق مايكل كوهين عليه، بعدما اعترف بانتهاك موكله قوانين تتعلق بتمويل الحملات الانتخابية بكشفه عن دفعه أموالا لنساء كن على علاقة به قبل دخوله عالم السياسة مقابل التزامهن الصمت.
وكانت هناك صدمة مساعدة البيت الأبيض السابقة أوماروسا نيومان التى كشفت أيضا عن تسجيلات سرية لمكالمة بينها وبين ترامب بدا فيها الأخير لا يعرف شيئا عما يحدث فى البيت الأبيض، ناهيك عن نشرها كتابا بعنوان "المعتوه" تقدم فيه شهادتها خلال الفترة التى عملت فيها مع الرئيس الأمريكى، كشفت فيه تفاصيل ليست فى صالح ترامب واتهمته فيه بالعنصرية.
ومثل بانون وأوماروسا نيومان، اللذين كشفا عن أسرار ترامب فى كتب أحدثت ضجة، كان ما قاله ستيف بانون أول مخطط إستراتيجى للبيت الأبيض فى كتاب "نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض" عن الرئيس من الأمور الصادمة. فبانون الذى كان من المقربين ترامب شخصيا وإيديولوجيا، قال فى الكتاب إن لقاء نجل ترامب بمحامية روسية مرتبطة بالكرملين يمثل خيانة عظمى، وكان ذلك فى خضم قضية التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية.