"توفى والدي في بداية عام 2017، حيث رحل دون أن يترك لي سوى محل قد استأجره منذ عام 1980 وكان يمارسه فيه عمله في إصلاح الأجهزة الكهربائية، ومنذ وفاة والدي والمحل مغلق وأنا متزوجة ولست على دراية بمباشرة عمل الوالد، إلا أنني ملتزمة بسداد الأجرة فى المواعيد المقررة من كل شهر، إلا أن صاحب العقار أقام دعوى قضائية بطردي من محل والدي، وبالفعل قضت المحكمة بإنهاء عقد الإيجار مستندة على ذلك الحكم بثبوت غلق المحل منذ تاريخ وفاة المستأجر".. بهذه الكلمات بدأت "سارة.ر"، 35 سنة، سرد مآساتها لـ"اليوم السابع" في محاولة لإيجاد حلول قانونية.
وتابعت: "واضطررت هنا للاستئناف على الحكم لإلغائه، وبالفعل تقدمت باستئناف إلا أن محكمة الاستئناف أيدت الحكم بنفس الأسباب التي استندت عليها محكمة أول درجة بل زادت عليها بأن ورثة المورث لا يمتهن ذات مهنته – وفى تلك الأثناء – تقدمت بالطعن على الحكم، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة، وأمرت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً لحين الفصل فى موضوع الطعن، والسؤال هنا هل هناك إمكانية بأن تقضى محكمة النقض لصالحي؟ وهل هناك ما يمنع فى القانون لغلق العين المؤجرة بعقد إيجار قديم لفترة زمنية طالما أن المورث يقوم بسداد الأجرة دون تأخير؟.
مدى جواز طرد المؤجر للوريث حال غلق المحل؟
وللإجابة على هذا السؤال، يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض عماد الوزير، إن الطعن فى هذه الحالة الواردة أُقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإنهاء عقد الإيجار والتسليم تأسيساً على ما ثبت من أقوال الشهود من أن المحل المؤجر مغلق منذ تاريخ وفاة المستأجر ولا يوجد من ورثته من يمتهن ذات المهنة فى حين أن غلق المحل لا يعد سبباً للإخلاء، طالما كان ورثة المستأجر قائمين بتنفيذ التزاماتهم ومنها الوفاء بالأجرة لاسيما وأن غلق المكان لا يسبب ضرراً بالعين المؤجرة بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه، كما أن هناك خطأ بإنهاء عقد إيجار العين محل النزاع تأسيسا على ثبوت غلقها منذ تاريخ وفاة المستأجر وأن أحدا من ورثته لا يمتهن ذات مهنته دون استظهار ما إذا كان غلق العين والتوقف عن استعمالها فى ذات نشاط المورث ينم عن تخلي الورثة نهائيا عنها وليس توقفا مؤقتا اقتضته ظروف الوفاة لحين معاودة الانتفاع بها – وفقا لـ"الوزير".
المشرع أعطى الحق للورثة في امتداد عقد الإيجار حال وفاة المورث
كما أن مفاد النص فى المادتين الأولى والخامسة من القانون رقم 6 لسنة 1997 بشأن تعديل الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 وبعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية والمادتين الرابعة والسابعة من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه والصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 237 لسنة 1997 بتاريخ 16 مايو 1997 والمنشور فى الجريدة الرسمية العدد 28 مكرر يدل على أنه اعتباراً منه تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1997 فإن المناط لامتداد عقد الإيجار لمزاولة نشاط تجارى أو صناعي أو مهني أو حرفي بعد وفاة المستأجر إلى ورثته المشار إليهم هو استعمالهم العين فى ذات النشاط الذى كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد حال حياته بالذات أو بواسطة نائب عنهم، وذلك بالنظر فى وقت امتداد عقد الإيجار للمستفيدين من المستأجر الأصلي بعد وفاته باعتباره مناطاً استلزمه المشرع للحفاظ على الرواج المالي والتجاري فينقُل حق الإجارة لصالحهم بقوة القانون – الكلام لـ"الوزير".
رأى محكمة النقض فى الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الإشكالية فى الطعن المقيد برقم 1522 لسنة 71 القضائية جلسة 21 من نوفمبر سنة 2002 حيث قالت فى حيثيات الحكم أن مفاد النص فى المادتين الأولى والخامسة من القانون رقم 6 لسنة 1997 بشأن تعديل الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 وبعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية يدل على أن عقد إيجار هذه العين لا ينتهى بموت المستأجر بما لازمه ومقتضاه أنه يتعين على المحكمة قبل أن تقضى بإنهاء عقد الإيجار أن تتثبت بأسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق من تخلف الشرط الذى أورده المشرع لاستمرار العقد لصالح المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلى بالعين وهو استعمالها فى ذات النشاط الذى كان يمارسه الأخير طبقاً للعقد حل حياته بالذات أو بواسطة نائب عن الورثة.
وبحسب "المحكمة" - فإذا لم يثبت لها عدم استعمال العين فى ذات النشاط على نحو نهائى وقاطع الدلالة على الرغبة فى استعمالها كذلك كأن تكون قد استُعملت فعلاً فى نشاط آخر مغاير انتفى المسوغ التشريعي لانتهاء العقد، إذ مجرد التوقف المؤقت عن استعمال العين الذى قد يُمليه اضطراب ظروف الورثة التى تعقب وفاة المورث - عائل الأسرة وربها - والذى لا ينبئ عن تخلٍ حقيقى ودائم عن استعمالها فى ممارسة ذات النشاط كأن تُغلق فترة من الزمان - لا يمارس فيها نشاط ما - لا يتحقق به شرط عدم استعمال العين فى ذات نشاط المستأجر الأصلى فى معنى المادة 29 سالفة الإشارة.
يحق للورثة غلق العين مؤقتاَ لظروف الوفاة لحين معاودة الانتفاع بها
المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن مجرد عدم انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة لفترة طالت أم قصرت ليس سبباً من أسباب الإخلاء طالما أنه قائم بالتزاماته قِبَل المؤجر وأخصها الوفاء بالأجرة، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر، وأقام قضاءه بإنهاء عقد إيجار محل النزاع على ما أورده من ثبوت غلقه منذ تاريخ وفاة المستأجر وأن أحداً من ورثته لا يمتهن ذات المهنة - دون أن يستظهر فى جلاء - أن غلق المحل المؤجر والتوقف عن استعماله فى ذات نشاط المورث هو توقف ينم عن تخلى الورثة تخلياً نهائياً عن هذا النشاط وليس توقفاً مؤقتاً اقتضته ظروف الوفاة لحين معاودة الانتفاع به واستعماله فى ذات النشاط سيما وأنه لا يشترط أن يمارس ذات النشاط بالورثة أنفسهم بل يكفى أن يتم بواسطة نائب عنهم وهو ما لا يصلح سنداً لقضائه بإنهاء عقد إيجار العين محل النزاع فإنه يكون معيباً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة