يدير مجلس البلدية الذى يرأسه فنسنت البستانى فى بلدة صغيرة تقع شمالى العاصمة اللبنانية، شئون البلدة بكل حزم، إذ يتولى العاملون ومتطوعون تسيير دوريات على مدار الساعة وتراقب الكاميرات الشوارع ويمنع المجلس سير الدراجات النارية بعد التاسعة مساء، ويعتقد البستانى أن هذه هى أفضل وسيلة لتحقيق الأمن فى وقت يتداعى فيه الاقتصاد ويتزايد فيه الفقر وينتشر فيه الخوف من الجريمة.
قال البستانى، "الحاجة للمال وللطعام. أعتقد أن الأمور ستزيد سوءا. أتمنى أن أكون مخطئا. ولهذا يجب أن نظل متيقظين ومدركين للخطر ... نحن نسير نحو المجهول".
وتسببت الأزمة المالية، التى تجتاح لبنان منذ العام الماضى فى تقلص قدرات عدد أكبر من الأسر على التكيف فى الوقت الذى انهارت فيه العملة المحلية، ولا تقدم الدولة فيه مساعدة تذكر. وتواجه البلاد ما يعد أكبر خطر على استقرارها منذ الحرب الأهلية بين عامى 1975 و1990.
وفى الشهور الأربعة الأولى من 2020 تضاعفت جرائم القتل فى لبنان، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وقفزت حوادث سرقة السيارات بما يقرب من 50 فى المئة والسرقات بنسبة 20 فى المئة، وذلك وفقا لتقرير أعدته شركة الأبحاث الدولية للمعلومات فى بيروت بناء على بيانات الشرطة.
ومع انهيار العملة، يتزايد الخوف من وقوع اضطرابات فى بلد له تاريخ مضطرب حيث التوتر الطائفى ليس بعيدا عن السطح.
وقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية المستوردة، التى يعتمد عليها اللبنانيون بفعل انخفاض قيمة الليرة اللبنانية بنسبة 70 فى المئة منذ أكتوبر.
وجاء فى تقرير لبرنامج الأغذية العالمى هذا الشهر، أن 50 فى المئة من اللبنانيين وكذلك 63 فى المئة من الفلسطينيين، و75 فى المئة من السوريين المقيمين فى لبنان، شعروا بالخوف من عدم الحصول على ما يكفى لسد حاجتهم من الطعام فى الشهر الأخير.
وربط مسئول أمنى، ارتفاع الأسعار بما وصفه باحتكاكات فى الشوارع. وأضاف "مازلنا فى البداية وسيكبر هذا الأمر".
وقال، "لا يوجد مبرر بالطبع لأى جريمة. لكن ثمة أمورا كثيرة كنا معتادين فى الأيام العادية على اعتبارها مخالفة والآن نغض الطرف عنها لتسيير الأمور".
وقد غذت الأزمة التوتر، واستهدفت الاحتجاجات النخبة الحاكمة والبنوك التى جمدت مدخرات المودعين فى الوقت الذى أصبح فيه الدولار عملة نادرة.
وأقامت بعض البنوك، حواجز معدنية لحمايتها من الاعتداء وحذت حذوها المتاجر الفاخرة فى وسط بيروت.
وفى وقت سابق من الشهر الجارى، تم العثور على مدير بأحد البنوك اللبنانية الكبرى مقتولا بالقرب من بيته، فى إحدى ضواحى بيروت رغم أن الدافع وراء الجريمة لم يتضح.
ومع ذلك، قال العقيد جوزيف مسلم رئيس شعبة العلاقات العامة بقوى الأمن الداخلى إن مقارنة جرائم العام الحالى بالأعوام السابقة، لا تظهر بالضرورة ارتفاعا عاما فى الجريمة. وأضاف أنه رغم أن الانهيار الاقتصادى أثر على العنف فإن "الأمن تحت السيطرة".
غير أن ميريام طوق (28 عاما) المهندسة المعمارية، التى سُرقت محفظتها من سيارتها، وتعرضت صديقة لها للسرقة فى حادث آخر تشعر بقدر أقل من الأمان هذه الأيام.
قالت وهى تتذكر ما حدث، "ما إن وصلت إلى مركز الشرطة ونافذة سيارتى مكسورة قالوا لى ’تعرضت للسرقة على الكورنيش؟’"، وأضافت "يبدو أن هذا يحدث كل يوم".