ذكرت قناة العربية فى خبر عاجل لها أن دولاً في الناتو تدعم وقف القتال والانسحاب التركي من سرت، وأن هناك تحذيرات أوروبية لتركيا من التوغل للوصول لمناطق نفطية بليبيا، وأنه سيتم بحث إرسال مراقبين دوليين لضمان وقف إطلاق النار.
بعد ساعات من تصريحات قوية للرئيس عبد الفتاح السيسي، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مكالمة هاتفية مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني . وقالت وكالة الأنباء القطرية إن الاتصال ناقش "العلاقات الإستراتيجية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها"، بالإضافة إلى مناقشة "عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك". وفق موقع آراب ويكلي.
وحسب تصريحات مصدر مسئول لمجلة آراب ويكلي، ومقرها لندن، أجرى أردوغان هذا الاتصال في الواقع ليطلب من تميم مضاعفة الأموال القطرية الداعمة للعملية العسكرية التركية في ليبيا، حيث شاركت أنقرة بشكل كبير في دعم ميليشيات حكومة الوفاق ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
ومن جانبه تحدث دبلوماسي تركي سابق، شريطة عدم الكشف عن هويته، مشيرًا إلى أن "تركيز المكالمة الهاتفية كان مالي بحت"، وقال إن حكومة أردوغان "لا تتعب من مطالبة الدوحة بدفع مزيد من الأموال للحفاظ على زخم العمليات العسكرية التركية في سوريا وليبيا ".
أضاف موقع آراب ويكلي، نقلا عن خبراء على دراية بالسياسة التركية، أن أردوغان، الذي استهزأ به خصومه ومنافسيه الذين اعتبروه انتهازي كان يستخدم الصراع الليبي، ومن قبل الصراع السوري، للضغط على قطر لتزويده بمبالغ ضخمة من المال. يعتمد أردوغان في عملية الابتزاز على تحذير القادة القطريين من أن المعسكر الإسلامي المدعوم من الدوحة قد يعاني من هزيمة ستكون كارثية بالنسبة لهم، مما يسمح للمنافسين بالسيطرة على المناطق الاستراتيجية في المنطقة.
وقال الدبلوماسي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته مع الاكتفاء فقط بالإشارة إلى عمله السابق في منطقة الخليج، إن تصريحات الرئيس المصري توفر ذريعة لأنقرة للمطالبة بأن تضخ الدوحة المزيد من الأموال في الصراعات التي تخوضها تركيا في المنطقة.
وأضاف الدبلوماسي التركي السابق أن "أموال الغاز القطري لعبت دورًا مهمًا في تمويل تلك الصراعات والحروب، خاصة أن تركيا لا تستطيع تحمل أعبائها في ضوء الأزمات الاقتصادية والمالية المتتالية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة"."كان آخر هذه الأزمات آثار وباء فيروس كورونا الذي أصاب قطاع السياحة كونه مصدر دخل هام للخزينة التركية". في الأيام الأخيرة، سجلت الليرة التركية انخفاض آخر بأكثر من 1٪ مقابل الدولار الأمريكي، لتصل إلى أدنى مستوى لها في حوالى شهر.
وبحسب التقرير، من أجل تحقيق أهدافها الخارجية، تحتاج تركيا إلى مساعدة مباشرة من حليفتها قطر، التي تضخ أموال بشكل منتظم في الاقتصاد التركي في شكل ودائع واستثمارات، بلغ مجموعها بحلول عام 2018 حوالي 15 مليار دولار، وفقًا لبيانات الحكومة القطرية. ومع ذلك، تدعى التقارير الإعلامية أن الرقم الذي قدمته الدوحة لا يشمل جميع الأموال القطرية المقدمة لأنقرة، مثل ملايين إضافية في شكل تبرعات مباشرة من القادة القطريين ورجال الأعمال.
وأضاف أن النقاش حول "العلاقات الإستراتيجية" بين أنقرة والدوحة، وفقًا للدبلوماسي التركي السابق، هو بمثابة مصطلح فضفاض تم تداوله دائمًا في وسائل الإعلام الرسمية. لكنه أضاف أن القيادة التركية لا تناقش عادة تفاصيل المشاكل التي تعمل عليها، مثل الملف الليبي. وقال إن أنقرة لا تتناول سوى الصورة الكبيرة، ما يجعل القطريين يعتقدون أنهم يلعبون دور مهم وأنهم شريك متساوي في معالجة القضايا ذات الاهتمام الإقليمي. ومع ذلك، يقتصر دور قطر على توفير التمويل، وفقًا لدبلوماسي السابق.
ونتيجة لذلك، لطالما اعتبر شعب قطر علاقة بلدهم بتركيا غير متساوية، مما يجعل حكومتهم عرضة بشكل متزايد للاستغلال والابتزاز. وقد تفاقمت هذه الحقيقة بسبب إجراءات العزلة المفروضة على قطر من قبل أربع دول عربية: مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، منذ عام 2017 بسبب صلات الدوحة المزعومة بالمنظمات الإرهابية وسياساتها التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي.
وضاعف منتقدون قطريون لسياسات الشيخ تميم ووالده الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تحذيراتهم من الابتزاز التركي المزعوم وكشفوا عن وثيقة مسربة تظهر وجود اتفاقات سرية بين أنقرة والدوحة تسمح لتركيا بالتدخل في الأراضي القطرية بدون أي ضمانات واضحة للإمارة الخليجية الصغيرة.
على الرغم من محاولة قطر وتركيا تصوير علاقتهما باعتبارها تحالف استراتيجي إلا أن الواقع مختلف بالنظر إلى تأثيرهم غير المتناسب، على حد قول أحد المعارضين القطريين، حيث أشار إلى أن هذا العامل "يجعل قطر معزولة في جوارها وعرضة للاستغلال وحتى الابتزاز من قبل تركيا".
ختاما أشار تقرير آراب ويكلي إلى أن قطر وتركيا تشتركان في انتماء أيديولوجي مشترك، وقد تم اتهمهم بدعم نفس الشبكات المتطرفة من أجل دفع أجندتهم الإقليمية. ولكن يزعم أن التكاليف المرتفعة للتدخل التركي في ليبيا تجاوزت الوسائل التركية، خاصة في ضوء الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تواجهها أنقرة. وقد جعل ذلك قطر الراعي الرئيسي وربما الوحيد للجهود الحربية التركية على الرغم من الصعوبات التي تواجهها الدوحة في أعقاب تأثير وباء فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط. لكن لا تملك قطر سوى خيارات قليلة ولا يمكنها إلا أن تقبل المطالب التركية، خاصة بعد أن عززت أنقرة العزلة الإقليمية لدولة الخليج وأغرقت الدوحة في صراع معقد عبر العالم العربي وأماكن أخرى.