تعد دولة الصومال من أكثر الدول معاناة بسبب انتشار الأسلحة والفوضى وعملية استهداف مؤسسات الدولة بسبب سيطرة عناصر مسلحة ممولة من الخارج على مفاصل الدولة، وهو ما يفشل أى تحركات تقوم بها أصوات معتدلة فى مقديشيو لاسترداد سلطة الدولة وسيادتها، وتحفظت أربع دول على قرار الجامعة العربية الصادر بحق ليبيا من بينهم دولة الصومال التى رفضت الموافقة على البند الذى يدعو لرفض كافة التدخلات الأجنبية غير الشرعية التي تنتهك القوانين والقرارات والأعراف الدولية وتسهم في انتشار الميليشيات المسلحة الإرهابية الساعية لنشر افكار التطرف وتغذية العنف والإرهاب، والمطالبة بسحب كافة القوات الاجنبية الموجودة على الاراضي الليبية وداخل المياه الإقليمية الليبية، والتحذير من مغبة الاستمرار في العمل العسكري لتحريك الخطوط التي تتواجد عليها الأطراف حاليا تفاديا لتوسيع المواجهة، وهو ما يثير استغراب البعض حول الموقف الصومالى الذى يعانى الأمرين من التدخلات الخارجية.
وتحفظ الصومال على البند الذى ترحب فيه الدول بكافة المبادرات والجهود الدولية وجهود دول الجوار الرامية إلى وقف العمليات العسكرية واستئناف العملية السياسية في ليبيا برعاية الامم المتحدة، مع الترحيب بإعلان القاهرة بشأن ليبيا الصادر في 6 يونيو الجاري والذي يرتكز على أن الحل في ليبيا يجبأن يستند إلى الاتفاق السياسي الليبي وقرارات مجلس الامن ذات الثلة ومخرجات مؤتمر برلين والقمم والجهود الدولية الأممية السابقة التي نتج عنها طرح لحل سياسي شامل يتضمن خطوات تنفيذية واضحة في المسارات السياسية والاقتصادية والأمنية واحترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والطلب من كافة الأطراف الليبية والدولية التعاطي بإيجابية مع هذه المبادرات.
والمدقق فى الأوضاع الداخلية داخل الصومال يجد أن الدور التركى بدأ يتعاظم بشكل كبير للغاية منذ عام 2011، إذ بدأت أنقرة تؤدي دورا سياسيا واقتصاديا هناك، تحت ستار مشروع مكافحة المجاعة، لكن سرعان ما أصبحت أنقرة منغمسة في الصومال، سياسيا واقتصاديا بل وعسكريا.
وكانت الشركات التركية العاملة في الصومال على علاقة وثيقة مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي يتزعمه رئيس الوزراء آنذاك الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، وبحلول عام 2014، سيطرت هذه الشركات على أكثر البنى التحتية في الصومال إدرارا للمال، وهي ميناء مقديشيو ومطار العاصمة الدولي، بسبب نفوذها المتعاظم هناك.
وتعد الخطوة الكبيرة التى اتخذتها تركيا وأحدثت صدى واسعا داخل البلدان العربية والافريقية كانت عام 2017 بإنشاء قاعدة عسكرية تركية فى العاصمة مقديشيو تحت ستار "تدريب الجيش الصومالي وتحقيق الاستقرار في البلاد"، وأصبحت أحد أكبر القواعد العسكرية لتركيا خارج أراضيها.
وتمكنت أنقرة من التغلغل داخل الصومال بشكل كبير وتوسطت بين العديد من المتصارعين والمسلحين الذين يحاولون الهيمنة على ثروات البلاد، وعملت تركيا على توسيع نفوذها تمهيدا لتوسع أكبر فى القرن الافريقى تحت راية "العثمانية الجديدة".
أما الدور القطرى فى الصومال فله تاريخ طويل وتجلى فى دعم الدوحة لاتحاد المحاكم الإسلامية التى برزت قبل سنوات فى البلاد، وتمثل حركة الشياب الإرهابية الجناح العسكرى لهذه المحاكم، وهو ما يضع علامات استفهام حول طبيعة العلاقة بين الدوحة وحركة الشباب.
وتعد قطر أحد أبرز الدول الداعمة للمتشددين الصوماليين وعرضت اللجوء على قادة المحاكم وأعوان له منهم على سبيل المثال الشيخ شريف أحمد الذى وجد ملجأ في إريتريا ثم في الدوحة، وأتاح وجود هؤلاء هناك إلى جانب الجالية الصومالية الكبيرة في قطر، نفوذا سياسيا لقطر في الدولة الإفريقية التي مزقتها الحرب، وساهم المال القطري الوفير في تعزيز هذا النفوذ.
وأفادت تقارير صحفية بأنه تم انتخاب الشريف شريف رئيسا للصومال في عام 2009 بمساعدة تمويل قطري كبير، لكن بعدما اختلف مع ساسية الدوحة تخلت الأخيرة عنه، ودعمت بديلا له في 2012، وهو أكاديمي غير معروف اسمه حسن شيخ محمود، وتكرر الأمر في عام 2017.
وبعد الإفراج عن سيلفيا رومانو الرهينة الإيطالية التى كانت محتجزة مؤخرا فى الصومال، كشفت تقارير إيطالية عن شخصية صومالية لها نفوذ واسع فى الصومال ويدعى فهد ياسين، الذي يعتبر أبرز الروابط بين الدوحة ومقديشو في السنوات الأخيرة، وهو أيضا المدير العام الحالي للاستخبارات الصومالية، ويمثل لغزا بالنسبة لكثيرين إذ يقال إنه يحمل جوازات سفر صومالية وكينية.
ويصف التقرير ياسين بأنه "بلا شك واحد من أقوى الرجال في الصومال"، مشيرا إلى أنه كان عضوا سابقا في المحاكم الإسلامية التى تمولها الدوحة بشكل كبير.
وبحسب المركز الإيطالي، فقد تم تعيين فهد ياسين لفترة من الوقت في شبكة الجزيرة القطرية، وبعد قضائه بعض الوقت في الدوحة أصبح الرجل الموثوق به بالنسبة لقطر في الصومال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة