مع ضخامة ملف جرائم جماعة الإخوان الإرهابية يحتار المرء في تحديد الجريمة التي ارتكبتها الجماعة في حق مصر، ومهدت الطريق إلي ثورة 30 يونيو.
قد يري البعض أن جرائم الجماعة التي بدأت مع فوزهم بالأغلبية البرلمانية في انتخابات 2012 ثم فوز مندوبها محمد مرسي بالرئاسة هي التي أدت إلي ذلك، حيث شهدت هذه المرحلة إعلان مرسي للإعلان الدستوري يوم 22 نوفمبر 2012 والذي أعطي لنفسه من خلاله سلطات استثنائية تتخطي القوانين والدستور، كما شهدت هذه المرحلة حصار المحكمة الدستورية العليا في نهاية نوفمبر 2012 والذي عطل عمل المحكمة في مشهد لم تعرفه مصر من قبل.
وشهدت هذه المرحلة قرارات مرسي بالإفراج والعفو عن الإرهابيين الذي تلوثت أيديهم بجرائم الدم ضد مصريين أبرياء من الجيش والشرطة والمدنيين، وشهدت محاولة الجماعة تسليم مفتاح مصر إلي الحلف التركي العثماني القطري، والتلاعب بالأمن القومي عبر فتح المجال لحركة حماس التابعة لها، وتصدير العناصر الإرهابية إلي سوريا، للانضمام إلي الجماعات الإرهابية فيها وبلغ الفجر بمرسي افتخاره بهذا الأمر في احتفال أقيم في استاد القاهرة وسط حاشيته من الإرهابيين.
وشهدت هذه المرحلة استماتة "الجماعة" من أجل أخونة المجتمع ولو أدي ذلك إلي تغييب القانون لحساب النزعات الدينية، ورأينا إصدار الفتاوي الضالة التي تقسم المسلمين إلي مؤمنين وملحدين، وسنة وشيعة مما أدي إلي ارتكاب جريمة قتل أربعة شيعة في "زاوية أبو مسلم" بالنمرس بالجيزة يوم 24 يونيو 2013 ، ورأينا تقسيم المصريين إلي مسلمين ومسحيين، مع إعطاء الفرصة الواسعة للفتاوي التي تحرم الاحتفال بأعياد المسيحيين والفتاوي التي تحرم الاحتفال بالأعياد الخاصة بالمصريين كعيد شم النسيم، والفتاوي التي تحرم الاحتفال بالأعياد القومية.
وتزامن مع ذلك فتاوي تطالب بهدم الآثار باعتبارها أوثان، ووصل الحال إلي درجة مطالبة احدي الجماعات الإرهابية التي تؤيد مرسي والإخوان بهدم الأهرامات أسوة بما فعلته مع تمثال بوذا في أفغانستان، ودعوة جماعة أخري بأن يكون الاحتفال بتعامد الشمس علي وجه رمسيس الثاني في "أبو سمبل" والذي يأتيه السياح من بقاع الأرض بقراءة القرآن الكريم داخل المعبد، وداخل هذا المشهد العبثي كان ما حدث في صباح يوم 14 فبراير 2013 بالمنصورة مذهلا بكل المقاييس، حيث فوجئ الناس بتغطية تمثال سيدة الغناء العربي أم كلثوم بالنقاب، في نفس الوقت الذي كان جاهلون يفتون بتحريم قراءة أدب نجيب محفوظ لأنه يحض علي الفسق ويدعو إلي الدعارة.
الجرائم السابقة هي غيض من فيض في ملف جرائم الإخوان، غير أنه ليس من الواجب الاكتفاء بذكرها كأسباب أدت إلي ثورة 30 يونيو، فالجماعة منذ تأسيسها عام 1928 وحتي سقوطها في 30 يونيو ملف جرائمها متخم، وما حدث في القريب هو استكمال لما حدث في الماضي البعيد ، وفيه جريمة اغتيال الجماعة للمستشار أحمد الخازندار يوم 22 مارس 1948، واغتيالها لرئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي يوم 28 ديسمبر 1948، وارتكابها لعمليات تفجير في ممتلكات اليهود عام 1948، ومحاولتها الفاشلة في اغتيال جمال عبد الناصر عام 1954 بميدان المنشية بالإسكندرية، ثم خططها بقيادة سيد قطب عام 1965 للاغتيالات وتفجير القناطر والكباري.
واصلت الجماعات الإرهابية الأخرى وبغطاء من الإخوان ارتكاب الجرائم الإرهابية بالاغتيالات والتفجيرات ومنها علي سبيل المثال لا الحصر، عملية اختطاف واغتيال الشيخ الذهبي وزير الأوقاف يوم 3 يوليو 1977 وقامت بها جماعة التكفير والهجرة، واغتيال الرئيس السادات يوم 6 أكتوبر 1981، وقتل حوالي 118 من الشرطة والمدنيين في أسيوط فور اغتيال السادات وقاد هذه العملية الإرهابي عاصم عبد الماجد حليف مرسي أيام حكمه الغابر، واغتيال الدكتور فعت المحجوب رئيس مجلس الشعب في أكتوبر 1990، ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ عام 1995، واغتيال الدكتور فرج فودة يوم 8 يونيو 1992 ، هذا بخلاف التفجيرات التي شهدتها الكنائس والجرائم التي ارتكبت ضد المسيحيين.
هذا السجل الجرائمي الأسود هو الأساس الذي سارت الجماعة عليه في جرائمها خلال الفترة التي حكمت فيها، وكان قيام محمد مرسي بالإفراج عن الإرهابيين الذي مازالوا في السجون بسبب هذه الجرائم، وكذلك قرارته بالعفو عن الهاربين في الخارج والسماح لهم بالعودة هو أكبر دليل علي أنه وجماعته وهؤلاء يأكلون من طبق واحد، وأن حديث الإخوان الزائف عن السلمية كان مجرد توزيع أدوار بينها وبين باقي قوي الإرهاب.
لأجل ذلك نقول أن الطريق إلي ثورة 30 يونيو بدأ من زمان، بدأ منذ تأسيس هذه الجماعة الملعونة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة