لا توجد أى تأثير على جلسة مجلس الأمن المقبلة
"ملف سد النهضة" من أكثر الملفات الساخنة على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، فخلال مفاوضات استمرت بين الدول الثلاثة مصر والسودان وأثيوبيا 9 سنوات، شهد الملف منحنيات عدة من الصعود والهبوط، ووساطات دولية، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق، حيث تم الإعلان مؤخرا عن تعثر المفاوضات وقدمت مصر شكوى إلى مجلس الأمن الدولى حول الموقف وتبعتها كل من أثيوبيا والسودان، ومن ثم توسطت جنوب أفريقيا أمس الجمعة لعقد جلسة بالاتحاد الأفريقى، وتم الاتفاق على ضرورة التوصل لاتفاق قانونى ملزم لأن أى اتفاق لا يتضمن هذا لا يعد اتفاق، وأن تكون القواعد واضحة فى الحفاظ على مصالح الدول الثلاثة ومن أولويات مصر أن يتم ملء السد دون الإضرار بمصالح مصر والسودان".
ورغم ما تم الإعلان عنه أمس من الجانب الإثيوبي بوقف ملء السد، حتى يتم الاتفاق بين الدول الثلاث، إلا أنه وبحسب ما أعلنت عنه كالة الأنباء الإثيوبية، فإن الحكومة الإثيوبية تستعد لملء خزانات سد النهضة، ما يعكس التفافا على إعلانها أمس عدم ملء الخزانات قبل التوصل لاتفاق مع مصر والسودان.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى شارك أمس فى قمة مصغرة لرؤساء الدول الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقى عبر الفيديو كونفرانس لمناقشة قضية سد النهضة، وذلك برئاسة الرئيس سيريل رامافوزا رئيس جمهورية جنوب أفريقيا والرئيس الحالى للاتحاد، وبحضور كلٍ من أعضاء المكتب الرئيس الكينى أوهورو كينياتا، والرئيس المالى إبراهيم أبو بكر كيتا، والرئيس فيلكس تشيسيكيدى رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، بالإضافة إلى مشاركة عبد الله حمدوك رئيس وزراء السودان، و آبى أحمد رئيس وزراء إثيوبيا.
وقال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس أعرب خلال القمة عن الشكر للرئيس الجنوب أفريقى على مبادرته بالدعوة لعقد هذه القمة الهامة لتناول قضية سد النهضة بحضور الدول المعنية الثلاث، باعتبارها قضية حيوية تمس بشكل مباشر حياة الملايين من مواطنى مصر والسودان وإثيوبيا، مؤكداً تقدير مصر لحكمة وجهود جنوب أفريقيا الرئيس الحالى للاتحاد الأفريقى فى التعامل مع التحديات الاستثنائية التى تواجه القارة الأفريقية فى هذه المرحلة.
وأكد الرئيس أن مصر منفتحة برغبة صادقة فى التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن سد النهضة، على نحو يمكن إثيوبيا من تحقيق التنمية الاقتصادية التى تصبو إليها وزيادة قدراتها على توليد الكهرباء التى تحتاجها، أخذاً فى الاعتبار مصالح دولتى المصب مصر والسودان وعدم إحداث ضرر لحقوقهما المائية، ومن ثم يتعين العمل بكل عزيمة مشتركة على التوصل إلى اتفاق بشأن المسائل العالقة وأهمها القواعد الحاكمة لملء وتشغيل السد، وذلك على النحو الذى يؤمن لمصر والسودان مصالحهما المائية ويتيح المجال لإثيوبيا لبدء الملء بعد إبرام الاتفاق.
قال سامح شكرى، وزير الخارجية، إن هناك توافقا فى الرأى، وتعهد إثيوبى بعدم ملء سد النهضة إلا بعد التوصل لاتفاق مع مصر، مؤكدا عدم وجود أى تأثير على جلسة مجلس الأمن المقبلة، والمقرر لها بعد غداً الإثنين.
وأضاف شكرى أنه تم التوصل لتشكيل لجنة من فنيين يمثلون مصر وإثيوبيا والسودان، ومراقبين دوليين وبعض الدول الإفريقية للوقوف على وضع السد، ونسعى إلى اتفاق قانونى ملزم ويعتبر من مراجع الإسناد من اللجنة الفنية الحكومية.
وتابع : "وعقدت القمة بمبادرة من رئيس جنوب إفريقيا، وتم التوصل إلى ضرورة وجود اتفاق قانونى ملزم، وإلا لا يعتبر أى حديث بمثابة اتفاق"؟
وقال سامح شكرى، وزير الخارجية، إن ما نركز عليه أن هناك توافقا فى الرأى، وهناك تعهد من قبل إثيوبيا بعدم الإقدام على الملء إلا بعد التوصل لاتفاق.
وأضاف: "تحدثت مع وزير خارجية جنوب إفريقيا للتأكيد على فهم ما تم التوافق عليه وتوكل مفاوضات سد النهضة إلى فنيين من الدول الثلاثة ومراقبيين دوليين وبعض الدول الإفريقية مع التعهد بعدم اتخاذ أى إجراءات أحادية بشأن الملء أو التشغيل إلا بعد التوصل إلى اتفاق ووجود الإرادة السياسية".
وتابع: "وعقدت القمة بمبادرة من رئيس جنوب إفريقيا وتم التأكيد على ضرورة التوصل لاتفاق قانونى ملزم لأن أى اتفاق لا يتضمن هذا لا يعد اتفاق، وأن تكون القواعد واضحة فى الحفاظ على مصالح الدول الثلاثة ومن أولويات مصر أن يتم ملء السد دون الإضرار بمصالح مصر والسودان".
وأكد أنه ليس هناك تأثير على جلسة مجلس الأمن الاثنين المقبل، والتطور الذى حدث اليوم ليس له تأثير على مجريات جلسة مجلس الأمن فى إطار أن هناك مسارا إفريقيا معنى لفترة محددة وهذا لن يؤثر على الإدراك أو الاجتماع.
وقال وزير المياه الإثيوبى، اليوم السبت: "سيكون هناك اتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان، فيما يتعلق بملء سد النهضة فى غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، جاء ذلك بعد يوم واحد، من قمة افتراضية لزعماء الدول الثلاث، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا، الذى يرأس الاتحاد الأفريقي".
وقال وزير المياه والرى والطاقة الإثيوبى سيليشى بيكيلى على تويتر : "تم التوصل إلى توافق لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق سد النهضة الإثيوبى الكبير فى غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع".
وبعد تصريح وزير المياه الإثيوبي، قالت وكالة الأنباء الإثيوبية إن الحكومة تستعد لملء خزانات سد النهضة، ما يعكس التفافا على إعلانها أمس عدم ملء الخزانات قبل التوصل لاتفاق مع مصر والسودان، وقالت الوكالة فى تقرير لها نقلا عن المدير العام لوكالة خلق الوظائف وتنمية المشاريع في ولاية بني شنقول جوموز، بشير عبد الرحيم، إن إثيوبيا "بدأت عمليات تطهير الغابات يوم أمس على مساحة 1000 هكتار لبدء ملء سد النهضة الكبير"، وقال إنه "من أجل البدء في ملء سد النهضة في يوليو المقبل، بدأت الشركات التي تتكون من 2000 عضو في أنشطة التطهير"، مشيرا إلى أنه "من المتوقع أن تكتمل عمليات التطهير في أقل من شهر".
وأكد اللواء محمد إبراهيم الدويرى نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية أن التوجه المصرى الأخير وإحالة ملف سد النهضة الإثيوبى إلى مجلس الأمن كان له الأثر الإيجابى الواضح فى تحريك هذا الملف الشديد الأهمية ونقله إلى مرحلة جديدة نحو تدويل القضية، مشيرا إلى أن المجلس قرر عقد جلسة مفتوحة لبحث هذا الموضوع ومن ثم البدء فى التعامل الدولى مع هذه القضية التى تؤثر على السلم والأمن الدوليين.
واعتبر اللواء محمد إبراهيم، فى تصريحات له اليوم السبت، أن هذا التحرك المصرى المدروس بعناية قد أدى إلى قيام رئيس جنوب إفريقيا، وهو الرئيس الحالى للاتحاد الإفريقى، بمحاولة لإنقاذ مستقبل المفاوضات المتعثرة ، ومن ثم سارع إلى الدعوة بعقد قمة إفريقية مصغرة يوم أمس الجمعة مع رؤساء الدول الثلاث لبحث هذه الأزمة بهدف أن يتم حلها داخل الإتحاد الإفريقى .
وقال إن مصر لم تمانع فى المضى قدماً فى أية جهود سياسية من شأنها التوصل إلى حل لهذه الأزمة وقبلت الدعوة وشاركت بفاعلية فى هذا الاجتماع واتسمت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى بالموضوعية والوضوح والحسم ، حيث أكد على الموقف المصرى الثابت الذى لم ولن يتغير والمتمثل فى حق إثيوبيا فى التنمية الإقتصادية ولكن دون الإضرار بالحقوق المائية لكل من مصر والسودان مع رفض أن تبدأ إثيوبيا الملء الأول دون إتفاق ملزم للجميع.
وأضاف : "من الواضح أن هناك توافقا كاملا بين كل من مصر والسودان إزاء معارضة أية إجراءات أحادية الجانب ولاسيما فى ظل ما ردده المسئولون الإثيوبيون من اعتزامهم الملء الأول خلال الفترة القريبة القادمة حتى دون اتفاق ، الأمر الذى سوف يهدد المصالح المائية لكلتا الدولتين ، ولاشك أن التحركات المصرية والسودانية قد نجحت فى إلزام إثيوبيا بعدم ملء السد دون إتفاق".
ولفت اللواء محمد إبراهيم إلى انه من المقرر أن تبدأ على الفور أعمال اللجنة الحكومية التى تم الإتفاق عليها خلال القمة والتى ستضم خبراء قانونيين وفنيين من الأطراف الثلاثة بالإضافة إلى ممثلين من هيئة مكتب رئاسة الإتحاد الإفريقى وممثلى الجهات الدولية ( المراقبة ) وستركز هذه اللجنة أعمالها على التوصل لإتفاق ملزم يتضمن كافة النقاط الفنية والقانونية بشان قواعد ملء وتشغيل السد .
وتابع: "مازالت مصر تضرب المثل وتؤكد دوماً تمسكها بالمسار التفاوضى لحل الأزمة وتأمل فى أن تكون هذه المفاوضات بمثابة الفرصة الأخيرة التى ستتم داخل البيت الإفريقى بعد تسع سنوات من التفاوض من أجل التوصل إلى إتفاق عادل ومتوازن ومنصف وملزم يحقق مصالح كل من مصر والسودان وإثيوبيا" .
وأشار إلى أنه إذا كان تم الاتفاق خلال إجتماع الإتحاد الإفريقى المصغر "الجمعة" على إرسال خطاب إلى مجلس الأمن بما تم التوافق عليه لأخذه فى الإعتبار عند مناقشة القضية يوم 29 الجارى وبالتالى سيكون لهذا التوافق الأثر فى طبيعة القرار أو التوصية أو البيان الذى سيصدره المجلس ، إلا أن الشكوى التى تقدمت بها مصر إلى المجلس سوف تظل قائمة أو حاضرة حتى نرى طبيعة النتائج التى ستسفر عنها المفاوضات القادمة والتى تم تحديد فترة إسبوعين لها حتى يتم التوصل إلى إتفاق ملزم .
واكد اللواء محمد إبراهيم أن مصر لا تزال حريصة فى كل المراحل على الحل السياسى للأزمة سواء تم ذلك من خلال المفاوضات الثلاثية أو من خلال الإتحاد الإفريقى أو من خلال مجلس الأمن ، حيث أن الهدف النهائى الذى تسعى إليه القيادة السياسية المصرية هو الحفاظ على الحقوق المائية المصرية وهى قادرة بإذن الله على تحقيق هذا الهدف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة