لم يكن، حتى منتصف القرن التاسع عشر، هناك أى تشريع يخص تجارة الآثارفى مصر، فقد كانت آلاف القطع الأثرية من مجوهرات وتماثيل ونقوش وحتى آثار بأكملها قد نزعت من بيئتها الأصلية لتنضم إلى مجموعات خاصة أو مجموعات متاحف مختلفة حول العالم، وقد بدأ الولع الغربى بالآثار المصرية مع قدوم الحملة الفرنسية (1798-1801م) ونشر مجلدات متعاقبة من كتاب "وصف مصر" الذى خلق اهتمامًا عالميًا بمصر وآثارها القديمة، واليوم تمر ذكرى إصدار الوالى العثمانى محمد على باشا، أمرًا بإنشاء مصلحة الآثار والمتحف المصرى، وأسند إدارتهما إلى "يوسف ضياء أفندى" بإشراف رفاعة الطهطاوى، والذى كان نواة لأول وزارة للآثار المصرية وأول متحف مصرى.
بداية القصة كانت فكرة للحد من إخراج الآثار المصرية خارج البلاد، حسب ما يذكر موقع وزارة الآثار قد تمت فى يوم 15 أغسطس من عام 1835م، عندما قام محمد على باشا والى مصر بإصدار مرسوم يحظر تمامًا تصدير جميع الآثار المصرية والاتجار بها، وشمل أيضًا هذا المرسوم إنشاء مبنى بحديقة الأزبكية بالقاهرة استخدم كدار لحفظ الآثار، ولسوء الحظ كانت تلك القطع الأثرية عادة ما يمنحها حكام مصر لوجهاء أوروبا كهدايا، ومع منتصف القرن التاسع عشر تضاءلت مجموعة القطع الأثرية حتى نقلت إلى قاعة صغيرة بالقلعة، وفى عام 1855م، حينما زار الأرشيدوق النمساوى ماكسميليان (أحد أفراد العائلة المالكة فى النمسا) هذه القاعة وهو بالقاهرة، أعجب بالمجموعة الأثرية فأهداها له والى مصر عباس باشا ونقلت إلى فيينا.
خلال عام 1858م صدق سعيد باشا على إنشاء مصلحة الآثار التى كان اسمها الرسمى آنذاك "مصلحة الآثار" وذلك للحد من استمرارية الاتجار المحظور فى الآثار المصرية، وتم تعيين العالم الفرنسى أوجست مارييت كأول مدير لتلك المصلحة، وكانت تلك المصلحة الحكومية مسؤولة عن إقامة الحفائر والموافقة والإشراف على البعثات الأثرية الأجنبية. وقام مارييت بموافقة من الخديوى إسماعيل بإنشاء أول متحف وطنى فى الشرق الأوسط، وتم افتتاحه فى عام 1863م بمبنى حكومى مؤقت ببولاق "الأنتكخانة".
ويقول موقع وزارة الآثار، كانت مصلحة الآثار على مدار قرن تقريبًا تحت رئاسة علماء فرنسيين، وفى عام 1956م ومع جلاء قوات الاحتلال البريطانى نهائيًا أصبحت مصلحة الآثار هيئة حكومية مصرية خالصة، وكان أول مدير مصرى لها هو مصطفى عامر، الذى تولى منصبه فى عام 1953م واستمر نحو 3 سنوات.
وتبعت مصلحة الآثار وزارات الأشغال العامة، والتعليم، والإرشاد القومى بالترتيب، وخلال عام 1960م تم نقل تبعيتها إلى وزارة الثقافة، وفى عام 1971م وخلال فترة رئاسة جمال مختار تحولت مصلحة الآثار إلى هيئة الآثار المصرية، ثم تم تغيير الاسم من هيئة الآثار المصرية إلى المجلس الأعلى للآثار خلال عام 1994م، وذلك بموجب القرار الجمهورى رقم 82 لسنة 1994م، وأصبح الدكتور محمد عبد الحليم نور الدين أول أمين عام للمجلس الأعلى للآثار، وفى عام 2011م استقل المجلس الأعلى للآثار عن تبعيته لوزارة الثقافة وتحول إلى وزارة مستقلة وأصبح الدكتور زاهى حواس أول وزير لوزارة الدولة لشئون الآثار، وخلال عام 2015م تحولت وزارة الدولة لشئون الآثار إلى وزارة الآثار فى عهد حكومة رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة