يمتلئ التاريخ الإسلامى بالغرائب والحكايات، حول كرسى الخلافة والسلطنة، فمنذ وفاة النبى محمد "صلى الله عليه وسلم" وبداية دولة الخلافة الإسلامية مع الصحابى أبى بكر الصديق، وصولا إلى آخر سلطان عبد الحميد الثانى، آخر سلاطين الدولة العثمانية، تولى أمر الممالك الإسلامية مئات الخلفاء والملوك والسلاطين، بعضهم كانوا من أبناء الجوارى، والآخر جاء من عامة الشعب، وليس من آل البيت فقط.
وتبدو المرأة على مدار التاريخ الإسلامى غير موجودة فى أروقة السلطنة واكتفت بدور السيدة الأولى زوجة الملك أو السلطان، لكن بعضهن كانت طموحاته أكبر من ذلك، وربما الظروف أجبرتهن على تولى السلطة لإنقاذ البلاد، كان منهن جوارى ومحظيات ووصيفات للملوك والسلاطين، تزوجهم السلطان، وبعد وفاته شاءت الأقدار والظروف والطموحات أحيانا لتقودهم إلى كرسى الحكم.
ومن السيدات اللواتى استطعن الجلوس على مقعد السلطان وقيادة البلاد أو إحدى الممالك الإسلامية:
شغب
من الشخصيات العجيبة التي مرت عليّ في تاريخ الدولة العباسية: الجارية (شغب) والمتوفاة سنة 321 هـ، وهي أم الخليفة العباسي وأم أمير المؤمنين المقتدر بالله، والملقبة بالسيدة، تولى ابنها الخلافة العباسية فى الثالثة عشرة من عمره، فسار الحكم فى يد أمه "شغب" ، فظلت تحكمه وتحكم الخلافة إلى مقتل ابنها سنة 320هجرية أى ربع قرن من الزمان.
وبحسب دراسة للكاتب أحمد صبحى منصور، بسبب فساد "شغب" واحتقارها للأئمة والفقهاء حتى إنها عينت نفسها قاضى القضاة فى بغداد، حيكت المؤامرت ضدها وضد ابنها، ونجحت إحدى الثورات بقيادة القائد التركى مؤنس الخادم، وتولى الخليفة القاهر الذى قام بتعذيب السيدة شغب بيديه وقام بتعلقها من قدميها ويتركها، حتى الموت.
شجرة الدر
جارية مملوكية، لم يتفق المؤرخون على أصلها قيل إنها تركية، وقيل بدوية، وقيل من خوارزم، وقال البعض: لا بل أرمينية، ومع ذلك فقد اتفق الجميع أنها لعبت دورا مشهودا، حيث تولت عرش مصر لمدة ثمانين يوماً بمبايعة من المماليك وأعيان الدولة بعد وفاة السلطان الصالح أيوب، ثم تنازلت عن العرش لزوجها المعز أيبك التركماني سنة 648 هـ (1250م)، وبحسب الباحثين تولت شجرة الدر ترتيب أمور الدولة، وإدارة شئون الجيش في ميدان القتال، وعهدت للأمير "فخر الدين" بقيادة الجيش، وفي الوقت نفسه أرسلت إلى توران شاه ابن الصالح أيوب تحثه على القدوم ومغادرة حصن كيفا إلى مصر، ليتولى السلطنة بعد أبيه.
ويرى الدكتور ممدوح الدماطى، وزير الآثار الأسبق، أن شجرة الدر لم تكن أبدا حاكم معترف بشرعية حكمه، إلا أنها كانت صاحبة التغييرات الهيكلية فى الجهاز الحاكم للدولة الأيوبية، ويقال أنها شاركت لمدة 10 سنوات كاملة فى الحكم، وكان لها دور فعال فى السلطة مع زوجها، مشددا فى الوقت ذاته على إنها امرأة غيرت الأحداث التاريخية لمصر، وارتبطت ارتباطا مباشرا بعملية التغيير والانتقال من عصر الأسرة الأيوبية إلى عصر سلطنة المماليك، ولولا التقاليد والأعراف لكان شجرة شأن آخر، وربما كانت من أفضل حكام مصر.
السلطانة كوسم
في كتابه الدولة العثمانية في التاريخ الإسلامي الحديث، استعرض الكاتب إسماعيل أحمد ياغي تاريخ السلطانة "كوسم مهبيكر" أشهر النساء في التاريخ العثماني، والتي جاءت للقصر جارية للسلطان العثماني أحمد خان الأول، فوقع في حبها وتزوجها، وتمكنت من الوصول إلى الحكم عام 1603 حتى عام 1617 من الميلاد.
أنجبت السلطانة "كوسم" العديد من الأبناء، مثل مراد الرابع الذي تولى حكم السلطنة منذ 1623 إلى 1640 ميلادية، وإبراهيم الثاني الذي تولى الحكم 1640 إلى 1648 ميلادية، وبالتبعية تولت منصب "السلطانة الأم".
وصلت كوسم إلى نيابة السلطنة العثمانية بعد وصول حفيدها السلطان محمد خان الرابع إلى عرش السلطنة العثمانية، وكان يبلغ حينها ست سنوات، بعد عزل وقتل والده، ويشار إلى أن "كوسم" قدمت كوسم مجموعة كبيرة من الأعمال الخيرية التي لم تقم أي سلطانة أخرى بتقديمها.
السلطانة هورم
بحسب كتاب السلطان العاشق، تناول منصور عبد الحكيم قصة الحب الأسطورية التي نشأت بين السلطان سليمان القانوني والجارية ألكسندرا روكسلانا، التي اختلف على أصلها بين يونانية أو إيطالية، وإن استقر الرأي على كونها أوكرانية، ولدت لأب يعمل قسا أرثوذكسيا، ووقع السلطان في حبها من أول نظرة وتزوجها.
كان العرف السائد قبل سليمان القانوني، وتمسك به السلاطين العثمانيون، أنهم لا يتزوجون من الجواري، لكن القانوني كسر كل التقاليد وتزوج من ألكسندرا؛ مما أثار غضب أمه السلطانة "عائشة حفصة".
أطلق عليها السلطان "هورم" وتعني الباسمة، ومنحها صلاحيات واسعة لإدارة شؤون الحرملك، فأدخلت عليه إصلاحات كبيرة.
ويقال إنها السبب في إعدام الأمير مصطفى وريث العرش وابن السلطان من زوجته الأولى "مهد فران"، لتزيحه من طريق ابنها سليم، الذي تولى العرش، كما قيل إنها السبب الرئيسي في تخلص السلطان من الصدر الأعظم إبراهيم باشا، وإن كان البعض يرى أن أطماعه كانت السبب المباشر للحكم بإعدامه.
ويقول الكتاب إنها وأبناءها كانوا محط بغض الجيش والبلاط، وأطلقوا عليها لقب "الساحرة"، حيث كانت تزور الدجالين والسحرة، كما جرت العادة في عصرها، فقالوا بسحرها للسلطان، حيث كانت طلباتها مجابة دون قيد أو شرط.
قدمت العديد من الأوقاف الخيرية، وأنشأت المساجد والمدارس القرآنية، وبنت حماما لخدمة المصلين في آية صوفيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة