"ممسكا بزجاجة مياه يسكب منها في نهر النيل" بعد أن انتهى من صلاة القداس الإلهي في عيد دخول المسيح أرض مصر، هكذا كانت الصورة التى ظهر فيها قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وأثارت الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي إذ لم يفهم الكثير من المتابعين المسلمين معنى طقس تقديس مياه النيل وعلاقته بعيد دخول المسيح أرض مصر
لماذا سكب البابا تواضروس المياه في نهر النيل؟
يذكر موقع تكلا هيمونت المتخصص في اللاهوت المسيحي : في الاعتقاد المسيحي الماء المقدس هو ماء يبارك ويصبح له قدسية من قبل رجال الدين المسيحيين، وغالباً ما يحصل عليه الأقباط من الكنائس، ويتم استخدام الماء المقدس في الكنائس المسيحية الشرقية في كثير من الأحيان في طقوس المباركة وطرد الأرواح الشريرة، أو طقس المعمودية الذي يتقدس دائمًا مع بركة خاصة حسب المعتقدات المسيحية.
في الطقس الروماني وفي التقاليد المسيحية الغربية عمومًا يغسل الكاهن يديه عند قبل تلاوة طقس الأفخارستيا، كذلك الأمر في الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والكنائس الكاثوليكية الشرقية؛ يغسل الكاهن يديه بعد تلاوة قانون الإيمان، وعلى مر القرون، كانت هناك العديد من ينابيع المياه التي يعتقد أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية أنها تحوي مياه معجزة، منها حوض المياه أفرا في أوكرانيا ومياه ربيع الحياة ثيؤطوكوس في القسطنطينية.
في التقاليد المسيحية الشرقية وخاصًة الأرثوذكسية الشرقية يرتبط عيد الظهور الإلهي أو عيد الغطاس في الطهارة والاستحمام؛ حيث أنّ من مظاهر العيد في المجتمعات والدول ذات الطابع الأرثوذكسي مثل روسيا وبلغاريا واليونان وإسطنبول الغطس في بِرك المياه المتجمدة، ويرمز العيد إلى التطهر من الخطايا وغسلها.
لماذا حرص البابا تواضروس على تقديس مياه النيل في هذا العيد؟
يرتبط عيد دخول المسيح أرض مصر برحلة العائلة المقدسة التى بدأت حين جاء المسيح مع عائلته هاربا من فلسطين من بطش الملك هيرودس قاصدا صحاري مصر، وقد كانت كنيسة السيدة العذراء بالمعادي التى صلى فيها قداسة البابا تواضروس القداس أمس مرسى للسفن المتجه جنوبا إلى الصعيد، فقد لعب النيل دورا أساسيا في تلك الرحلة ومن ثم حرص البابا تواضروس على تقديس مياهه بالماء المبارك بعد أن استخدمته العائلة المقدسة في رحلتها عبر مدن ومحافظات الصعيد التى بدأت من بني سويف ثم المنيا ثم أسيوط.
البابا تواضروس ذكر في عظته أهمية النيل في رحلة العائلة المقدسة وقال: "الله يحمل محبة خاصة لمصر، رغم أن بلاد اليهودية التى ولد فيها السيد المسيح محاطة بدول كثيرة ولم تكن فى ذلك الزمان موجودة الحدود السياسية والجغرافية كما هو موجود فى خرائط اليوم، ولكن الله اختار مصر وكانت حدودها معروفة منذ الأزل ومعروف فى التاريخ أن مصر لم تندمج ولم تنقسم عبر التاريخ كله، الله يحمل محبة خاصة لمصر، لذلك اختارها أن تكون هى البلد الأمن الذى يستقبل المسيح واختارها برغم أنها بلد كبيرة وهذا حمل بركة خاصة لمصر ولكل المصريين منذ العصور الفرعونية فالمسيحية فالإسلامية ولكل المصريين على أرض مصر".
وأضاف البابا تواضروس:"ثانيًا الله اختار أن يفتقد وأن يرعى، فكأنه أعطانا فى هذا الرحلة درس فى الافتقاد، زاروا ما يقرب من 25 محطة أو منطقة (منطقة سيناء والعريش والفرما، منطقة بلبيس، شرق الدلتا ووسطها سخا جاء اسمها من كلمة (كعب يسوع)، ثم منطقة وادى النطرون التى صار فيها الأديرة وصار فيها أبراج الحمام حسب رؤية أمنا العذراء مريم، ثم فى منطقة القاهرة القديمة بكل مواضعها الأثرية الموجودة حتى يومنا هذا امتدادًا لمنطقة المعادى التى عدت من خلالها العائلة المقدسة، واتجهت من خلال نهر النيل إلى الجنوب امتدادًا إلى بنى سويف وجبل الطير فى المنيا حتى أسيوط وجبل قسقام ودير المحرق، الذى وجد فى المنطقة التى عبروا من خلالها وجبل درنكة ومواضع كثيرة فى القوصية ومير إلى آخره)".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة