أكرم القصاص - علا الشافعي

محمود عسكر

"كورونا" يزيد أزمة سوق السيارات.. واستراتيجة التصنيع المحلي الحل

الأربعاء، 03 يونيو 2020 04:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تواجه صناعة السيارات أزمة كبيرة حاليا، لعدة أسباب، أهمها توقف أغلب مصانع العالم بسبب تفشي فيروس كورونا، بالإضافة إلى توقف عمليات البيع تقريبا نتيجة تفضيل المستهلكين تأجيل عمليات الشراء للمنتجات غير الأساسية لحين استقرار الوضع، وذلك إلى جانب أن هذه الصناعة في مصر مثلا تواجه مشاكل كثيرة في السعر والإنتاج والتوزيع وغيرها.
 
وتحاول مصر منذ عشرات السنوات أن تقوم بتصنيع سيارة محلية 100%، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، ودائما ما يتوقف المشروع بشكل فاضح، وبدأت أولى المحاولات الجدية في عهد الزعيم جمال عبد الناصر، من خلال شركة النصر، إلا أن المشروع توقف وتعرضت الشركة للتصفية، ثم صدر قرار بعدم تصفيتها، واتفقت مؤخرا مع شركة صينية على العمل على إنتاج سيارة مصرية مرة أخرى، إلا أن المشروع توقف أيضا، فما هي معوقات إنتاج سيارة محلية مصرية؟
 
في البداية لكى تستطيع دولة ما أن تنتج سيارة، فيجب عليها أن تعمل في هذا الاتجاه بشكل منظم ويكون لديها رؤية واستراتيجية واضحة لتنفيذ هذا الهدف، وهو ما لم يتوافر مطلقا عند الحكومات المصرية المتعاقبة السابقة، والتى كانت تتعامل مع هذا الموضوع من منطلق دغدغة المشاعر الوطنية والتأثير على الجماهير فقط، وغالبا ما تكون تصريحات مسئوليها للشو الإعلامي فقط، ولم تعمل أي حكومة مصرية سابقة على وضع استراتيجية مدروسة لتنمية لصناعة السيارات في مصر بعد الرئيس عبد الناصر.
 
كما أنه حتى لو أن هناك نية ورغبة في صناعة سيارة مصرية محليا، لدى هذه الحكومات، فإنه لا يوجد قانون منظم لهذه الصناعة، ولا يوجد تنسيق بين مسئولي هذه الصناعة في الحكومة، ولا يوجد محفزات تقدمها الحكومة لمن يريد من المستثمرين أن يعمل في هذا المجال، سواء كان مستثمرا محليا أو مستثمرا أجنبيا، كما أن نظام الجمارك المصرى لا يراعي هذه الرغبة في تشجيع صناعة السيارات، وتفرض الحكومة على مكوناتها أو مستلزماتها المستوردة جمارك كبيرة جدا، مما يجعل تكلفة الصناعة عالية وبالتالي لن تستطيع أبدا المنافسة سواء في السوق المحلي أو الخارجى إن وجدت.
 
ووقعت الحكومة عدة اتفاقيات دولية خاصة بصناعة السيارات دون أن تراعى وضع السوق المحلي، مثل اتفاقية أغادير التى ألحقت بمصر ضررا كبيرا علي مستثمري صناعة السيارات، بالإضافة إلى اتفاقيات التجارة العالمية التى تم بمقتضاها إلغاء جميع الجمارك على السيارات المستوردة، وهو ما جعل أسعارها غير قابلة للمنافسة مع أي منتج محلي في المستقبل، كما أن الحكومة المصرية لا تقدم أى محفزات ضريبية أو جمركية على الواردات من مدخلات الإنتاج، فالمغرب كنموذج تقدم إعفاءات جمركية بنسبة 100%على الواردات و10% إعفاء ضريبى علي صناعة السيارات، كما تقدم تركيا 90% إعفاء ضريبي والبرازيل 43% على الإعفاء الضريبى وجنوب أفريقيا تصل الإعفاءات من 20% إلى 25 %، أما فى مصر فتقدم 15% ضريبة مبيعات علي صناعة السيارات ولا يوجد برامج ناجحة تدعم صناعة السيارات الوطنية.
 
ورغم أن هناك حقيقية عالمية هى أنه لا توجد دولة فى العالم تصنع سيارة بالكامل، بل غالبا ما تشارك فى تصنيع أجزاء منها، إلا أنه مع ذلك يجب على أى دولة تريد تصنيع سيارة محلية أن يكون لديها، أولا، على الأقل 85% من الصناعات المغذية لصناعة السيارات وهي تعتبر المكون الأساسي لصناعة السيارات، وتعتمد صناعة السيارات على مجموعة من الصناعات المغذية بين معدنية مثل الحديد والصلب، المواسير، أسطوانات الفرامل، وصناعات كيميائية مثل الإطارات، الدهانات، المواد العازلة واللاصقة وصناعات هندسية مثل الطلمبات، الفرامل، وصناعات كهربائية مثل المولدات، والفوانيس، إضافة إلى صناعات نسيجية وجلدية مثل فرش السيارات.
 
وفي مصر لا توجد هذه الصناعات إلا بشكل بسيط جدا، وأكثر من 90% من قطع غيار السيارات ومستلزماتها الضرورية والبسيطة هى مستوردة بالكامل، بالإضافة إلى أن مصر ليس بها تكنولوجيات جديدة لصناعة السيارات ولا مواتير السيارات القوية ولا مستلزماتها، فكيف نستطيع تصنيع سيارة وليس لدينا منتج لموتير مصرى، ومصنع فرامل ولا حتى صمولة وأدوات كهرباء ولا مولدات ولا فانوس إنارة ولا دهانات ولا سيور ولا إطارات ولا مسامير؟
ورغم أن هدف صناعة سيارة هو هدف يجب أن يكون قوميا، إلا أنه يجب أن يخضع لدراسة جيدة، وأن يوجد رغبة سياسية قوية لتحقيق ذلك، يتبعها رؤية استراتيجة للحكومة، يكون من أهم بنودها التوسع فى الصناعات الصغيرة المرتبطة بصناعة السيارات ومستلزماتها، وتهيئة السوق تشريعيا لذلك، ووضع حوافز ضريبية وجمركية للاستثمار فى هذا القطاع، ثم الاستفادة من التكنولوجيا العالمية فى هذه الصناعة بحيث نبدأ من حيث انتهى الآخرون..وساعتها فقط يمكن لهذا المشروع أن يبدأ من جديد ويرى النور.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة