مثلما قلنا إن الأرقام والإحصائيات لا يمكن أن تعبرعن واقع الخطر، فيما يتعلق بفيروس كورونا، فإن انخفاض الأرقام يومى الاثنين والثلاثاء الماضيين عما سبقهما لا يعد مؤشر اطمئنان، ولا يفترض أن يدفع إلى التراخى عن اتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية.
طبعا فإن أكثر الإصابات فى القاهرة والجيزة، لكنها ليست بعيدة عن باقى المحافظات، حيث تأتى القليوبية والمنوفية والفيوم والإسكندرية والبحيرة ضمن أعلى 6 محافظات فى نسبة الإصابة حتى آخر مايو، ووارد أن تتغير هذه النسب، مع وجود نسب منتشرة على مدى محافظات القناة والوجه القبلى وباقى الوجه البحرى، فضلا عن الوادى ومطروح، لكنها تحمل علامات تحذير من زحفها على باقى المحافظات بالوجهين البحرى والقبلى.
وبالفعل فإن بعض ممن كانوا يستهينون بالفيروس بدأوا فى الانتباه إلى أنه أصبح قريبا من دوائرهم، وبعض من تعاملوا بحرية وتحركوا وتجمعوا فى رمضان والعيد اكتشفوا أن بينهم إصابات مختلفة انتقلت إلى أسر ودوائر أخرى، مما أدى لتوسع فى الإصابات بشكل ظاهر، ويتوقع أن تتصاعد إصابات فترة العيد بعد مدة حضانة الفيروس لتمثل ذروة أخرى.
ولا نحتاج لتكرار القول إن فيروس كورونا وباء بلا سوابق ولا يوجد كتالوج ثابت أو بروتوكول محدد يمكن التعامل به، لكنها خبرات تتكون من التجارب فى الدول المختلفة وأيضا تجاربنا فى مصر، وهو ما انعكس فى تغيير أنظمة العزل، وبروتوكولات العلاج أكثر من مرة باستبعاد أدوية وإضافة أخرى، ومع هذا تظل هناك اختلافات بين المصابين وقدرتهم على التحمل.
ولا يستهين البعض بالدور الذى تلعبه الكمامة فى الوقاية وخفض نسبة العدوى وهى نصائح متفق عليها من أغلب الخبراء والأطباء، بل إن الكمامة تقلل من الإصابات بنسبة كبيرة، وكلما زادت الإصابات فإنها تشكل ضغطا على الجهاز الطبى.
البعض أعلن ساخرا أو متندرا أن ازدياد ارتداء الكمامة جاء بسبب الغرامة وليس خوفا من الفيروس، وهو تأكيد على صحة قرار فرض الغرامة، وإن كان البعض يطالب بعقوبات أخف تكون قابلة للتطبيق أفضل من عقوبات شديدة جدا قد تكون أقرب للاستحالة، وفى كل الأحوال، فإن الكمامة سوف تساهم فى خفض الإصابات، وتؤكد أهمية التباعد والوقاية، وبعد ذلك تأتى مرحلة العلاج التى تنجح أكثر كلما قل الضغط على الجهاز الطبى.
ولا نريد أن ننسى أن المستشفيات العامة والحميات والعزل والمركزية والجامعية هى التى تقوم بالدور الرئيسى فى مواجهة الفيروس منذ ظهوره، وتقوم بدور كبير مع وجود ضغط فعلى، وأيضا تزايد الإصابات يمثل عبئا على المستشفيات والمعامل، فضلا عن الفرق الطبية والتمريض، وكلما تضاعفت الإصابات تظهر الشكاوى والثغرات التى يكون بعضها بسبب الضغط والآخر بسبب إهمال فردى أو تقاعس إدارى، وهى مشكلات تحاول اللجنة العلمية والحكومة مع المحافظين حلها والتعامل معها بما يسهل تقديم الخدمة لكل مريض خاصة غير القادرين.
ويفترض أن يحاول القطاع الخاص الطبى التنازل مؤقتا عن بعض أرباحه لصالح مشاركة حقيقية فى مواجهة الفيروس، صحيح أن الحكومة تدخلت لتحديد الأسعار، لكن كلما كانت أسعار المستشفيات الخاصة مناسبة، كانت مكانا لجذب بعض الفئات القادرة أو الشركات التى لديها أنظمة تأمين طبى لتخفف الضغط عن المستشفيات العامة مما يسمح باستيعاب حالات أكثر.
بالطبع هناك ذروة وتوقعات بارتفاع فى أعداد المصابين، خاصة مع اتساع دوائر العدوى بشكل كبير وتغيير نظام العزل الشامل إلى عزل منزلى، وإلغاء عزل العائدين من الخارج، وكلها تتطلب استعدادات وتعاونا من القطاع الطبى الخاص، حتى يخفف الضغط على الجهاز الطبى، ويتيح فرصة أكبر لعلاج الجميع من فيروس لا يفرق بين أحد.