في تحول لمسار الدبلوماسية المعتاد بشأن حقوق الإنسان، وجهت دول تعرضت على مدى سنوات لانتقادات أمريكية في هذا الملف اتهامات للولايات المتحدة بتطبيق معايير مزدوجة أو فيما يعرف بالكيل بمكيالين. جاء ذلك في أعقاب اضطرابات اندلعت بعدد من المدن الأمريكية احتجاجا على وفاة رجل أسود متأثرا بالمعاملة القاسية التي تلقاها من أحد أفراد الشرطة.
فعلى مدى الأيام القليلة الماضية حثت الصين وإيران الولايات المتحدة على معالجة مشكلة العنصرية وحماية حقوق الأقليات. وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قد وصف في السابق الدولتين بإتباع أسلوب الحكم الشمولي والتصرف مثل المافيا.
وتجاهل المحتجون الأمريكيون حظر التجول الليلي للتعبير عن الغضب إزاء المعاملة التي تلقها جورج فلويد الذي لفظ أنفاسه الأخيرة بعدما جثم شرطي أبيض بركبته على عنقه لما يقرب من تسع دقائق في منيابوليس يوم 25 مايو أيار. وهدد الرئيس دونالد ترامب بنشر الجيش لإخماد الاضطرابات التي انتشرت على نطاق واسع.
واستخدمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون ينغ الكلمات التي تفوه بها فلويد قبل وفاته "لا أستطيع التنفس" في تغريدة نشرتها على تويتر ردا على مورجان أورتاجوس المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية والتي انتقدت تحرك الصين لفرض قوانين أمنية على هونج كونج.
وأفردت وسائل الإعلام الرسمية الصينية تغطية كبيرة للاحتجاجات حتى عشية الذكرى السنوية لحملتها العسكرية العنيفة ضد محتجين قبل 31 عاما وهو حدث نادرا ما تشير إليه. ففي الرابع من يونيو حزيران عام 1989 أطلقت القوات النار على طلاب في بكين. وتقول منظمات حقوقية إن الآلاف ربما سقطوا قتلى.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية زاو ليجيان في إفادة معتادة لوسائل الإعلام "الصين تستطيع التمييز بين الصواب والخطأ. نعارض دائما التمييز العنصري. يجب عدم تطبيق أي معايير مزدوجة بشأن هذه القضية".
وتطرق الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إلى هذه المسألة أيضا اليوم الأربعاء.
وقال في خطاب بثه التلفزيون "شعار (لا أستطيع التنفس) الذي أطلقه الناس ويمكن سماعه في الاحتجاجات الحاشدة في الولايات المتحدة، يجسد الكلمات النابعة من قلب جميع الدول التي اقترفت الولايات المتحدة العديد من الفظائع ضدها".
وأضاف "الجريمة التي ارتكبت بحق هذا الرجل الأسود هي نفس ما تفعله الولايات المتحدة ضد العالم بأسره" مشيرا إلى أفغانستان والعراق وسوريا وفيتنام.
وقُتل مئات الأشخاص في إيران في نوفمبر تشرين الثاني عندما اندلعت احتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود واعتبرت أسوأ اضطرابات مدنية تشهدها إيران منذ اندلاع الثورة عام 1979. واتهم كثير من الإيرانيين على وسائل التواصل الاجتماعي المؤسسة الدينية الإيرانية باتباع معايير مزدوجة في انتقادها لواشنطن بشأن الاحتجاجات.
ووجهت روسيا وتركيا أيضا انتقادات للولايات المتحدة وعبرتا عن الشكوى إزاء العنف الذي تعاملت به الشرطة مع مراسليهما الذين يغطون الاحتجاجات. وسبق أن تعرضت الدولتان لانتقادات من واشنطن بشأن حقوق الإنسان والتي تشمل حرية الصحافة.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان مطلع هذا الأسبوع "نعتبر أنه من غير المقبول لمسؤولي إنفاذ القانون الأمريكيين استخدام أدوات خاصة مثل الأعيرة المطاطية والغاز المسيل للدموع ضد ممثلي وسائل الإعلام بعد إبراز هويتهم الصحفية".
وقال فخر الدين ألتون رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية في تغريدة يوم الاثنين "حرية الصحافة هي أساس الديمقراطية".
وتقول لجنة حماية الصحفيين إن تركيا سجنت 47 صحفيا في نهاية عام 2019 لتحتل بذلك المرتبة الثانية بعد الصين في هذا الصدد.
ولم تعلق وزارة الخارجية الأمريكية على الفور على طلب للتعليق أرسل عبر البريد الإلكتروني.
وقال دبلوماسي أمريكي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بعد أن شاهد بعينه الاحتجاجات في واشنطن هذا الأسبوع إن الأساليب العنيفة التي تنتهجها الشرطة والوضع السياسي المنقسم جعل الدبلوماسية الأمريكية في وضع أكثر صعوبة.
وأضاف "استخدام أساليب استبدادية يشجع أعداءنا ويجعل حلفاءنا يشعرون بالاستياء.. يجعلنا نبدو مثل المنافقين. ويقوض مكانة أمريكا وقوتها وينال من أمن جميع الأمريكيين".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة