كيف كسرت الفيروسات مناعة الإنسان وتسببت فى الأوبئة؟ الحيوانات البرية السر.. الخفافيش تسببت فى أخطر وبائين السارس وكورونا.. القرود نقلت الإيدز والإيبولا للبشر.. والإنفلونزا أنتجت 3 سلالات بالطيور و3 بالخنازير

الخميس، 04 يونيو 2020 08:00 م
كيف كسرت الفيروسات مناعة الإنسان وتسببت فى الأوبئة؟ الحيوانات البرية السر.. الخفافيش تسببت فى أخطر وبائين السارس وكورونا.. القرود نقلت الإيدز والإيبولا للبشر.. والإنفلونزا أنتجت 3 سلالات بالطيور و3 بالخنازير
كتبت آية دعبس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، كوفيد 19، بالكيفية التى نشاهدها دق ذلك جرس الإنذار إلى الدور الذى تلعبه الحيوانات والقوارض البرية كعوائل وسيطة، ومخزن للفيروسات المتحورة، والقادرة على كسر حواجز المناعة الطبيعية للإنسان وتسبب له أوبئة بصورة مفاجئة وغير متوقعة، حيث أوضحت الدراسات الوبائية أن معظم هذه الأوبئة كانت من مصادر حيوانية سواء كانت متوطنة، أو وافدة، ويطرح ذلك تساؤل: كيف استطاعت بعض الفيروسات كسر الحواجز المناعية المتعددة للإنسان، وتسببت فى العديد من الأوبئة البشرية؟.

للإجابة على السؤال، قال الدكتور طارق مصطفى محمد، رئيس قسم الميكربيولوجى بكلية الطب البيطرى جامعة بنها السابق، إن الدراسات الوبائية أكدت أن معظم الأوبئة كانت من مصادر حيوانية، فقد انتقل فيروس سارس(COV-1) من الخفافيش عام 2003، ثم لحقه فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسى MERS من الجمال والخفافيش فى عام 2012، وانتقل الفيروس المسبب لمرض الإيدز HIV-1، وHIV-2، من القردة العليا(primates, chimpanzees ) ، وكذلك مرض الأيبولا، وانتقلت فيروسات الإنفلونزا من الطيور البحرية إلى الإنسان، وانتقل فيروس "هانتا"، من القوارض، وفيروس  "هندرا"، ومرض ماربيرج من الخفافيش غالبا، ومرض" Nipah"، من خفافيش الفاكهة، مشيرا إلى أن كل هذه الأمراض لم تكن معروفه من قبل فى الإنسان، وقد انتقلت من الحيوانات إلى البشر من خلال الاحتكاك المباشر وغير المباشر.

وأضاف محمد، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"،: معظم هذه الفيروسات تصيب أو تتعايش مع بعض أنواع الحيوانات التى عملت كناقل صامت للمرض، دون ظهور أية أعراض مرضية عليها بصفة عامة، واستطاعت هذه الفيروسات كسر الحواجز المناعية المتعددة للإنسان، وتسببت فى العديد من الأوبئة للإنسان، ولفهم كيف حدث هذا التحول يجب توضيح أن الله سبحانه وتعالى، وهب كل المخلوقات والكائنات الحية وسائل مناعية طبيعية تحد من انتشار الأمراض بين الكائنات الحية أبرزها ما يطلق عليه المركب التوافقى النسيجى الأساسى" MHC "، الذى يقوم بتنظيم وإدارة الأجهزة المناعية للكائنات الحية لمقاومة الجراثيم والفيروسات من خلال العديد من العمليات المعقدة التى تحمى الجسم من الإصابة بالأمراض، مثل عائلة الفيروسات المعروفة بـ"باراميكسو فيروس"، والتى تشمل فيروسات الحصبة التى تصيب الإنسان فقط، ولا تنتقل للأبقار أو الكلاب، وفيروس الطاعون البقرى، الذى يصيب الأبقار فقط ولا يصيب الإنسان أو الكلاب، وفيروس "الديستمبر" الذى يصيب الكلاب فقط ولا يصيب الإنسان أو الأبقار.

وتابع: وذلك نتيجة لتحكم مركب التوافق النسيجى( MHC antigen) ، فى فشل أو نجاح العدوى الفيروسية بين الكائنات المختلفة، ومثلا فيروس الحمى القلاعية ( FMD) الذى  يصيب المجترات ولكن لا ينتقل للجمال بينما هناك فيروسات تستطيع إحداث العدوى فى العديد من الفصائل الحيوانية والإنسان  مثل فيروس مرض السعار، والفيروسات بشكل عام هى كيانات دقيقة جدا، فأكبر هذه الفيروسات لا يبلغ  حجمه 250 ملي ميكرون، "المليمتر يساوى 1000 ميكرون"، ولذلك لا يشاهد إلا باستخدام المجهر الإليكترونى فقط، ويتكون فى أبسط صوره من حامض نووى أحادى النوع DNA أو RNA، بينما جميع خلايا الكائنات الحية الأخرى تحتوى على كلا النوعين، وهذا الحامض النووى يحمل الجينات الوراثية للفيروس والتى تتحكم فى كل خصائصه البيولوجية ويحيط بالحامض النووى جدار من البروتينات التى تميزه عن باقى الفيروسات.

واستطرد: وأحيانا يكون لبعض هذه الفيروسات غلاف من الجزيئات الدهنية، والتى قد تحمل على أجزاء منها نتوئات بارزة من مركبات بروتينية مندمجة مع مركبات كربوهيدراتية، ولا تستطيع الفيروسات أن تزداد فى العدد دون الاعتماد على خلايا كائن حى أخر لتصنيع مكوناته من المركبات من خلال عمليات كيمائية وبيولوجية معقده يتحكم فيها الحامض النووى للفيروس، وعند تمام نضج الفيروسات الجديدة تخرج لتصيب خلايا أخرى، وهكذا، وأثناء ذلك يتعرض الفيروس لحواجز مناعية متعددة للحيلوله دون تمام نضج الفيروسات الجديدة أو التهامها بواسطة الخلايا البلعمية الكبيرة، وأجسام مضادة.

نتيجة لهذه التفاعلات المناعية المتعددة مع الفيروسات أثناء عملية التعدد وتصنيع مكوناتها فى خلايا العائل يحدث تغييرات وتحورات جينيه للحامض النووى للفيروس، تولد العديد من السلالات المتشابهة ظاهريا من حيث الشكل والحجم والصفات الوراثية العامة، ولكن فى نفس الوقت تختلف كل سلالة عن الأخرى من حيث توالى وترتيب الجينات الوراثية للحمض النووى وبالتالى تحدث تغيرات هيكلية فى تراكيب الجزء الخارجى للفيروسات، التى تتعامل مع خلايا الكائن الحى، وهذه التغييرات قد تكون طفيفة ولا تتعدى إختلاف فى ترتيب الأحماض الأمينية المكونه للجزء البروتينى الخارجى، أو أضافة أو حذف أحماض امينية، ونتيجة لهذا تتولد سلالات جديدة مختلفة متغيرة عن الفيروس الأصلى ويكتسب صفات أخرى .

وهذا التحور يفسر ما حدث فى فيروس كورنا المستجد (COVID-19)، فقد انتقل فيروس كورونا من أحد أنواع القطط البرية إلى الإنسان وتسبب فى وباء سارس، عام 2003 وتسبب فى إصابة 8000 مريض توفى منهم 774 فى 37 بلدا خلال عام، وانتقل فيروس كورونا الشرق أوسطى ميرس من الجمال أو عن طريق القوارض الصحراوية فى السعودية عام 2012 إلى البشر، وأصاب حوالى 2494 مريضا توفى منهم 858.

وهناك صورة أخرى مشابهة لفيروسات كورونا تسببت فى إحداث أوبئة للإنسان، كانت لسلالات فيروسات إنفلونزا الطيور التى انتقلت من الطيور إلى الإنسان على صورة سلالات متتالية مختلفة من انفلونزا نوع A أهمها سلالة H5N1، وH7N9، وH9N2، وانتقل فيروس انفلونزا الخنازير إلى الإنسان من خلال سلالة H1N1، وH1N2، وH3N2، مع ملاحظة أن انتشار أوبئة إنفلونزا الطيور اقتصرت على عدوى الإنسان عن طريق الاحتكاك المباشر، وغير المباشر بالطيور، أو الخنازير المصابة الحاملة للفيروس أو مخلفاتها، ولم تبلغ مرحلة انتقال الفيروس من إنسان إلى أخر، وتعتبر الطيور خاصة الطيور البحرية مخزن طبيعى لهذه الفيروسات دون ظهور أعراض مرضية على الطيور الحامله للفيروس.

ولفت إلى أن عدم إحترام الإنسان للطبيعة الأيكولوجية التى تعيش فيها هذه الحيوانات البرية، وكذلك هجرة الطيور وخرق القوانين الدولية الخاصة بتجارة الحيوانات البرية، وانتهاك حرمات المحميات الطبيعية والتغيرات البيئية، نتيجة لارتفاع نسب تلوث البيئة المحيطة من ماء وهواء وتربة، كل ذلك ساهم بطريقة ما فى انتشار مثل هذه الأوبئة.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة