تشهد الولايات المتحدة الأمريكية حاليا موجة عنيفة من المظاهرات والاحتجاجات على خلفية قتل مواطن أمريكى أسود يدعى جورج فلويد مدينة منيابولس، على شرطى هو يضع ركبته على رقبته والضحية تصرخ "لا أستطيع التنفس"، مما أثار الغضب فى نفوس الأمريكيين نتيجة الممارسات العنصرية التى تقوم بها الشرطة ضد المواطنين السود.
ولعل تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية مع العنصرية خاصة ضد المواطنين السود كبير وعنيف أيضا جدا، لكن يبدو أن العنصرية الأمريكية متنوعة، وعلى مدار تاريخ الأمريكيين مارسوا العنصرية ضد العديد من الفئات المشاركة فى المجتمع الأمريكى، حتى أن السكان الأصليين وهم الهنود الحمر، لم يسلموا من العنصرية وعمليات الإبادة الجماعية الممنهجة ضدهم.
الأمريكيين السود
منذ فترة الحقبة الاستعمارية والحرب الأهلية الأمريكية، والعنصرية فى الولايات المتحدة ضد السود متجذرة فى مؤسسات الدولة لتحرص على التدنى الدائم لأوضاعهم، ورغم النضال الكبير من القس الراحل مارتن لوثر كينج، ووصول مواطن أمريكى أسود باراك أوباما ليكون الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن كل استطلاعات الرأى تبين تغلغل العنصرية داخل المجتمع الأسود، وتبدو الأحداث الأخيرة بعد وفاة جورج فلويد دليلا على استمرار العنصرية ضد المواطنون السود.
وتعيد واقعة قتل الشاب الأسود "جورج فلويد" إلى الذاكرة واقعة مماثلة فى الماضى القريب عام 2018 بمقتل الشاب الأسود "ديانتى ياربر" بـ 20 رصاصة على يد الشرطة الأمريكية، والشاب "ستيفون كلارك" الذى قتل برصاص الشرطة فى ساكرامنتو عاصمة ولاية كاليفورنيا، ولم يكن مسلحاً وقد تحولت الجنازة فيما بعد إلى مسيرة حاشدة ضد عنف الشرطة الأمريكية.
الهنود الحمر
على مدار التاريخ الأمريكى، تم ممارسة العنف الممنهج ضد المواطنين الأصليين لأمريكا "الهنود الحمر" واتهمت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز العنصرى بجنيف فى يونيو 2010، حكومة الولايات المتحدة باضطهاد السكان الأصليين لأمريكا، وأنها فشلت فى تطبيق القوانيين الدولية لمنع التمييز العرقى، وأن المؤسسات الأمريكية تشهد تفرقة قوية ضد النافاجو بما يشمل العدالة الجنائية، داعية الحكومة الأمريكية لوقف هذا الاضطهاد بشكل فورى.
وفى عام 2005 شكت ممثلة نافاجو فى مهرجان حضارات وثقافات شعوب الصحارى، "ماكس فيليبس" من تجارب اليورانيوم التى تجريها الحكومة الأمريكية بالقرب من مناطق وجودهم دون رعاية لحقهم فى صحة جيدة ومعيشة أفضل، بينما اضطر الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما لإجراء تسوية كبرى مع النافاجو فى 2014، إذ دفع مبلغ يقدر بـ554 مليون دولار لإسقاط دعوى قضائية رفعتها قبيلة الهنود الحمر ضد الحكومة الفيدرالية لإساءتها إدارة موارد القبيلة ما نتج عنه زيادة فى تلوث البيئة وارتفاع نسب الإصابات بالسرطان نتيجة عدم وضع إطار صحى لحماية مواطنين المنطقة من آثار استخراج اليورانيوم.
معاداة الإيرلنديين
المعادية للأيرلنديين جذورها تعود إلى العصور الوسطى واستمرت فى العصر الحديث وعصر التنوير ويتضح أيضا فى الهجرة الإيرلندية إلى بريطانيا العظمى وأمريكا الشمالية واستراليا و نيوزيلندا وجنوب أفريقيا، حتى أنه فى منتصف القرن التاسع عشر، أضرمت النار فى الكنائس الإيرلندية والكاثوليكية ومنازل المهاجرين الأيرلنديين فى الولايات المتحدة الأمريكية حتى تحولت إلى ركام ورماد، تعرض المهاجرون القادمون من أوروبا الشرقية والوسطى إلى الشيطنة واعتبروا مجرد "كسالى وسكيرين".
غنيت العديد من الأغانى الايرلندية بعد عام 1860 بشعارات (نينا)، كانوا يهتفون المساعدة مطلوبة – لاحاجة لنا بالايرلنديين، كان الاختلاف بين لا توجد حاجة للايرلنديين أو (نينا) إذ كانت أغنية لا توجد حاجة للايرلنديين لعام 1862 مستوحاة من شعارات (نينا) فى لندن، قام الأمريكيون الإيرلنديون لاحقا بتبنى القصائد والأغانى لتعكس التمييز الذى شعروا به فى أمريكا.
العنصرية ضد المسلمين
المسلمون أيضا يعانون كأقلية العنصرية الممنهجة التى تصل إلى حد العنف فى بعض الأمور من جانب المتطرفين، فى الولايات المتحدة الامريكية، وقال ما يزيد عن ثمانية من كل 10 أمريكيين إنهم يعتقدون أن المسلمين يواجهون على الأقل بعض التمييز فى المجتمع الأمريكى، متجاوزين الفئات الكبرى الأخرى، حسب استطلاع للرأى أجراه مركز Pew الأمريكى للأبحاث، بخصوص العنصرية فى أمريكا يوم الإثنين 15 أبريل 2019.
وحسب شبكة CNN الأمريكية، فإن حوالي 82% من المشاركين، قالوا إن المسلمين يواجهون تمييزاً، مقارنة بقولهم الأمر نفسه عن مجموعات أخرى مثل الهسبان أو المثليين والمثليّات. وقالت نسبة أقل قليلاً بلغت 80% إنهم يعتقدون أن أصحاب البشرة السمراء يواجهون على الأقل بعض التمييز.
لقد أظهرت الأرقام الاحصائية الصادرة عن الشرطة الفيدرالية الأمريكية أن 58% من جرائم الكراهية على أساس ديني كانت موجهة ضد اليهود، مقارنة بنسبة 17% الموجهة ضد المسلمين. أما التقرير الصادر سنة 2015 عن المركز القانوني الجنوبي فقد أظهر أن هناك 34 جماعة معادية للمسلمين تنشط في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب عشرة تنظيمات تنكر المحرقة اليهودية – الهولوكوست – و19 منظمة «مسيحية الهوية» معادية للسامية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة