تواجه الولايات المتحدة، اقترانا استثنائيا لثلاث أزمات كبيرة هى الوباء العالمى، وركود اقتصادى عميق، وحركة مناهضة للعنصرية، فهل تعيد هذه الأزمات تحديد الرهانات السياسية الكبيرة، قبل خمسة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية التى يصعب أكثر فأكثر التنبؤ بنتائجها.
وتسالت قناة الحرة عبر موقعها الإلكترونى ما إت كانت البلاد تشهد لحظة تحوّل اجتماعي كبير؟ أم أن التفاوتات التى فاقمت تفشي فيروس كورونا المستجد ستبقى أو حتى تنتعش؟
فُرض السؤال منطقيا في خضم الحملة الرئاسية التي يتواجه فيها الرئيس الحالى،دونالد ترامب ،وخصمه الديموقراطى جو بايدن ، الذى حصل مؤخرا على دعم رسمي وتسميته كمرشح الحزب الديمقراطي فى الانتخابات المقرر لها نوفمبر المقبل.
توفي قرابة 110 آلاف أمريكى جراء كورونا المستجد، وهى أعلى حصيلة وفيات للوباء في العالم. وخسر عشرات الملايين وظائفهم بعد اتخاذ قرار وقف العجلة الاقتصادية للحد من تفشي المرض.
في الوقت نفسه، تعم المدن الأمريكية حركة احتجاجية واسعة ضد العنصرية بعد وفاة المواطن من أصول إفريقية جورج فلويد، على يد شرطي أبيض في مينيابوليس.
يرى المفكر كورنيل ويست أن تضافر الأزمات هذا هو "لحظة حقيقة بالنسبة لأمريكا".
من جهته، يعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا دانيال جيليون "أنها لحظة صعبة جدا"، ونقلت قناة الحرة عن الخبراء السياسيين ، أن هذه الأزمات كانت "فظيعة" بالنسبة للأمريكيين من أصول إفريقية الذين يعانون تاريخيا من وصول محدود إلى نظام الصحة وهم أفقر من الأمريكيين البيض، وغالبا ما يسقطون ضحايا لعنف الشرطة.
وأضاف "لا أذكر فترة مروا خلالها السود بمثل هذه الاضطرابات وبمعاناة من هذا القبيل وصعوبات من هذا النوع".
وتضرر الأمريكيون من أصول إفريقية كثيرا جراء تفشي وباء كوفيد-19، وإذا سجل معدل البطالة تراجعا مفاجئاً في مايو بـ 13.3 % ، إلا أنه ارتفع إلى 16.8% لدى الأمريكيين السود.
وعاود جرح التفاوتات العنصرية نزفه إثر مأساة مينيابوليس، عندما ضغط الشرطى الأبيض ديريك شوفن، بحسب مقاطع مصورة، بركبته على عنق جورج فلويد حتى اختنق وفارق الحياة.
وقالت كايلا بيترسون (30 عاما) هذا الأسبوع أثناء تظاهرة في مينيابوليس "لدى أميركا السوداء ركبة على عنقها منذ إلغاء العبودية، لم نكن يوما أحرارا".
القانون والنظام
كان بإمكان الرئيس دونالد ترامب أن يلعب دور المهدئ. إلا أنه لم يفعل واتُهم بتأجيج المشاعر عبر خطاب عسكري ودعوات إلى تطبيق "القانون والنظام" ضد "لصوص" و"مثيري شغب".
وكان يهدف خروجه من البيت الأبيض في مطلع الأسبوع الماضي لالتقاط صورة حاملا الكتاب المقدس بيده أمام كنيسة تضررت بسبب التظاهرات، إلى توجيه رسالة لناخبيه التقليديين، المحافظين والإنجيليين.
وقال المرشح الديمقراطي جو بايدن إن ترامب "غير مؤهل بشكل خطير" لمنصب الرئاسة.
ويبدو بايدن الذى غاب لأسابيع عدة عن الساحة السياسية بسبب العزل في منزله في ولاية ديلاوير، مصمماًعلى اغتنام اللحظة.
يرى الديمقراطي المحنك (77 عاما) فرصة لتقديم نفسه على أنه جامع ورجل صلح قادر على جمع الجناحين التقدمي والمعتدل في حزبه مع استقطاب الناخبين المستقلين الذين ينفرون من ترامب.
وكتب في تغريدة الجمعة "حان الوقت لأن يصبح الوعد الذي قطعته هذه الأمة حقيقة لجميع سكانها".
رئيس في موقع قوة
يعتبر خبراء أنه رغم أجواء الفوضى، لا يزال ترامب فى وضع جيد مؤات لإعادة انتخابه.
وقال دانيال جيليون "إذا تمكن الرئيس من التحدث في مسألة الأعراق بشكل بناء، إذا كان قادرا على قيادة استئناف (النشاط) فى مجالي الصحة والاقتصاد"، فسيظهر أنه رئيس في موقع قوة.
غير أن شعبية ترامب شهدت في الفترة الأخيرة تراجعا في استطلاعات الرأي، خصوصا في صفوف الناخبين الأساسيين لإعادة انتخابه: المسنون والمسيحيون الإنجيليون.
وقد ينفر تأخره في اتخاذ إجراءات في بداية تفشي الوباء إضافة إلى تهديداته بنشر الجيش مقابل المتظاهرين، جزءا من أصوات النساء.
واعتبرت ناديا براون، أستاذة العلوم السياسية والدراسات حول الأميركيين من أصول إفريقية في جامعة بورديو، أن النساء ذوات البشرة البيضاء "منزعجات من إدارته للوباء"، إلا أن كل ذلك لا يقدم لجو بايدن انتصارا على طبق من فضة. ورأت براون أن بايدن هو "قط بسبع أرواح، لكن ترامب لديه 12" روحا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة