تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الاثنين، العديد من القضايا الهامة أبرزها أنه منذ بداية ظهور فيروس "كورونا" وتحوّله إلى وباء، تجاهل كثيرون، تصريحات صدرت فى كثير من الدول - ولو على شكل تلميحات - مفادها أن الأولوية في العلاج لليافعين.
سام منسى
سام منسى: صحة العالم من صحة أمريكا
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط، تصدر مقتل المواطن الأمريكي من أصول أفريقية جورج فلويد في مينيابوليس العناوين الأولى ونشرات وافتتاحيات جميع وسائل الإعلام في العالم، ما يدل لمن ينقصه الدليل، على أن كل ما يحصل في الولايات المتحدة لا يزال يحتل صدارة الاهتمامات، سواء لدى الشغوفين بها أو مناهضيها وحتى الممعنين في كراهيتها. وعلى الرغم من أن هذا الحدث الأمريكي ليس الأول من نوعه، ولن يكون للأسف الأخير، فإنه وقع في خضم حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية ووسط تجاذب سياسي حاد واستقطابات حزبية عالية التوتر، ويعقب مرحلة لافتة قوامها تراكم تداعيات حكم الرئيس السابق باراك أوباما التي بالمناسبة لم تجترح جديداً في المسألة العنصرية التي تنهش الجسد الأمريكي، وما تبعها من ردة فعل لدى قاعدة اليمين الأمريكي تمظهرت بوصول مرشح من خارج الطبقة التقليدية إلى سدّة الرئاسة هو دونالد ترامب.
وعلى الرغم من فظاعة مشهد قتل فلويد نتيجة سحق عنقه بركبة الشرطي الأبيض صاحب السجل المثقل وما يمثلّه من خطورة، فإن الحدث يحتمل عدداً من المقاربات والملاحظات، أبرزها أولاً المبالغة في رد فعل المعادين والمناهضين لأمريكا حتى وصل بهم الأمر إلى وصف ما يجري بأنه نهاية "الإمبراطورية الأمريكية"، متوقعين أن تغرق في حرب أهلية تُسقطها بضربة قاضية. وثانياً ردود فعل المؤيدين، لا سيّما أولئك المدافعين عن إدارة ترامب وتعاطيها مع قضايا داخلية وملفات خارجية.
أمجد عرار
أمجد عرار: كبار السن و"كورونا"
قال الكاتب في مقاله بصحيفة البيان الإماراتية، إن منذ بداية ظهور فيروس "كورونا" وتحوّله إلى وباء، تجاهل كثيرون، بمن فيهم ناشطون حقوقيون، تصريحات صدرت في كثير من الدول - ولو على شكل تلميحات - مفادها أن الأولوية في العلاج لليافعين.
عشرات الأطباء أدلوا بشهادات تفيد بالمعنى ذاته، وأقروا بأنهم منحوا الأولوية في أجهزة التنفس الصناعي للشباب، ما يعني ترك كبار السن يواجهون مصيرهم. وثمة تقارير تتحدث عن وقائع مفزعة من الإهمال في دور المسنين الذين فتك بهم المرض.
يمكن القول إن هذه الوقائع لا تمثّل حالة عامة، حيث إن الإنسانية أقوى كثيراً من التمييزية، والرحمة أعلى شاناً من التوحّش. لكن، من المؤسف والمحزن أن يخرج "خبير طبي" أو إعلامي متفذلك للحديث عن الوباء، وفي ذهنه طمأنة الناس، مستخدماً من ضمن عناصر محدّدة تعبير "كبار السن هم الفئة الأكثر تعرّضاً للفيروس". ربما تقول الوقائع والأرقام هذا، لكن أن يصدر عن إنسان، فهو تعبير تمييزي.
كبار السن أكثر استماعاً لوسائل الإعلام، وهم أول من تصلهم هذه الفذلكات البلهاء، بحكم وجودهم في المنازل وقتاً أطول. وهذا يعني أن القليل من كلام "الطمأنة" لفئات من الناس، يحمل في طياته كثيراً من الإحباط لفئات أخرى.
النظر لمسألة أن استهداف الفيروس لكبار السن فيه "منفعة" اقتصادية يعكس وجود فيروس ثقافي وأخلاقي أشد خطورة. فالشباب لم ينعموا بما هم عليه اليوم إلا بفضل ما أوجده لهم هؤلاء المسنون. هؤلاء هم آباؤنا وأمّهاتنا وأجدادنا وجدّاتنا، فهل من إنسان يفرّط في خمس دقائق بقيت من عمر أبيه أو أمّه أو جدّه أو جدّته؟. وهل هذه مكافأة من عبّدوا لنا الطريق بتعبهم وتضحياتهم لكي نمُرّ؟
حياة الإنسان مقدّسة، وحقّه في العلاج مقدّس. من الممكن قبول منح الأولوية في العلاج وفق معيار "الأشد خطورة"، لكن من دون إدخال أي معايير أخرى، ومنها العُمْر، في هذه المعادلة.. لأنها ستكون تمييزاً مقزّزاً.
حسام ميرو
حسام ميرو: الإرادة العامة فى العالم العربى
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الخليج الإماراتية، إن تجاهل التحولات التي طرأت على الإرادة العامة من شأنه أن يغلق منافذ التحولات الآمنة، ويفتح الباب أمام تصدعات كبيرة في البنى المجتمعية.
يغيب مصطلح "الإرادة العامة" في الحياة السياسية داخل بلدان العالم العربي؛ إذ إن هذا المصطلح السياسي الاجتماعي الذي يعد مصطلحاً دستورياً بامتياز، غاب على الدوام لمصلحة تعبيرات أخرى تمثل أهداف الأنظمة السياسية في مرحلة بعينها، مع أن الغايات الرئيسية لأي نظام حكم ينبغي أن تكون مشتقة من الإرادة العامة، حتى تكون أهدافاً مطابقة مع احتياجات المجتمع.
استخدم الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو (1712 1778) مصطلح الإرادة العامة للتعبير عن "مصالح الجماعة وقيمها الأساسية المشتركة"، وأصبح هذا المصطلح أساسياً في بناء العقد الاجتماعي وكتابة الدساتير، حيث ينبغي أن تعكس الدساتير مصالح وقيم الشعب الذي تعبر عنه، فالدستور وثيقة توافقات مواطني ومواطنات أمة من الأمم، ويشكّل إطاراً جامعاً لأهم المشتركات في ما بينها، ولا بد له لكي يكون شرعياً أن يضمن مصالح مختلف الفئات الاجتماعية.
يأخذ مصطلح الإرادة العامة في الحسبان، أن المجتمع هو كل أكبر من جميع أجزائه؛ أي أنه أكبر وأهم من حيث المفهوم والقيمة من مفهوم الجماعة، لكن هذا لا ينفي؛ بل يؤكد ضرورة آليات تمثيل الجماعات في المجتمع؛ إذ لا يمكن لأحد ما أن يجزم بماهية "مصالح المجتمع وقيمه العامة"، فالمجتمع ليس وحدة صماء؛ بل طبقات وميول وانتماءات ومصالح متناقضة، وهذا التنوع في التباينات الاجتماعية من شأنه أن يطرح سؤال التباين في المصالح والقيم، فالاستقرار الاجتماعي بوصفه غاية عليا لا يمكن تحقيقه من دون تحقيق منصف لمصالح الجماعات في المجتمع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة