أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد ثروت

حرائق بيروت ومذكرات صلاح ذكي( 1)

الثلاثاء، 09 يونيو 2020 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
آخر زيارة لي للعاصمة اللبنانية بيروت في فبراير الماضي قبل الحظر وكورونا، لم تكن بيروت التي عرفتها من قبل واشتهيت كل شىء فيها، فقد تغيرت عن صورتها التي اعتدت عليها وعشقتها وظلت غواية السفر لها تلاحقني دائما، مع كثرة الأصدقاء هناك شمالا وجنوبا، تذكرت ذلك وأنا أسير في الطريق إلى جامعة القديس يوسف في شارع دمشق، حيث آثار الاحتجاجات في الشوارع والاعتداء على المصارف، وأجواء أخرى من الحذر، بخلاف جو الاحتفالات والمهرجانات التي كانت لا تنتهي في المدينة وضواحيها طوال العام.       
 
تلك الأجواء الساخنة عادت مرة أخرى السبت الماضي، متمثلة في الاحتجاجات على الواقع الطائفي الذي يؤجج الانقسام وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية،  وقد خرجت تلك الاحتجاجات عن مسارها، عندما تدخلت أطراف خفية لإشعال الفتن المذهبية، والإساءة للرموز الدينية، وهي أجواء تعيد إلى الأذهان أيام الحرب الطائفية الطويلة 1975-1989.   
  ربما تكون البيئة مهيئة لصدور كتابي الجديد"عشت حرائق بيروت: ذكريات السفير المصري صلاح ذكي"، لما فيه من دروس وعبر الماضي للاستفادة منها في الحاضر والمستقبل.
 
 استغرقت أربع سنوات في تسجيل تلك المذكرات، طبقا لانشغال صلاح ذكي وظروفه الصحية، وأحيانا أخرى لتوثيق الوقائع التي رواها لي والأحداث، حتى تكون مذكرات تاريخية بطريقة علمية وليست مجرد روايات متناقضة يجعل صاحبها من نفسه البطل الوحيد في الأحداث، كمعظم المذكرات والذكريات السردية المختلطة بالرؤية الذاتية بعيدا عن الموضوعية.    
 
تعرفت على السفير صلاح ذكي عن طريق السفير رياض سامي (ت2009) حيث كان ذك يعمل معه سكرتيرا ثانيا في السفارة المصرية بعمان بالأردن فترة أيلول الأسود 1970. واستمرت لقاءاتنا في بيته الراقي الجميل بحي المعادي، حيث كان يعيش هناك آخر أيامه ثم عمله مديرا لمكتب وزير الخارجية محمد حسن الزيات في حرب أكتوبر 1973 وانتقل إلى بيروت فترة الحرب الأهلية كقائم بأعمال السفارة المصرية هناك، وبعد ذلك عمل في الأمم المتحدة وتولى مناصب عديدة حتى وفاته.  
 
ويقول صلاح ذكي: "كانت صلتي ببيروت كمدينة يخيم عليها الخوف والرعب وسكون الموت وريح الإهمال، مدينة يخيم على أجوائها روح معارك الحروب الأهلية التي زرعت حقد السنين، يقطع السكون فيها فى عز النهار تبادل إطلاق النار بين المناطق يتبعه دوى انفجارات ،مدينة يسود في جوها رائحة البارود. هجرمقر مجلس نوابها الذي وقع فى مرمى القناصة ،بين الأطراف المتصارعة، مدينة تنقسم إلى شرقية وغربية تفصل بينها معابريخيم عليها ظلال الموت لمن يقترب منها، طرحت أرضها وشقوق أسفلت شوارعها الطحالب البرية كعلامة مميزة لطول هجرها، يسيطر على كل حى داخلها جبهة أو حركة إسلامية أو تنظيم مسيحي لبناني أو تنظيم فلسطيني .لاسلطة له الا فى داخل منطقته ولا جيش إلا مسلحوها. وبدا لبنان كمستنقع من الرمال المتحركة تحتاج معرفة دقيقة لمن يتحرك فيها".وللحديث بقية.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة