يبدو أن انبهارنا بالديناصورات تلك الكائنات الضخمة التى انقرضت قبل أن يأتى الإنسان على الأرض لن ينتهى، انبهارا عززته الأفلام السينمائية والوثائقية التى تزعم أنها تجسد هذه الكائنات بدقة وكأنها تعيدها إلى الحياة، لكن إلى أى مدى يمكن الوثوق فى تلك الصورة التى رسمتها تلك الأفلام، ومدى اقترابها من الحقيقة؟ وهل تعكس حقا الاكتشافات الجديدة وأحدث الأبحاث فى عالم الديناصورات؟ هذا ما حاول كتاب "الديناصورات.. مقدمة قصيرة جدا" للمؤلف ديفيد نورمان الإجابة عنه.
يكشف ديفيد نورمان فى هذا الكتاب كيف مزج العلماء بين علوم التشريح والوراثة والطب الشرعى، وأيضا علم التصميم الهندسى، لتكوين صورة عن شكل الديناصورات، وطبيعة غذائها، وطريقة تحركها وتفاعل بعضها مع بعض، ومن خلال البحث فى طريقة تطور الحياة الحيوانية على سطح الأرض، يلقى المؤلف الضوء على موضع الديناصورات فى التاريخ التطورى.
وربما أبرز الصور التى ترسمها الأفلام السينمائية عن تلك الكائن الأسطورى، هو اسطاعته الطيران، وهو ما يتوقف عنده المؤلف، حيث يوضح الكتاب أنه ومن منتصف القرن التاسع عشر فصاعدا، عثر على آثار على فترات منتظمة إلى حد ما، فى أجزاء مختلفة من العالم، ومع فهم تشريح الديناصورات، وبالأخص شكل أقدامها، اتضح أن آثار الأقدام الضخمة الثلاثية الأصابع التى "تشبه أقدام الطيور"، التى عثر عليها فى صخور تعود لحقبة الحياة الوسطى، تنتمى إلى ديناصورات أكثر منها إلى طيور عملاقة.
وفى عام 1999 ظهر مقال فى مجلة ناشونال جيوجرافيك يلقى الضوء على أوجه الشبه بين الديناصورات والطيور، التى أظهرتها الاكتشافات الحديثة فى مقاطعة لياونينج فى الصين، كشف المقال النقاب عن عينة جديدة ومثيرة أطلق عليها اسم أركيورابتور، تمثلت فى هيكل عظمى شبه مكتمل، بدا تماما مثل أى "ديناصور طائر" وسيط يمكن للمرء تخيله، فقد كان لهذا الحيوان جناحان وعظام صدر تشبه تمامًا ما نجده فى الطيور، إلا أنه احتفظ برأس ورجلين وذيل طويل متصلب على غرار الموجود لدى الثيروبودات.
احتفلت ناشونال جيوجرافيك فى البداية بهذه العينة فى احتفالات عامة، لكن سرعان ما أثير جدل حول هذه العينة، التى كان قد اشتراها متحف يقع فى يوتا من معرض للحفريات أقيم فى توسون فى ولاية أريزونا، على الرغم من أن مصدرها الواضح كان الصين، وهذا أمر غريب للغاية، لأن الحكومة الصينية تعتبر كلّ الحفريات ذات القيمة العلمية ملكية خاصة للصين.
أصبحت هذه العينة موضع شك المجتمع العلمي؛ فقد كان النصف الأمامى من الجسم يشبه الطيور كثيرا مقارنة بكل من الرجلين والذيل التى تشبه الثيروبودات كذلك، كان سطح الحجر الجيرى الذى حفظت فوقه هذه العينة غريبا؛ فقد كان يتكون من مجموعة من البلاط الصغير، يشبه المستخدم فى طريقة الرصف ببلاط غير منتظم مثبت بكم كبير من الحشو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة