أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن هناك ضرورة لأن تتحرك الدول العربية بشكل عاجل مدعومة بموقف أوروبي وتقوم بطرح مبادرة عربية (أو عربية - دولية) لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وذلك بهدف استباق تنفيذ قرار الضم الإسرائيلي لأراضي فلسطينية.
وقال اللواء محمد إبراهيم - في مقال نشرته صحيفة (الأهرام) اليوم /السبت/ تحت عنوان (استئناف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية بين الإمكانية والضرورة) - "كنت دائمًا - وما أزال - ممن لديهم قناعة كاملة بأن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تعد أنسب أساليب حل القضية الفلسطينية مهما كان حجم الصعوبات والعقبات التي تواجهها، خاصة في ظل عدم امتلاك الجانب الفلسطيني العديد من الأدوات نظرًا لطبيعة الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف إبراهيم "كما كنت أيضًا على قناعة بأن توقف هذه المفاوضات منذ أبريل 2014 وحتى الآن أتاح لإسرائيل المجال أمام استمرار سياسة الاستيطان والتهويد، وإظهار غياب الشريك الفلسطيني، ومحاولة تطبيع علاقاتها العربية قدر استطاعتها، دون أن أتجاهل بالطبع الجهود والمكاسب التي حققتها السلطة الفلسطينية على المستوى الدولي طوال هذه الفترة".
وأوضح أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية حققت بعض النجاحات خلال فترات ماضية، من أهمها توقيع اتفاقات أوسلو التي أتاحت وجود السلطة الفلسطينية، ودعمت وضعيتها إقليميًّا ودوليًّا، ووضعت أسس الدولة الفلسطينية مهما اتفقنا أو اختلفنا مع هذه الاتفاقات، ناهيك عن التوصل إلى ما سُمِّي بتفاهمات أولمرت عام 2007 برعاية أمريكية، والتي تضمنت مبادئ إيجابية متقدمة لصالح الجانب الفلسطيني.. متابعا: "وحتى أكون منصفًا فإن الظروف الإقليمية والدولية التي أحاطت بالاتفاقات السابقة كانت أفضل كثيرًا من الظروف الراهنة، ولكن من المؤكد أنّ قيمة وجوهر وأهمية العملية التفاوضية تظل قائمة في كل الأحوال".
وأشار إلى البيان المشترك الصادر في السابع من يوليو الجاري في أعقاب المؤتمر الذي عقده وزراء خارجية كل من مصر والأردن وفرنسا وألمانيا حول وضع عملية السلام في الشرق الأوسط، حيث أكد البيان على النقاط المهمة.
واستعرض اللواء محمد إبراهيم أبرز النقاط التي تناولها البيان، حيث أكد أن أي ضم للأراضي الفلسطينية المحتلة يحمل تبعات خطيرة على استقرار المنطقة وعلى العلاقات مع إسرائيل، فضلا عن عدم الاعتراف بأية تغييرات على حدود 1967 لم يتفق أطراف النزاع عليها، مع الالتزام بحل الدولتين القائم على التفاوض طبقًا لقرارات الأمم المتحدة، وضرورة التباحث حول كيفية نجاح بداية جديدة بناءة لعملية سلام بين الجانبين مع تقديم الدعم لفتح مسار للمفاوضات.
وقال: "إذن، فلعل أهم ما يمكن لي الوقوف عنده في هذا البيان المشترك ليس ما تضمّنه من معارضة واضحة لعملية الضم وتداعياتها المختلفة؛ وإنما الأمر الأهم هو ما جاء في البيان بشأن دعم هذه الدول الأربع (ومن بينها دولتان عربيتان لهما علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، هما مصر والأردن) لفتح مسار للمفاوضات، وهو ما يعني البحث عن كيفية استئناف العملية التفاوضية مرة أخرى بين الجانبين الفلسطيني الإسرائيلي بالرغم من كافة التعقيدات المرتبطة بالوضع الراهن في المنطقة بصفة عامة والقضية الفلسطينية بصفة خاصة."
وأضاف نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات أنه "لا شك أن طرح هذا البيان في هذا التوقيت يفرض ضرورة البدء في تحويل المبادئ العامة التي تضمنها إلى واقع عملي، بمعنى أن الوقت قد حان للتحرك الجاد من أجل استئناف العملية التفاوضية أخذًا في الاعتبار عدة عوامل.
وأكد إبراهيم أن استمرار حالة الفراغ السياسي يسمح لبعض الأطراف -وخاصة إسرائيل- باتخاذ إجراءات أحادية مؤثرة بالسلب تزيد من تعقيد الموقف.
وقال إن السلطة الفلسطينية - وإن كانت قد رفضت خطة السلام الأمريكية، وهي محقة في ذلك - إلا أنها لا تزال تلتزم بعملية السلام القائم على حل الدولتين. كما أن السلطة الفلسطينية لم تصدر عنها أية مواقف سلبية لتشجيع العنف، ولا تزال تؤكد رفضها للإرهاب (أؤكد على أهمية دراسة المبادرة التي طرحها الرئيس أبو مازن في مجلس الأمن في 20 فبراير 2018).
وأشار إلى أن القرار الإسرائيلي المزمع بضم منطقة غور الأردن حتى وإن تأجل لبعض الوقت إلا أنه لا يمكن ضمان عدم قيام إسرائيل بتنفيذه في أي وقت.
ونوه بأن بوادر التقارب الذي حدث مؤخرًا بين حركتي فتح وحماس ارتبط أساسًا برفض قرار الضم الإسرائيلي. ومن المؤكد أن هذا التقارب لن يحول دون إقدام السلطة على استئناف التفاوض على أسس ومبادئ مقبولة.
وشدد إبراهيم على أن هناك ضرورة لأن تتحرك الدول العربية بشكل عاجل مدعومة بموقف أوروبي بهدف أن تستبق تنفيذ قرار الضم، وتقوم بطرح مبادرة عربية (أو عربية / دولية) لاستئناف المفاوضات.
وقال اللواء محمد إبراهيم "وفي تقديري فإن التحرك في هذا الشأن يمكن أن يكون في الإطار الثلاثي التالي:، إعلان مصر والأردن بشكل رسمي أنهما بصدد طرح مبادرة من أجل استئناف التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وفي رأيي أن هذا الإعلان ستكون له نتيجتان إيجابيتان؛ أولهما أن المبادرة ستحظى بتأييد دولي غير مسبوق، لا سيما وأن المجتمع الدولي رفض بشدة مسألة الضم. ثانيهما، أن هذه المبادرة ستمثل أحد أهم القيود على إسرائيل تجاه قرار الضم المزمع، بحيث إذا أقدمت على اتخاذ القرار بعد إعلان المبادرة فسوف يرتب عليها ذلك مزيدًا من المواقف الإقليمية والدولية المضادة لها.
وأضاف إبراهيم أن الإطار الثاني يتمثل في "قيام كل من مصر والأردن (بعد التنسيق مع السلطة الفلسطينية) بقيادة هذه المبادرة نظرًا لبعض الاعتبارات، أهمها أنهما يمتلكان علاقات جيدة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وكافة الأطراف الأخرى. كما أن القضية الفلسطينية تؤثر بشكل مباشر على أمنهما القومي".
وتابع أن الإطار الثالث هو "التحرك التمهيدي مع الأطراف المعنية (خاصة السلطة الفلسطينية وإسرائيل والولايات المتحدة) من أجل التوافق على توقيت استئناف المفاوضات، وطبيعة الإشراف عليها، وشكل المفاوضات، مع التركيز على طبيعة المرجعيات التي يمكن أن يتم استئناف المفاوضات على أساسها، سواء كانت كافة المرجعيات السابقة أو بلورة مبادئ عامة للتفاوض تتسق مع القانون الدولي، ودون الإشارة إلى أية مرجعيات".
ولفت إلى أن توقف هذه المفاوضات منذ أبريل 2014 وحتى الآن أتاح لإسرائيل المجال أمام استمرار سياسة الاستيطان والتهويد، وإظهار غياب الشريك الفلسطيني، ومحاولة تطبيع علاقاتها العربية قدر استطاعتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة