واصل الدكتور محمد حافظ غانم مهام عمله وزيرا للتربية والتعليم لليوم الثالث، 12 يوليو، مثل هذا اليوم 1969، خلفا للدكتور محمد حلمى مراد الذى أقيل بسبب الحوار الغاضب بينه وبين جمال عبد الناصر فى اجتماع مجلس الوزراء، 7 يوليو 1969، والذى يرويه بطريقة بينما يذكره سامى شرف مدير مكتب عبد الناصر، وأمين هويدى وزير شؤون مجلس الوزراء وقتئذ بطريقة مختلفة.
ذكر «مراد» روايته التى عرضناها أمس «راجع، ذات يوم 11 يوليو 2020»، أما رواية سامى شرف فيذكرها فى الكتاب الثالث من مذكراته «سنوات وأيام مع جمال عبد الناصر»، فيقول فيها، إن هناك ثلاث مواجهات بين الرئيس عبد الناصر والدكتور مراد فى جلسات ثلاث لمجلس الوزراء، وهى مسجلة ومحاضرها محفوظة فى أرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات بمنشية البكرى (منزل عبد الناصر).
يضيف «شرف»، أن النقاط التى دارت حولها المواجهات كانت.. الحد من الدعاية الشخصية من جانب الوزراء ولتتحدث الأعمال، ويؤكد: «فى أول مواجهة لم يُسم الرئيس عبد الناصر أحدا بالاسم، وإن كان جميع الحضور فهموا أن الدكتور مراد هو المقصود، وأن الرئيس عبدالناصر شدد على عدم إفشاء أسرار ما يدور فى قاعة مجلس الوزراء.. يضيف: «التقرير الذى تقدم به «مراد» متعلقا بالأوضاع فى نادى القضاة، كان تطوعيا ووافق عليه الرئيس».
أما أمين هويدى فيروى شهادته فى كتابه «مع عبد الناصر»، قائلا: «فى أحد اجتماعات مجلس الوزراء كلف «الريس» الدكتور حلمى رئاسة لجنة لاقتراح خطة لتنفيذ ما جاء فى بيان 30 مارس من مبادئ، وكان الدكتور عبد العزيز حجازى وزير الخزانة عضوا فيها، وكان على اللجنة الاتصال بالوزارات والجهات المختلفة للوقوف على آرائها، وبنشاطه المعهود أنهى «مراد» أعماله ووزع خطته على الوزراء لدراستها تمهيدا لمناقشتها فى المجلس».
يضيف: «ظهر عند إجراء المناقشة أن حلمى انفرد باقتراح الخطة المقدمة، فلا هو أخذ رأى اللجنة ولا اتصل بالوزراء أو الجهات الأخرى، وأثار ذلك مناقشات حادة، واعترض الوزراء على التقرير المقدم لأنه يحوى آراء شخصية لا تتصل بالواقع، وواجه حلمى الاعتراضات بابتسامته الحائرة مشيدا بالروح الحرة التى تسود المناقشات، وتدخل «الريس» لينقذ حلمى فشكر له جهده، ورجا أن تعيد اللجنة النظر فى الاقتراحات المقدمة على أن يكون عملها جماعيا، وأن تتصل بالجهات والقطاعات للوقوف على آرائها، ويعاد مناقشة الموضوع داخل المجلس، إلا أن حلمى رأى أن ينشر تقريره الذى سبق أن قدمه للمجلس فى «روز اليوسف» قبل إعادة دراسته كتكليف مجلس الوزراء له لأن حلمى كان لديه ميل غريزى للنشر، وحاول محمد فائق وزير الإرشاد إقناعه بعدم النشر طالما لا يزال الموضوع محل بحث، إلا أن حلمى أصر».
يتذكر هويدى: «فى أول اجتماع لمجلس الوزراء افتتح الريس الجلسة بإثارة نشر التقرير واعترض على النشر لأسباب هي.. أنه نشر بوصفه تقرير لجنة وزارية وهو لا يطابق الواقع، لأن التقرير يعبر عن رأى رئيس اللجنة، ثم مازال الموضوع معروضا على مجلس الوزراء ولم يتم البت فيه، ولم تجر العادة على نشر موضوعات مازالت محل مناقشة المجلس إلا إذا رؤى فتح المجال للوقوف على اتجاهات الرأى العام، ثم كون التقرير يحتوى على نقد ثقيل لأغلب الوزارات والوزراء، فسوف يصبح من حق هؤلاء الرد، ويبدو الوزراء أمام الرأى العام منقسمين على أنفسهم ويصبح رئيس الوزراء «طرطورا» أمام الجميع وهو يرى وزراءه فى معارك صحفية مع بعضهم البعض.
يؤكد هويدى: «اختتم «الريس» حديثه بأن العمل الذى قام به الدكتور حلمى جانبه الصواب شكلا وموضوعا.. ويتذكر هويدى، أن الدكتور حلمى حاول توضيح وجهة نظره بطريقة لم تقنع الرئيس ولا زملاءه، وحاول الاعتذار إلا أن الرئيس أكد له فى صوت قاطع أن الأسلوب الذى اتبعه يعيد إلى الأذهان المناورات الحزبية القديمة الأمر الذى «يتعذر معه استمرار التعاون بينى وبين الأخ مراد».
يضيف هويدي: «فجأة ترك الرئيس الجلسة غاضبا، ووجد الدكتور حلمى نفسه فى وضع لا يحسد عليه.. ترك أوراقه على المائدة دون أن يكترث بجمعها، وهرع خلف «الرئيس» محاولا اللحاق به للاعتذار، وكان «الريس» فى عربته يحادث الفريق محمد فوزى وزير الحربية، وكان الدكتور حلمى ينتظر دوره إلا أنه بعد انتهاء «الريس» مع فوزى أمر عربته بالتحرك، وحاول عدة مرات فى اليوم التالى دون جدوى، وفى يوم 10 يوليو تم تعيين الدكتور حافظ غانم بدلا منه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة