مع الارتفاع المهول لسعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية، حيث لامس الدولار الواحد مستوى 10 آلاف ليرة، وترتب عليه تدهور في الأوضاع الاقتصادية وتفشي الغلاء ، أوضح محللان سياسيان لبنانيان الأسباب الحقيقية وراء هذا الارتفاع فى سعر الدولار.
وقال أستاذ القانون الدولي اللبنانى د. سلام عبد الصمد إن هناك عدة عوامل أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي ، موضحاً أن العوامل الداخلية تتمثل بالهندسات المالية التى قام بنك لبنان المركزى مع البنوك الأخرى.
سلام عبد الصمد
وأضاف في تصريحات خاصة لـ" اليوم السابع" من العاصمة بيروت أن البنوك في لبنان اتبعت سياسة تضخيم سعر الفائدة على الودائع، مما دفع الكثير من أصحاب المال إلى إيداع أموالهم فى البنوك بدلاً من تشغيلها فى القطاعات الحيوية.
وأوضح" عبد الصمد" أنه عندما وجدت البنوك أن لديها ودائع طائلة ، اتفقت مع البنك المركزى على تمويل الدولة من خلال ما يعرف بسندات " اليورو بوند"، ولكن عقب ، استقالة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري حدث ضغط على الاقتصاد، ومع استحقاق موعد هذه السندات ،رفضت الحكومة اللبنانية دفع هذه السندات للمواطنين ،وحرمت الشعب اللبناني من الاحتياطات الدولارية ، فاستشعر المواطنين بأن هناك مشكلة مع الحكومة الجديدة.
وأشار إلى أنه إضافة إلى ذلك حدث إهمال في القطاعات الاقتصادية كالسياحة والزراعة والصناعة والاعتماد على الاقتصاد الريعي والاقتراض، وليس الاقتصاد الإنتاجى.
وأوضح أنه على الصعيد الدولى، فكان هناك حالة من عدم الرغبة من قبل المجتمع الدولى وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا ، وكذلك الدول العربية الشقيقة، بمساعد لبنان، مما أدى إلى التراجع الحاد بالاقتصاد اللبناني، وخاصة عقب فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات اقتصادية، ومنعت التحويلات الخارجية إلى لبنان ، ونتج عن ذلك ارتفاع فى سعر الدولار وأزمة اقتصادية خانقة.
وحول عودة سعد الحريري مرة أخرى إلى رئاسة الحكومة، أكد" عبد الصمد" أنه لا يعتقد أن سعد الحريري في الوقت الراهن جاهز للعودة، لأنه في البداية هو من وضع شروطاً للعودة من بينها منحه صلاحياته واسعة ، وعدم عودة وزير الخارجية السابق جبران باسيل ، لكن هذه الطلبات رفضت.
وحول كيفية تخطي لبنان لهذه الأزمة الاقتصادية ، أشار عن طريق الإصلاحات في كافة المجالات المالية والإدارية والقضائية والاقتصادية، فالالتزام بتطبيق هذه الإصلاحات هو المعيار الوحيد للخروج من الأزمة التى يعيشها لبنان، علاوة على مكافحة الفساد وتعزيز مبدأ الشفافية.
فيما قال بشارة خير الله المحلل السياسي اللبنانى، أنه يمكن وصف الأزمة الاقتصادية التي تمر بها لبنان حالياً، بأنه انهيار اقتصادى مع ارتفاع سعر صرف الليرة أمام الدولار بهذا الشكل المهول، مؤكداً أن أصل المشكلة هو سياسى بالدرجة الأولى.
بشارة خير الله
وأضاف "خير الله" في تصريحات خاصة لـ" اليوم السابع" من لبنان، أن بلاده يعيش إشكالية سياسية تنعكس سلباً على الاقتصاد، وسبب الإشكالية السياسية هو الخروج عن مبدأ تحييد لبنان عن صراعات المحاور ، موضحاً أنه في عام 2012 اتفقت جميع القوى اللبنانية على طاولة الحوار الوطني برئاسة الرئيس اللبناني السابق العماد ميشيل سليمان بقصر بعبدا على عدد من البنود.
وأشار إلى أن البند (12) على إعلان بعبدا ينص على تحييد لبنان نفسه على صراعات المنطقة ، وهو ما لقي تأييداً داخلياً وعربياً ودولياً ، وأصبح وثيقة في الأمم المتحدة وتم التعامل مع لبنان على هذا الأساس، أي أن لبنان" المحايد" لا مع إيران في مواجه الدول العربية ولا مع القوى الدولية ضد إيران.
ولفت إلى أنه عقب تراجع لبنان عن التزاماته في هذا التحييد من خلال تدخل حزب الله فى اليمن وسوريا والعراق، تراجع التأييد العربي والدولي للبنان وفقد ثقته، بل الأدهى من ذلك هو أن لبنان الرسمى أصبح يمثله حزب الله.
وأوضح أن السلطات الدستورية الثلاثة في لبنان (رئاسة الجمهورية – رئاسة مجلس النواب- رئاسة الوزراء) على تحالف وثيق بحزب الله اللبناني ، لذلك وقع لبنان في المشكلة الكبرى ، وهو أن الدول الصديقة في المنطقة العربية رأى أن لبنان صار في حلف الممانعة ، وفى ظل العقوبات الدولية على حزب الله اصبح لبنان بلا سند دولي ولا دعم عربي ، مما أدى إلى الانهيار الاقتصادي الكبير في لبنان.
ورأى أن الإصلاحات الاقتصادية لخروج لبنان من هذه الأزمة هو البدء أولا وفوراً بالإصلاحات السياسية، والعودة إلى مبدأ التحييد، ورفع الغطاء السياسى عن الفساد، وهو ما سيؤدى إلى تعافى لبنان سريعا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة