كشفت تحقيقات «النيابة العامة» نقاط تسرب المادة البترولية وإتلاف الخط الناقل لها وبداية اندلاع الحريق بطريق القاهرة الإسماعيلية الصحراوي، وتوالي الإجراءات وصولًا لأسبابه والمسؤول عنه، حيث كانت «غرفة عمليات النجدة» بقسم شرطة الشروق قد أبلغت عن تسرب مواد بترولية بمحيط الكيلو 21 من «طريق القاهرة الإسماعيلية الصحراوي» أسفل كوبري السلام، وبالانتقال لمحل البلاغ تبين وجود كسر بالخط التابع لشركة «أنابيب البترول» المتجه إلى «مسطرد» من «شقير – البحر الأحمر»، مما أسفر عن تدفق المادة البترولية التي يحملها إلى الطريق العام، وخلال محاولة الشرطة وقف امتداد تلك المادة بالحواجز الرملية، اشتعلت النيران بإحدى البقاع وامتدت إلى مركز التسريب، فعَلَت ألسنة اللهب.
وأسفرت عن احتراق عدد من السيارات والدراجات الآلية المارة والمتوقفة بمحل الحادث، وأصيب عشرات من المصابين.
وعلى إثر تلقي «النيابة العامة» إخطارًا من الشرطة بالواقعة، أمر السيد المستشار «النائب العام» بالتحقيق العاجل فيها، فانتقل فريق من «النيابة العامة» إلى مسرح الحادث لمعاينته، والذي تمكن من تحديد نقطة تسريب المادة البترولية ببقعة رملية فضاء مغمورة بالمادة البترولية «أسفل كوبري السلام»، حيث تبينت «النيابة العامة» فيها آثارَ حفر بنقطة التسريب، وظهور جزء من ماسورة تُوازي الطريق العام تبينت بها قَطعًا بالمادة العازلة للماسورة وشقًّا جانبيًّا في هيكلها مفتوحًا لأعلى تسيل منه المادة البترولية، يعلوه آثار احتكاك على شكل خطوط طولية متوازية مع الشق، وتبين امتداد التسريب إلى حيث مقر «المعهد القومي للحراسات والتأمين» بالطريق، حيث غمرت المادة البترولية تلك المسافة بالكامل وتخللتها آثار اندلاع النيران، والسيارات والدراجات الآلية التي احترقت.
كما تمكنت «النيابة العامة» من تحديد نقطتين لاندلاع الحريق؛ الأولى أمام مقر «المعهد القومي للحراسات والتأمين» حيث عُثر على سيارة متفحمة أفادت الشرطة أنها أولى السيارات التي احترقت، والنقطة الثانية بنفق يؤدي إلى أعلى «كوبري السلام» حيث أفادت الشرطة احتراقَ سيارتين بالنفق -عاينتهما «النيابة العامة»- كانتا بداية الحريق فيه، وقد عاينت «النيابة العامة» ما أحدثه الحريق من إسقاط جزء من البنيان الخرساني العلوي للنفق. وكشفت التحقيقات عن إحداث الحريق إتلافًا بمركزٍ لصيانة السيارات بالطريق، واحتراق سبع وثلاثين سيارة وثلاث دراجات آلية -حتى تاريخه- على طول المساحة التي اندلع فيها الحريق، ورصدت «النيابة العامة» عددًا من كاميرات المراقبة بمحيط مسرح الحادث؛ تحفظت على وحدات تخزين بعضها، وحصلت على مقاطع مصورة من الأخرى، تعكف على مشاهدتها وتحليلها. بينما انتقل فريق آخر من «النيابة العامة» لسؤال المصابين من الحادث، والذين بلغ عددهم ثمانية عشر شخصًا -حتى تاريخه- من بينهم مجندون بالقوات المسلحة، حيث أدلى مَن أمكن سؤالُهم منهم بتفصيلاتِ كيفية حدوث إصاباتهم، كما سألت «النيابة العامة» أربعة وعشرين شخصًا ممن احترقت سياراتهم خلال الحادث.
وكذا سألت «النيابة العامة» عددًا من الشهود؛ إذ استمعت إلى رئيس مجلس إدارة «شركة أنابيب البترول» الذي شهد بتلقيه بلاغًا ظهيرة يوم الواقعة بانخفاض ضغط سائل البترول الخام داخل الأنابيب الممتدة من منطقة «شقير» إلى «مسطرد» تحديدًا بالكيلو ٢١ من «طريق القاهرة الإسماعيلية الصحراوي»، ثُم فورَ تلقي الشركة بلاغًا بتسرب السائل البترولي واندفاعه خارج الأنبوب المعد لجريانه أغلقت الشركة صِمامات التحكم في اندفاعات المنتجات البترولية، واندلعت النيران مِن بعدُ بالسائل الذي تسرب بالطريق، مؤكًدا اتباع الشركة كافةَ إجراءات الصيانة الدورية على الأنابيب محل الحادث، وعدم إجراء الشركة أيَّ أعمال حفر لاكتشاف نقطة التسريب.
كما سألت «النيابة العامة» عددًا من المديرين العموم بالشركة، والذين شهدوا بمضمون ما شهد به سابقهم، وسألت كذلك عددًا من مسؤولي «الهيئة العامة للبترول» -الرئيس التنفيذي للهيئة، ورئيس قسم الشئون القانونية بشركة أنابيب البترول، ووكيل وزارة البترول للشؤون القانونية- والذين شهدوا بمسؤولية الشركة المذكورة بإداراتها المختلفة فنيًّا وإداريًّا عن الخط الذي نشب فيه الحريق، وأن «وزير البترول والثروة المعدنية» قد وجه بتشكيل لجنة من المختصين بالوزارة لتحديد قيمة الإتلاف بالمنتج المحترق، وخطوط الأنابيب وأسباب نشوب الحريق. بينما سألت «النيابة العامة» مقاولًا متعاقدًا مع الشركة المذكورة على صيانة الخط الممتد من نفق السلام وحتى «طريق جنيفة»، والذي أكدَّ عدم إجراء أي أعمال للصيانة على الخط في وقت قريب، وأنه بعد انتقاله لمحل الواقعة بعد إبلاغه بوقوع التسريب لوجود كسر بإحدى المواسير أبصر تلاحق حفَّارات شركة أنابيب البترول إلى الموقع بعد السيطرة على الحريق وإخماده للحفر وصولًا لنقطة التسريب، فعاونهم في ذلك، مؤكدًا انقطاع صلة عمليات الحفر تلك بنشوب الحريق لبَدْئِها بعد السيطرة عليه وإخماده.
وسألت «النيابة العامة» مأمور قسم شرطة الشروق، والذي شهد بانتقاله لمحل الحادث فور تلقيه اخطارًا بتسرب المادة البترولية بالطريق، وبوصوله أبصر محاولات أفراد الجهات المعنية مواجهة ما تخلف عن التسريب ومنع السيارات من المرور، وخلال ذلك مرت سيارة مسرعة بالطريق والنيران مشتعلة بإطاراتها مما أحدث حريقًا ضخمًا امتدَّ بالمساحة التي تسربت إليها المادة البترولية، فعمل رجال الحماية المدينة والأجهزة المعاونة على إخماد الحريق، مؤكدًا خلو موقع الحادث من أية أدوات أو معدات للحفر قبل وقوعه.
وكذا سألت «النيابة العامة» شهودًا تواجدوا بمسرح الحادث، حيث أكد اثنان منهم سماعهما صوت انفجار حال تواجدهما بعقار مقابل لموقع الحادث، وباستطلاعهما الأمر أبصرا اندفاع مادة سوداء فوق مستوى سطح الأرض وفرار المارَّة من حولها محذرين من أنها «مادة بترولية»، ثم اندلعت النيران بتلك المادة خلال محاولات السيطرة على التسريب، وأوضح شاهدان آخران أنهما أبصرا مرور سيارة وسط المادة البترولية التي تسربت إلى الطريق الصحراوي وقد اشتعلت النيران في إطاراتها وامتدت إلى المادة السائلة التي تسربت، وأضاف أحدهما أن حريقًا آخر اندلع بنقطة ثانية من مصدر مغاير خلاف السيارة المذكورة.
هذا، وقد قررت «النيابة العامة» استكمالًا للتحقيقات التحفظَ على مكان الواقعة وتوفير الحماية المدنية اللازمة له لمنع اندلاع النيران فيه مرة أخرى، واستكمال سؤال المصابين والشهود والمتضررين من الحادث، وتكليف المهندسين الفنيين بإدارة المرور بفحص السيارات والدراجات المحترقة، ومشاهدة وتحليل المقاطع المصورة وآلات المراقبة المرصودة بمحيط مسرح الحادث، وندبت «النيابة العامة» لجنة من أساتذة «كلية الهندسة- جامعة القاهرة- قسم هندسة المناجم والبترول» وخبراء من «الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية»، و«الحماية المدنية» بـ«وزارة الداخلية» لفحص ومعاينة الخط الناقل للمادة البترولية محل التسريب؛ لبيان ما به من إتلاف وسببه وتاريخه، وعمَّا إذا كان قد حدث عن عمد أم إهمال في أعمال الصيانة، أو نتيجة خطأ من جرَّاء الأعمال التي تجري بمحيطه، وكذا بيان مدى إخطار الشركة المشغلة للخط بالتسريب منذ حدوثه، وتوقيت هذا الإخطار وتحديد متلقيه والإجراءات التي اتخذتها الشركة للتعامل معه، ومدى صحة تلك الإجراءات وكفايتها لوقف التسريب، وبيان ما نتج عن ذلك من آثار؛ وذلك لبيان سبب الحريق ونقاط بدايته ونهايته ومدى وجود شبهة جنائية في حدوثه، وبيان إذا كان هناك إهمال قد شاب الواقعة، أو شاب إجراءات السيطرة عليها وأدى إلى تفاقُمِها، والمسؤول عن ذلك، وبيان حجم الأضرار الناتجة عن الحادث في الأموال العامة والخاصة والمنشآت المحيطة بموقع الحادث.
وتوالي «النيابة العامة» سؤال مسؤولي «شركة أنابيب البترول»، وفحص ملف الخط محل الحادث، وطلب تحريات الشرطة حول الواقعة، واستكمال سائر التحقيقات. وتهيب «النيابة العامة» بالكافَّة إلى التزام ما تصدره من بيانات في تلك الواقعة، وعدم التطرق إلى أي حديث خلاف ما تعلنه «النيابة العامة» رسميًّا حول أسباب وكيفية وقوع الحادث، وذلك ضمانًا لسلامة سير التحقيقات.