فتوى اليوم.. هل يجوز صلاة التراويح فى شهر ذى الحجة فى العشر الأول منه؟

الأربعاء، 15 يوليو 2020 07:29 م
فتوى اليوم.. هل يجوز صلاة التراويح فى شهر ذى الحجة فى العشر الأول منه؟ مجمع البحوث الإسلامية
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ورد إلى لجنة الفتوى الرئيسة السؤال التالى لقد مضى رمضان بدون أن نصلى صلاة التراويح والتهجد فى المساجد؛ وذلك نظرًا لجائحة كورونا. فهل يجوز أن نصليها فى المسجد جماعة فى شهر ذى الحجة فى العشر الأول منه؟، سؤال ورد للجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وجاء رد اللجنة كالآتى:

 

المبادئ العامة للفتوى:

1-الأصل فى العبادات والشعائر أنها لا تكون إلا بنص.

2-صلاة التراويح جماعة لا تكون إلا فى ليالى رمضان.

3- إذا عجز الإنسان عن أداء ما كان يفعلهُ من طاعات وعبادات لعذر منعه من أدائها، كُتِبَ لَهُ أجرُ ما كانَ يعملُهُ قبل قيام العذر به.

 

التفصيل:

الأصل أن الإنسان لا يُكَلَّفُ بعبادة أو شعيرة من قِبَل نفسه اجتهادًا منه، بل لابد فيها من إذن من الشرع، وبنص منه يبيح فعلها، ويبين كيفيتها؛ لأن الأصل فى العبادات أنها توقيفية، أى يتوقف الإنسان فيها حتى يأتى البيان والكيفية من الشرع، فلا تثبت بالقياس، ولا بالاجتهاد. والدليل على ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم -: {صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِى أُصَلِّي} رواه البيهقى (4/ 545). 

 

فالأصل فى صلاة التراويح أنها سنة عن رسولنا – صلى الله عليه وسلم - تصلى فى ليالى رمضان جماعة.

 

ففى الصحيحين من حديث عَائِشَةَ، أن رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى فِى الْمَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ الْقَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، أو الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قَالَ: { قَدْ رَأَيْتُ الَّذِى صَنَعْتُمْ، فَلَمْ يَمْنَعْنِى مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّى خَشِيتُ أن تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ} .صحيح البخاري(2/ 50).صحيح مسلم (1/ 524).

 

فبين النبى – صلى الله عليه وسلم أن عدم استمراره على صلاة التراويح هو خوف أن تُفرض، وهذا الخوف قد زال بوفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم –فتثبت سنيتها.

 

 لذلك رَوَى أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِى يُوسُفَ القاضى الحنفى – رحمه الله - قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ عَنِ التَّرَاوِيحِ، وَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ؟ فَقَالَ: التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَلَمْ يَتَخَرَّصْهُ عُمَرُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبْتَدِعًا، وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ إِلَّا عَنْ أَصْلٍ لَدَيْهِ وَعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الاختيار لتعليل المختار (1/ 68).

 

فإن كان الإنسان مواظبًا على أدائها فى المساجد كل عام، وحيل بينه وبين صلاتها فى المسجد هذا العام جائحة كورونا، فصلاها فى البيت مع أهل بيته، فقد حصل على ثوابها، وصدق فيه قوله – صلى الله عليه وسلم -: {مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ} متفق عليه صحيح البخارى (1/ 16)، صحيح مسلم (1/ 523).

 

بل كُتِبَ لك أجر فعلها فى المساجد؛ لأن الأجر يكتب للعبد مادام حيل بينه وبين فعل الطاعة حال خارج على إطار قدرته، ففى البخارى من حديث أبى موسى الأشعرى -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: { إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أو سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا}. صحيح البخارى (4/ 57).

 

وبناء على ما سبق نقول : صلاة التراويح لا يقتصر أداؤها على المساجد، وإن كان فعلها فى المساجد جماعة أفضل إلا لعذر، بل استحب بعض العلماء صلاتها فى البيت؛ لأنه أبعد عن الرياء؛ ولقوله – صلى الله – عليه وسلم-: {فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلاَةِ فِى بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلاَةِ المَرْءِ فِى بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلاَةَ المَكْتُوبَةَ} متفق عليه. صحيح البخارى (8/ 28)، صحيح مسلم (1/ 539).

 

ومن ثَمَّ لا يجوز صلاة التراويح فى غير رمضان جماعة بأن يجتمع لها الناس كما هو الحال فى رمضان، بل فعلها فى غير رمضان يدخل فى البدع المستحدثة التى تندرج تحت قوله -صلى الله عليه وسلم -: {مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ} متفق عليه. صحيح البخارى (3/ 184)، صحيح مسلم (3/ 1343).

 

أما قيام الليل والتهجد فهو سنة طوال العام لمن قدر عليه يصليه منفردًا، فقد ورد فى فضله نصوص الكتاب والسنة، قال -تعالى -: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، وقوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16]، وقوله – صلى الله عليه وسلم -: {وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلَاةُ اللَّيْلِ} رواه مسلم. 

 

وإن صلاه-أى قيام الليل - وقام معه يصلى بصلاته أحد أفراد أسرته فلا مانع من ذلك شرعًا. ويستدل على الجواز بما رواه مسلم من حديث حُذَيْفَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّى بِهَا فِى رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّى الْعَظِيمِ»، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّى الْأَعْلَى»، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ. قَالَ: وَفِى حَدِيثِ جَرِيرٍ مِنَ الزِّيَادَةِ، فَقَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ» صحيح مسلم (1/ 536). 

 

 أما أن يجتمع الناس للتهجد فى المساجد خلف إمام فى غير رمضان على المواظبة فلم يقل به أحد من أهل العلم. هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال، والله أعلم.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة