وفي بداية أعمال الورشة أشاد الدكتور حسن البيلاوي الأمين العام للمجلس العربي للطفولة والتنمية، بالتعاون مع اتحاد "يونا"، مشيرا إلى أن الورشة تأتي تواصلًا لجهود المجلس، لما شكلته جائحة كورونا من خطر وتحد فرض واجب المشاركة والمبادرة لحماية الأطفال والأسر والمعوزين، من بينها إطلاق حملة توعية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين لدعم الأطفال اللاجئين، وكذلك مع منظمة اليونيسف، والمنظمة الكشفية العربية، مع استمرار العمل- بدعم برنامج الخليج العربي للتنمية "أجفند" - نحو تطبيق نموذج المجلس لتنشئة الطفل العربي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، ودعم وتمكين الطفل العربي لدخول عصر الثورة الصناعية الرابعة.

ودعا الأمين العام للمجلس إلى التعامل مع تأثيرات كورونا، بالتكاتف والتعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص، للنظر إلى مستقبل نعدل فيه سلوكياتنا وطرق حياتنا لتنمية سبل الرعاية والحماية للأطفال، والعمل على إرساء سياسات حماية اجتماعية، وتحويل هذه السياسات إلى تشريعات وقوانين وثقافة لحياة كريمة للطفل والمرأة والمهمشين. 

من جانبه، أشاد محمد اليامي مساعد المدير العام المكلف في اتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامى (يونا) في كلمة الاتحاد، بالتعاون مع المجلس لخدمة قطاع عريض من قطاعات المجتمع، الذي انطلق بهذه الورشة، مضيفا بأن الاتحاد سارع بالاستجابة المبكرة لتداعيات جائحة كورونا، بالتعاطي الإعلامي الواعي بالتعاون مع وكالات الأنباء الأعضاء، ضمن منظومة العمل الشاملة لمنظمة التعاون الإسلامي التي استنفرت كل مواردها وإمكاناتها، وطاقات أجهزتها ومؤسساتها لتقديم الدعم والمساندة لدول المنظمة.


وقال إن اتحاد "يونا" أطلق ملتقاه الأول في 16 مايو الماضي تحت عنوان" دور وكالات الأنباء في مساندة جهود مكافحة كورونا" برعاية الدكتور ماجد بن عبد الله القصبي، وزير الإعلام المكلف رئيس المجلس التنفيذي للاتحاد، موضحا أن المشروع التدريبي لتنمية مهارات الإعلاميين، كان أحد مخرجات الملتقى، الذي يستهدف في مرحلته الأولى تدريب 2200 إعلامي، ونفذ منه ورشتي عمل باللغتين العربية والفرنسية حول طرق تدقيق الأخبار في الأزمات وانتشار الشائعات، لافتا إلى إستفادة 300 إعلامي منهما. 


وأضاف أنه قبل يومين، تم إطلاق المنتدى الإعلامي للاتحاد وكان ضيفه، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، وحضره 140 إعلامياً ودبلوماسياً، موجها الشكر إلى حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمين على الدعم اللامحدود للاتحاد الذي تستضيف المملكة مقره، وتوفر له كل الدعم لخدمة الإعلام بدول منظمة التعاون الإسلامي. 


وبدأت فعاليات الورشة التي أدارها حازم عبده رئيس الشؤون الخارجية باتحاد يونا، حيث قدم الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة المصرية محاضرة حول "تداعيات حقوق الطفل فى ظل جائحة كورونا " متطرقا إلى التأثيرات الصحية والإجتماعية والنفسية للجائحة على الأطفال التى أدت إلى تعطل الأنشطة والبرامج اليومية للأسر والمجتمع، ومَا ترتب على ذلك من تبعات سلبية على الأطفال ونمائهم وحمايتهم.


وقال إنه من الناحية الصحية، ووفقاً لتقديرات موثقة، فإنّه تم تعليق حملات التطعيم ضد الحصبة في 23 دولة على الأقلّ أثّر تفشى فيروس كورونا مما أثر على أكثر من 78 مليون طفل ممن يبلغون 9 سنوات وما دونها.


وعن التأثيرات النفسية أشار إلى أن الجائحة خلّفت حالة من القلق بسبب الإصابة بالفيروس أو فقدان العمل ، وأن تلك الحالة قد تنتقل إلى الأطفال مع تعطل الروتين اليومي للأطفال وتعرضهم لضغط نفسي بسبب الوفيات بين أحبائهم أو مرضهم أو انفصالهم عنهم، أو الخشية من المرض، وازدياد مستويات التوتر بسبب العزل، وما تثيره إجراءات الحجر الصحي من خوف وهلع.


ولفت الدكتور زايد، إلى ازدياد الإساءات والعنف المنزلي ضد الأطفال، وازدياد خطر الاستغلال الجنسي لهم، والزواج المبكر القسري، محذراً مما يمكن أن يؤدي إليه الحبس المطول في المنزل من زيادة في احتمالية تعرض الأطفال للعنف الجسدي والنفسى ، متطرقا إلى التأثيرات التربوية وعلى رأسها فقدان التمدرس المنظم بعد أن تم تعطيل الحقّ في التعليم لأكثر من 1.6 مليار طفل حول العالم، حيث فرضت 190 دولة إقفال المدارس.


وكذلك فجوة التحصيل الدراسي بين التحصيل المنزلي و المدرسي، وفقدان العلاقة بالمعلم، متناولا تداعيات الأزمة على حقوق الطفل، حيث قد يؤدي الانشغال بالمخاوف إلى تحول المسؤولية العامة عن الطفولة إلى اهتمامات أخري، بعدما أدت ظروف الوباء إلى مضاعفة هشاشة بعض الفئات، ومنها ذوو الإعاقة، والفقراء، والأطفال في وضعية الشارع، واللاجئون، ومن يعانون من ظروف صحية من قبل. 


وشدد الدكتور أحمد زايد، على أهمية تقديم أنشطة مدرسية تعلم الأطفال كيفية مواجهة الأزمات ، وتصميم أفلام وألعاب إليكترونية لتعليمهم أساليب ووسائل مواجهة الخطر والإدارة الإيجابية للذات، وتوفير حلول بديلة ومبتكرة لتمتع الأطفال بحقوقهم في الراحة والترفيه والتسلية وممارسة الأنشطة الثقافية والفنية، وهو أمر أساس لصحتهم وتنمية إبداعهم وخيالهم وثقتهم بأنفسهم، وتطوير مهاراتهم البدنية، والاجتماعية، والمعرفية، والعاطفية ٠


ودعا فى ختام محاضرته إلى وضع استراتيجيات مرنة للتواصل عن بعد بين المجتمعات لتعزيز آليات الصمود الآمنة، والعمل مع القادة المحليين والمجتمعيين والدينيين والإعلاميين لتكييف الممارسات التقليدية مع الأوضاع المستقبلية الجديدة بعد الجائحة ، مطالبا باستحداث خطة للتعافي لمرحلة ما بعد الوباء، والعمل بروح التعاون مع الأطفال والمراهقين لسد الفجوات بين الأجيال، وتعزيز التضامن بينها، ونشر رسائل مجتمعية ملائمة للأطفال حول الأخطار ونقاط الضعف التي يواجهونها، واستحداث الجلسات ومجموعات الدعم على الإنترنت.


وأوصى بطرح ثلاثة سيناريوهات لواقع الطفل بعد أزمة كورونا، تتضمن مزيدا من الاهتمام بالأطفال وبالمواثيق الدولية، ومزيدا من الاهتمام بالأطفال في ظروف خاصة (الحروب – الإيواء- التشرد – الاحتجاز – العنف والاستغلال القسري – الهاجرين – العاملين في مهن خطرة ...الخ)، ومزيدا من الاهتمام بالأسرة، والمواثيق المحلية والدولية المتصلة بدعم الأسرة في زمن الخطر وظروف الاستثناء. 


ثم تم فتح الباب لمداخلات الحضور ، فتحدث كل من الدكتور عمرو حمدي المدير الإقليمي للمنظمة الكشفية العربية، والدكتور نبيل صموئيل خبير التنمية الاجتماعية وعضو مجلس أمناء المجلس العربي للطفولة والتنمية، و ريتا كرم أمين عام المجلس الأعلى للطفولة بلبنان، وأستاذ التربية المغربي الدكتور أحمد أوزي، و عبداللطيف الضويحي مدير الإعلام ببرنامج الخليج للتنمية "أجفند، والأستاذ فتحي أبوالحمد نائب رئيس تحرير صحيفة الجمهورية المصرية، والأستاذ حمدان الرحبي مدير تحرير وكالة الأنباء اليمنية٠


ركزت المداخلات على أهمية دور الإعلام في التوعية وتشكيل الوعي في ظل هذه الظروف الاستثنائية لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، خاصة مع الأطفال، وطالبت بضرورة التكاتف والتعاون بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص للعمل ما بعد كورونا، بحيث يمكن أن تتحول تلك الأزمة إلى فرصة حقيقية لمواجهة السلبيات والتداعيات التي خلفتها الجائحة. 


واختتم الدكتور حسن البيلاوي أمين عام المجلس ، أعمال الورشة بتعقيب أشار خلاله بإنه إذا كان هناك فضل لهذه الجائحة التي أطاحت بكثير جداً من استقرار الإنسان، إلا أنها أماطت اللثام عن أوضاع كان مسكوتا عنها، مناديا بحماية الأطفال من أثر النزاع المسلح، والحماية والحد من الإرهاب، والحد من البيئة المولدة للإرهاب التي يتفشى فيها الفكر الظلامي، مشددا على أهمية وجود عملية تنويرية كبيرة في المجتمع العربي والإسلامي، لننفض هذا الركام من العنف، ولنؤسس "ما بعد كورونا" مجتمعات سليمة ونامية قوية.