د. داليا مجدي عبد الغني تكتب: خيانة

الجمعة، 17 يوليو 2020 01:51 م
د. داليا مجدي عبد الغني تكتب: خيانة داليا مجدي عبد الغني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الأحاسيس الصعبة كثيرة في هذه الحياة، وما يستعصي علينا تحمله أكثر وأكثر، وما يستوجب استيعابه أكثر وأكثر وأكثر، ولكن ما لا يتحمله قلب مهما كانت قُوته، وقُوة تحمله، هو الخيانة، فالخيانة إحساس مُؤلم ومُوجع، تجعل النفس تنفر، والروح تنهار، والقلب يدمي.

وما أصعب أن تأتيك الخيانة من أشخاص أخلصت لهم بلا حدود، ووهبت مشاعرك لهم بدُون قُيود أو شُروط، فهذا الشعور قاتل، يجعل موازينك تنقلب رأسًا على عقب، وأحاسيسك تثور بداخلك، وقلبك يقف ويُحاسبك، ويسألك بمُنتهى التحدي: "لماذا فعلت بي هكذا؟".

فالخيانة قاسية، بكُل ما تحمله من معنى، وبكل أشكالها، فمن منا يتحمل خيانة الصديق، أو الأخ الشقيق، أو حتى خيانة المرؤوسين للرئيس، أو خيانة من ائتمنه في وقت الضيق، فالخيانة لا تقف فقط عند حد الحبيب، فهي مُتشعبة، فهي أي سُلوك ينحرف عن مسار الوفاء والإخلاص، لمن وثق فينا وائتمننا.

وأصعب خيانة، هي التي تكون مصحوبة بالدليل، فهُنا تقف مشدوهًا، ولا تُصدق أن من وثقت به، ومنحته مشاعرك، وآمنته على قلبك، واستلهمت منه نتاج أفكار عقلك، يخُونك وبدُون أسباب، رُبما لكي يُرضي غُروره، أو ظنًا منه أنه بذلك يكسر كبْرياءك، أو رُبما لارتيائه أن مصالحه مُتجسدة في ذلك، أو رُبما ورُبما، الأسباب كثيرة، والأعذار أكثر.

وكل خائن لديه مئات وآلاف المُبررات، التي يسوقها بنهم، ولا يعبأ بما تُلقيه عليه من تُهم، فهو راضٍ عن نفسه، قانعًا بأفعاله، لا يرى سوى مصالحه ورغباته، ولا يرتضي إلا بسعادته وأفراحه.

فلا تبكِ على خائن؛ لأنه لم يتذكر إخلاصك له، ولم يرَ أحاسيسك تجاهه، ولم يبكِ يومًا من أجلك، فأنت كُنت بالنسبة له مرحلة وانتهت، وبدأ في البحث عن المراحل اللاحقة.

وتأكد أن كُل خائن لا يحُاول تبْرئة ساحته، ليس لخجله، أو لقناعته بسُلوكه، ولكن باختصار شديد؛ لأنه لا يعرف معنى كلمة "خيانة"، فهي كلمة مُضحكة بالنسبة له، عفا عليها الزمن، فهو يظُن أن كُل ما يفعله هو حق ومشروع، ولا غُبار عليه، فدعه، والزمن كفيل بأن يُعرِّفه معنى وطعم وإحساس الخيانة.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة