حوالى 8 كتب صدرت خلال أقل من 4 سنوات، هي مدة الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لرصد أداءه الرئاسي، بينما كانت تهدف في الأساس إلى تشويه صورته، كان أخرها الكتاب الصادر عن مستشار الأمن القومى السابق جون بولتون، بالإضافة إلى الكتاب الذى نشرته مؤخرا ابنة شقيقه مارى ترامب، والتي وصفت فيه عمها بـ"النرجسى"، وهى الكتب التي تحمل في طياتها أهدافا سياسية بحتة، تتزامن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، والمقررة في نوفمبر المقبل، والتي يرى قطاعا كبيرا من المتابعين والمحللين أنها ربما تكون الأشرس في التاريخ بالولايات المتحدة، في ظل إرهاصات عديدة، رسمتها الكثير من العلاقات المتوترة التي جمعت "سيد" البيت الأبيض، سواء بخصومه السياسيين (الديمقراطيين)، أو حتى بنى حزبه من صقور الحزب الجمهورى، والذين همشهم الرجل بصورة كبيرة.
ولعل الملاحظة الجديرة بالاهتمام هي أن إصدار كتب لتقييم أداء الرئيس الأمريكي بدأ منذ قبل نهاية عامه الأول داخل أروقة البيت الأبيض، عبر كتاب "نار وغضب"، والذى قدمه الصحفى الأمريكي مايكل ولف في أواخر عام 2017، وهو نفس العام الذى شهد تنصيب الرئيس، بينما جاء الكتاب الثانى بعنوان "الخوف" للكاتب بوب وودورو، والذى صدر في سبتمبر 2018، في انعكاس صريح لاعتماد خصوم ترامب لآلية جديدة، يمكنها تقويض صورته أمام المواطنين الأمريكيين، خاصة إذا ما نظرنا إلى الاختلاف الكبير فيما يتعلق بنشر الكتب المرتبطة بتقييم أسلافة، والتي كانت دائما ما تصدر بعد نهاية حقبتهم، ربما لتكون أكثر موضوعية عبر تقديم نظرة شاملة للسياسات التي تبنتها الإدارات سواء في الداخل الأمريكي، أو السياسة الخارجية.
الاستراتيجية التي تبناها خصوم ترامب لم تقتصر على الاعتماد على الصحفيين أو الكتاب من أصحاب الرؤى المناهضة له، وإنما شهدت تطورا عبر سلسلة من الكتب أصدرها رجال الرئيس أنفسهم، والذين خدموا في إدارته، وممن ينتمون لحزبه الجمهورى، على غرار وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس، ومستشار الأمن القومى السابق جون بولتون، واللذين أقالهما ترامب من منصبهما، ليجدا في الكتابة طريقا للانتقام، وهو ما يبدو في السرعة الكبيرة التي خرجت فيها أعمالهما إلى النور، وتوقيتها المتزامن ليس فقط مع الانتخابات الرئاسية، وإنما أيضا مع أكثر الفترات العصيبة التي تشهدها الإدارة، سواء بسبب تفشى فيروس كورونا، والزيادة الكبيرة في أعداد الإصابات، وهو الأمر الذى يمثل فرصة مهمة لمنافسه الديمقراطى جو بايدن، والذى يسعى إلى استخدامها بصورة كبيرة لتحقيق مكاسب، بالإضافة إلى حالة الغضب لدى الأقليات، خاصة من ذوى الأصول الإفريقية، منذ مقتل جورج فلويد، والتي أدت إلى اندلاع الكثير من الاحتجاجات.
إلا أن "سلاح" الكتب المناهضة لترامب، لم يتوقف في نطاقه على السياسة، وإنما امتد إلى الكشف عن الأسرار العائلية، وهو ما بدا في كتاب ابنة شقيق الرئيس، وتدعى مارى ترامب، والتي سعت إلى تقديم صورة سلبية عن الرجل عبر الحديث عن تورطه في أعمال احتيال، وكذلك عن علاقات مشوهة بأفراد أسرته.
وهنا يمكننا القول بأن الكتب المناهضة لترامب، ليست كتلك التي تناولت أسلافه، سواء بالإشادة أو النقد فتراتهم الرئاسية بعد نهايتها، وإنما تهدف إلى تقديم صورة شاملة، تبدو مشوهة، للرئيس الحالي، من خلال معارضيه أولا، ثم عبر شركائه سواء في الحزب أو الإدارة والذين يرغبون في الانتقام بسبب استبعادهم وتهميشهم، وانتهاءً بمحيطه الأسرى، لتصبح الصورة السلبية أكثر شمولا في عقل الناخب الأمريكي، لا تقتصر على الجانب السياسى، وإنما تمتد إلى جوانب أخرى شخصية وأسرية.
استخدام الكتب في الحرب الانتخابية على الرئيس الأمريكي، يبدو سلاحا مهما قبل المعترك الرئاسي المقبل، خاصة بعدما فشل المنابر الإعلامية في حملاتها قبل 4 سنوات، لإسقاطه، أمام منافسته آنذاك هيلارى كلينتون، وذلك بالرغم من الفارق السياسى الكبير، الذى كان يصب بما لا يدع مجالا للشك في صالح المرشحة الديمقراطية السابقة، والتي كان لديها من الخبرات الكبيرة في العمل السياسى ما يفوق رجل الأعمال "المغمور" سياسيا في ذلك الوقت، بالإضافة إلى تركيز ترامب الكبير خلال سنوات في البيت الأبيض، على تكذيب القنوات الإعلامية والصحف المناوئة له، عبر حسابه على موقع "تويتر"، وهو ما ساهم بصورة كبيرة في تقويض مصداقية تلك المنابر بصورة كبيرة أمام قطاع كبير من المواطنين.