طوال تسع سنوات، لم يتوقف الرئيس التركى رجب أردوغان عن دعم الميليشيات والمرتزقة والتحالف مع داعش والقاعدة، رهانا على تحقيق أى مكسب فى سوريا، ظلت تركيا ممر دخول وخروج الإرهابيين. حصل أردوغان على بعض المكاسب من مشاركة داعش والقاعدة اقتسام ثمن النفط المسروق، والآثار والذهب من الأراضى السورية والعراقية، وهناك فيديوهات تسجل لقاءات بلال أردوغان مع داعش للاتفاق على صفقات البترول.
مع هزيمة داعش، أصبح أردوغان فى مأزق إيجاد ملاذات آمنة لآلاف الإرهابيين، وتم نقل بعضهم إلى ليبيا، وتدخل أردوغان بمزاعم مواجهة الأكراد لإطلاق سراح مئات الإرهابيين من معسكرات الاعتقال فى سوريا.
فشل رهان أردوغان على الميليشيات والمرتزقة، وتعرض داعش ومقاتلو القاعدة للهزيمة، وظلت ليبيا هى الملاذ التالى للإرهابيين، ولهذا يعارض أردوغان أى عملية سياسية، من شأنها أن تنتهى إلى استقرار ليبيا، لأن هذا يعنى توفير ملاذات جديدة للمرتزقة.
أردوغان يزعم أن التدخل فى ليبيا تم باتفاقات مع حكومة طرابلس، وهى اتفاقات لا تعترف بها أى جهة ليبيىة لا البرلمان ولا القبائل، هو ما يجعل أردوغان مكشوفا، حتى أمام حلفائه، خاصة أن فشله من قبل فى فرض أى سيطرة على سوريا، أو إخفاء تحالفه مع داعش والقاعدة.
لم يدخل الجيش التركى طوال تسع سنوات فى مواجهة مباشرة، اعتاد الدخول فى المناطق الخالية من السلطة أو على خلفيات حروب أهلية وصراعات، وبالرغم من الضجيج الذى يصدره أردوغان وحكوماته، لا توجد مواجهة واحدة مباشرة، فقد خاض كل الصراعات من خلال وكلاء مثل داعش والنصرة والقاعدة، وبزعم حماية أمنه القومى فى سوريا، والمفارقة أنه يدخل ليلبيا التى تبعد آلاف الكيلومترات عن أمنه القومى.
أردوغان نقل آلاف المسلحين المرتزقة من سوريا إلى ليبيا، وفى رهان يختلف هذه المرة عن السابق، قبل سنوات استغل أردوغان ماكينات الدعاية خلال فترات الربيع العربى، فى قناة الجزيرة وتوابعها، فضلا عن توجهات للإدارة الأمريكية برئاسة أوباما، ودعم الميليشيات باسم الجيش الحر، الذى اتضح أنه مجرد وهم وستار لداعش، ومن الصعب أن يكرر أردوغان نفس الخطوات السابقة، لأن تحركات التنظيمات الإرهابية أصبحت مرصودة، وهناك مخاوف أوروبية وأمريكية من موجات إرهاب جديدة، يمكن أن تنتقل لأوروبا من ليبيا، خاصة أن المرتزقة والميليشيات فى طرابلس يمارسون تجارة السلاح وتهريب البشر، ولا يكتفوا بالحرب التى ربما لا تكون مجزية لهم.
رئيس حكومة طرابلس هو أيضا فى مأزق وتحت ضغط الميليشيات، هم من يفرضون عليه القرار، ومن الصعب التخلص منهم، ومن هنا تأتى التحذيرات الأمريكية فى تقرير البنتاجون، حول آلاف المرتزقة السوريين الذين نقلهم أردوغان إلى ليبيا، وشكوك فى أن يمكنهم المواجهة مع الجيش الوطنى الليبى أو القبائل، وهو ما يجعل فرارهم وتحولهم إلى بؤر إرهابية واردا.
هناك تقارير أمريكية توقعت فشل مرتزقة أردوغان فى تحقيق أى تقدم، بناء على أن ما فشل فيه داعش والقاعدة بعشرات الآلاف من المقاتلين، من الصعب أن ينجح فيه آلاف المرتزقة، ممن نقلهم أردوغان إلى ليبيا، خاصة مع اختلاف الجغرافيا واتساع رقعة القتال فى ليبيا وصعوبة القيام بتمثيليات دعاية استعراضية مثلما فعلوا فى الرقة.
بالتالى يستبعد البنتاجون وتقارير أجهزة المخابرات الأوروبية أن يحقق أردوغان بالمرتزقة أى نجاح فى ليبيا، خاصة أنه دخل بلا خطة واضحة مثلما فعل فى سوريا، مع الإشارة إلى استنزاف الوفاق فى المال، بجانب قطر التى لم تعد قادرة على الإنفاق مثلما كان فى سوريا لأسباب تراجع الاقتصاد وخسائر الرهان على الميليشيات، يضاف إلى هذا، عنصر حاسم فى موقف مصرى واضح، يحقق ردعا لم يكن متوفرا فى سوريا والعراق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة