"أن تحضر متأخرا أفضل من الغياب التام" هذا هو حال صناعة الغزل والنسيج والملابس الحكومية ، والتى عانت على مدار نحو 40 عاما من الإهمال وسوء الإدارات ، وتوقف ضخ الاستثمارات فيها وبلوغ ديونها نحو 40 مليار جنيه ،والنتيجة تراجعها بشكل كبير على مستوى الانتاج المحلى وعلى مستوى التصدير وعلى مستوى تقادم الآلات والتأخر عن ركب التطور التكنولوجى فى الصناعة الهامة .
ولإنقاذ الموقف أطلقت الحكومة من خلال وزارة قطاع الأعمال العام والشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس برنامجا طموحا؛ لإعادة الروح لصناعة الغزل والنسيج والملابس ، بناء على توصيات مكتب وارنر الاستشارى الأمريكى قبل عدة سنوات ، وهو البرنامج المتوقع الانتهاء منه خلال عامين من الآن بتكلفة تصل لنحو 21 مليار جنيه سيتم تمويلها من بيع أراضى غير مستغلة والاقتراض من البنوك .
البرنامج انطلق بالفعل وتم دفع جزء من مقدم التعاقد لشراء الماكينات الاحدث فى العالم بجانب عرض عدد من قطع الأراضى ؛ للبيع فى مزادات علاوة على بدء هيكلة مالية وفنية وإدارية للشركات واختيار قيادات جديدة يمكنها النهوض بالشركات تزامنا مع التطور العالمى الكبير.
ووفق المعلن فإن البرنامج يتضمن تطوير الصناعة ، بداية من توفير أقطان قصيرة التيلة، وبالفعل تم زراعتها شرق العوينات وهى حتى الآن تجربة ناجحة لزراعة 250 فدانا تبشر بزراعة نحو 50 الف فدان مستقبلا منها بعيدا عن اراضى زراعة القطن المصرى طويل التيلة، وفق تصريحات سابقة لوزير قطاع الأعمال العام الدكتور هشام توفيق بجانب شراء ماكينات حديثة وتدريب العمالة عليها ودمج وهيكلة شركات الغزل والنسيج والملابس والقطن فى 10 شركات فقط وخفض تكاليف الإنتاج بشكل كبير مما يساعد على النهوض بالصناعة،والمنافسة فى التصدير.
وبحسب الاحصاءات العالمية ؛ فإن حجم صناعة الغزل والنسيج يصل لنحو 3 تريليونات دولار، وتصل مبيعات تلك الصناعة من الملابس الجاهزة لـ920مليار دولار بحسب إحصاءات عام 2018 تبلغ حصة مصر منها فقط مليار دولار .
الخبير الاقتصادى المهندس أشرف بدوى أكد لـ"اليوم السابع" أن مبيعات تلك الصناعة مخطط لها عام 2024 الوصول لنحو 1.230 تريليون دولار تمثل المنتجات القطنية منها نحو 378.6 مليار دولار.
وأضاف أن الصناعة لا تقتصر على القطن فقط، بل هناك البوليستر والألياف الصناعية، لافتا إلى أن تطوير الصناعة فى مصر كفيل بالنهوض بالاقتصاد فعلى سبيل المثال الهند توفر 40 مليون فرصة عمل مباشرة فى الصناعة وتوفر 60 مليون فرصة عمل غير مباشرة، وستبلغ صادراتها من صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة نحو 223 مليار دولار عام 2021 .
وقال أشرف بدوى: "نستورد الغزول من عدة دول ، من تركيا ، والهند، وباكستان، وتركمانستان، ونستورد الأقمشة الخام،من بنجلاديش وتركيا، والهند"، موضحا أنه يمكن توفير الغزل محليا بعد التوسع فى زراعة الأقطان قصيرة التيلة .
وأضاف إنه فيما يتعلق بالمحالج ، فإن باكستان لوحدها تمتلك 1221 محلجا و442 مصنعا، وهى الرابعة عالميا فى إنتاج القطن والثالثة عالميا فى إنتاج الغزل وبالتالي فان اللحاق بالركب العالمى والتوسع فى إنشاء المحالج الحديثة أمر مهم للغاية .
وحول رؤيته للمجمعات الصناعية الجديدة التى سيتم انشاؤها فى مصر، أكد أشرف بدوى إنها بمثابة ثورة صناعية لقطاع عانى من الانهيار لسنوات طويلة ، معتبرا أن ما تحقق بمثابة الاستيقاظ من كابوس صعب جاثم على نفوس المصريين، وكان يستنزف الاقتصاد بدليل ارتفاع خسائره بشكل غير مسبوق ، كان يمكن بناء مجمعات صناعية عملاقة منذ سنوات بدلا من تراكم الديون .
وأوضح أن القطاع الآن يمكنه النهوض والمساهمة فى دعم الاقتصاد بشكل كبير والدخول لسوق التصدير بقوة ، لافتا إلى أن مصر يمكنها تصدير منسوجات وملابس بما لا يقل عن 10 مليارات دولار، بدلا من صادرات شركات قطاع الأعمال العام الحالية الضعيفة جدا ، شريطة توفر الأقطان القصيرة وخفض تكاليف الإنتاج وهو ما يتم حاليا من خلال تجربة وزارة قطاع الأعمال العام لزراعة أقطان قصيرة شرق العوينات وهى تجربة تحسب للدكتور هشام توفيق وزير قطاع الأعمال المتحمس جدا لتطوير هذا القطاع الحيوى .
وأشار إلى أن مبلغ الـ 10 مليارات دولار الصادرات المتوقعة سيكون بداية فقط لأن دولا مثل فيتنام وبنجلاديش تبلغ صادراتها السنوية 4 أضعاف هذا المبلغ الذى نحلم بالوصول له، مشيرا إلى أن زيادة الصادرات ستكون إضافة للاقتصاد،بجانب خفض الواردات من الغزول والأقمشة، مما يضيف كثيرا للاقتصاد الوطنى من خلال خطة التطوير التى تنفذها الشركة القابضة، بقيادة الدكتور أحمد مصطفى ،والتى تسير وفق المخطط لها بشكل جيد جدا حتى الآن .
وأشار إلى أن صادرات العالم من الملابس الجاهزة فقط تقتضى بأن ندخل هذا المجال بقوة من خلال المجمعات الصناعية الجديدة ورفع اسم القطن المصرى عالميا ، لافتا إلى أنه على سبيل المثال تبلغ صادرات الصين 266.41مليار دولار سنويا من الملابس الجاهزة فقط ، يليها ألمانيا بـ38.99مليار دولار ، يليها بنجلاديش بـ38.73مليار دولار ، ويليهم فيتنام بـ37.93مليار دولار ، ثم الهند بقيمة 37.11مليار دولار ، ثم إيطاليا بـ36.57مليار دولار، وتركيا بـ27.56مليار دولار، والولايات المتحدة الأمريكية بـ27.17مليار دولار، وهونج كونج بـ20.43ملياردولار، وإسبانيا بـ20.20مليار دولار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة