تناول الكُتاب فى الصحف الخليجية، اليوم الخميس، العديد من القضايا العربية والدولية، وسلطوا الأضواء على الجرائم التى يرتكبها كل من رجب طيب أردوغان وحلفيه تميم بن حمد أمير قطر فى دعم الإخوان والتدخل فى شئون الدول العربية، كاشفين عن تجارة الرئيس التركى بالدين من أجل تحقيق مكاسب أزلية.
أردوغان و"آيا صوفيا".. الشعبوية الخاسرة
سلمان الدوسرى
فى صحيفة الشرق الأوسط السعودية، خصص الكاتب سلمان الدوسرى، مقاله عن جرائم "أردوغان" قائلا "يوماً ما رد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على منتقديه "نحن الشعب فمن أنتم؟"، ووفقاً لهذه القاعدة الشعبوية الصرفة المكتملة الأركان، والتى ترتكز عليها جل مواقف وسياسات إردوغان وتصريحاته، خطط وهندس لتحويل متحف آيا صوفيا، الذي كان في الأساس كنيسة، إلى مسجد، متوقعاً أن يضرب من خلال هذه الخطوة عدة عصافير بحجر واحد؛ يرمم شعبيته التي تواجه الانحدار داخلياً، ويبتز أوروبا كما فعل في ملف اللاجئين، ويجد الملايين التي تصفق له من الجماهير الإسلامية المخدوعة في الخارج. واليوم وبعد أسبوعين من قراره المثير للجدل، ثبت أن عصافيره سقطت قبل أن تطير، وحجره ارتد عليه، ولم ينتج من قراره الشعبوي هذا إلا عدم المبالاة داخلياً ومزيد من السخط الخارجي، بل وغدا في مواجهة قراره الذي يستحق لقب أسوأ حملة علاقات عامة في عام 2020، ولو دفع خصومه بالداخل والخارج مئات الملايين من الدولارات لتنفيذ حملة تشويه صورته لما استطاعوا، كما فعل هو بقراره الشعبوي البائس هذا.
عادة يركز أردوغان، باعتباره رأس حربة الشعبويين في العالم، على عواطف الناس وغرائزهم في تعزيز شعبيته، تارة يتلاعب بالشعارات والقضايا الإنسانية لغايات سياسية، وتارة يثير مواضيع جدلية تتعلق بالسياسة الداخلية أو الخارجية لتحوير أنظار مواطنيه والرأي العام العالمي حولها كقضايا جوهرية وأساسية تبعدهم عن الأزمات الحقيقية التي تواجهها بلاده. إردوغان وإنْ نجح في ذلك في بداياته وخدع الملايين من شعبه وكذلك من المناصرين له عن جهل خارج تركيا، فإنه اليوم يجد نفسه وحيداً من غير مناصرين حقيقيين يحمونه من شعبويته التي ارتدت عليه وباتت مكشوفة ومقرونة دائماً بالفوضى والغوغائية، وبدلاً من مواجهة أزمات بلاده، وما أكثرها، والاضطرابات السياسية التي تعصف بها، آثر القفز، كعادته، إلى إثارة قضية خاسرة مقدماً، عبر إثارة الجدل الديني بين المسيحيين والمسلمين. بالطبع فات إردوغان أن مناصريه قبل غيرهم باتوا يفهمون جيداً ألاعيبه السياسية ومساعيه لدغدغة المشاعر الدينية العاطفية عند كل موقف يتخذه أو يروّج له، كيف لا وهو المؤمن بأنه يمثل إرادة الناس الحقيقية، وأن الله يقف بجانبه في معركته ضد المؤامرات التي تستهدفه، باعتباره مدافعاً شرساً ووحيداً عن الإسلام. يقول الفيلسوف الفرنسي بيير أندريه تاغييف إن "الديماجوجى يهدف إلى تضليل الآخرين بينما الشعبوي يبدأ بتضليل نفسه"، وهو ما ينطبق تفصيلاً على إردوغان الذي بدأ وانتهى بتضليل نفسه.
أردوغان الذى قال فى خطاب جماهيرى بعد قرار اعتراف الإدارة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل "إذا فقدنا القدس فلن نتمكّن من حماية المدينة ومكة، وإذا سقطت مكة فسنخسر الكعبة"، هو نفسه الذى يمد يده واقتصاده وسلاحه إلى الإسرائيليين سراً وعلانية، لكنه يستخدم اللغة الدينية نفسها التى عفّى عليها الزمن، وهو يفعل الأمر ذاته في قضية آيا صوفيا، حتى تلك الدفعة المؤقتة من الشعبية التى انتظرها، لم تأته ولم تثمر نفعاً، كل ما حدث أنه استمر في تقويض صورة تركيا على الساحة الدولية، وبدلاً من كونها مجتمعاً منفتحاً ذا أغلبية مسلمة يعيش في سلام مع تراثه المسيحي، تحولت إلى بلد إقصائي يخاصم حتى مواطنيه من أجل تعزيز المكاسب السياسية، وحتى هذه فشل فيها فشلاً ذريعاً بعد أن أخطأ في توقعاته بأنها ستنتج عاصفة من الشعبوية الداخلية والخارجية، وما أكثر حسابات أردوغان الخاطئة.
وطنُك.. عاصمة فكرك
د.خليفة علي السويدي
بينما تناول د.خليفة علي فى مقاله بصحيفة " الاتحاد الإماراتية" عن خطورة الفكر المؤدلج، قائلا "في مقال سابق حمل عنوان: "للفكر ولاء وبراء"، تعرضت لخطورة الفكر المؤدلج على عقل المفكر، حيث إنه يمثل ركيزة أساسية في توجهاته العقلية وانتماءاته الوطنية، وبالذات عندما يكون الفكر عابراً للقارات، ومن يدرس التاريخ يجد أن جل الخيانات التي ابتليت بها الأمم، كان منبعها فكراً مستورداً تشربته عقول الناس، حتى طارت بهم رياح التغيير، فهل للوطن فكر؟ إن قوة الأمم والدول تتمحور حول نجاحها في بناء فكر عام، يقتنع به العباد في البلاد، وهذا ما نصطلح على تسمتيه بتحقق الأمن الفكري، لأن عدم تحقق ذلك تكون نتائجه هدم للأوطان، فكيف يليق بمفكر وطني أن يستقي فكره من منبع خارجي يمثل له مركز الولاء والبراء؟! وكيف تأمن الأوطان إنساناً يدفع فضول ماله لأعداء الوطن؟! ولا تستقر الدول بعقول تحركها أموال خارجية بمسميات أكاديمية، وهذا ما نراه اليوم في دول انزلقت في حروب أهلية، لأن كل حزب تغذيه دولة أجنبية تريد تحقيق أهدافها، عبر رفع شعارات براقة ظاهرها الرحمة ومن ورائها خراب الدار.
أرجو أن لا يفهم من مقالي أني ضد حرية التفكير أو التعبير، أو أنني أمارس حجباً لعقائد الناس وتوجهاتهم المتعددة في حياتهم، لقد خلق الله تعالى الناس مختلفين في أجسادهم وعقولهم ونفسياتهم لحكمة اقتضاها عدله سبحانه، وهذا ما يسمى اختلاف تكامل لا اختلاف تضاد، بمعنى أن المصلحة تقتضي وجود اختلافات بين عقول الناس وتوجهاتهم، بشرط ألا تؤدي تلك الاختلافات إلى خلافات تنحر في اللحمة الوطنية، قد يبدو الكلام فيه شيء من التناقض، هل بالإمكان فعلاً وجود مدارس فكرية مختلفة تكون رافداً لقوة المجتمع؟ من يبحث اليوم في قوة بعض الأمم، يجد أن من أسرارها وجود مثل تلك التباينات.
ولن ترث أمة الأرض بفكر ديكتاتوري، يقول للناس لا أريكم إلا ما أرى، فما أجمل تباين العقول في مجتمع يكمل بعضه الآخر!، دعوني أسوق لكم مثلاً، إن اختلاف المذاهب الإسلامية شكل رافداً قوياً للفقه الإسلامي عبر العصور، بشرط عدم التعصب المذهبي، الذي يجعل الإنسان رافضاً للرأي الآخر المبني على الكتاب والسنة.
النجاح في استقطاب الآراء المختلفة حول قضية ما يقوي الطرح حول تلك المسألة، ويجعل الدول تتبنى أفضل الأفكار والآراء المدرجة، وهذا من مفاتيح الإبداع العقلي، أو ما يسمى بالتدافع الفكري، فكل رأي ينضج عندما يقدحه رأي معارض له، فمن أسرار نجاح بعض الشركات أن مجلس إدارتها يتكون من طيف متناقض من العقول، بشرط اجتماعهم على مصلحة الشركة، كذلك الدول الناس فيها شركاء، يقودهم أخيارهم الذين يرحبون بمختلف الآراء، بشرط ألا تكون منطلقاتها عابرة للقارات، محققة أهداف الخارج في الداخل، وتحقق الدول ذلك بتشريع القوانين التي تحد من الاختراقات الخارجية للُحمة الوطنية، وتتيح تلك القوانين للمواطنين حرية التعبير في سياق ثوابت الوطن، هكذا يكون وطنك مصدر فكرك وإلهامك.
هل ينتهى الشيخ تميم على أيدى الأتراك كما انتهى الخليفة المعتز بالله؟
د. حسناء القنيعير
أما الكاتبة حسناء القنيعير تساءلت فى مقالها اليوم بصحيفة الرياض عن نهاية أردوغان، قائلة "يذكر المؤرخون أن الخلفاء العباسيين حاولوا التخلص من سيطرة الأتراك وسطوة قادة جيشهم، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، بل ذهبوا ضحية ذلك! إذن دعونا نتخيل ما الذي يمكن أن يحيق بذوي المكر القطري عندما تنضب أموالهم، أو عندما يحاولون التخلص من ابتزاز أردوغان؟
يحفل القرآن الكريم في مواضع متعدّدة من سوره بقصص التاريخ وتجارب الأمم، حتى يتعظ المسلمون ويعتبرون، إذ يدعوهم فيها إلى الالتفات إلى التاريخ، وما فيه من قصص الأوّلين، كقوله تعالى: "قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ" فلكل أمة منهاج وشرائع، وهي القوانين التي خضع لها الأوّلون في صعودهم وهبوطهم وانتصارهم وهزيمتهم، وهي كذلك تجاربهم، اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا وأخلاقيًا، بمنزلة قوانين تتحكم في بقائهم أو زوالهم. يقول الله تعالى: "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ" أي عبرة لأهل الحجا والعقول يعتبرون بها، وموعظة يتّعظون بها.
وكأني بها صوت عاقل يخرج من قطر يوقظ حاكمها، ويحذره من مغبة الاستمرار في عدوانه وشره وتآمره على بني جلدته، فقد بلغ تماديه في الشرّ حدّا ينذر بمنقلب ونهاية، لا تقل سوءًا عن نهايات من استغرقهم الغرور والعدوان والجهل، والشعور بفائض قوة مزيفة. وإن كان ما حدث في الأندلس بعيد زمنيًا، فالتاريخ المعاصر يحكي لنا كيف جنى تهور بعض الحكام وجهلهم وغطرستهم على دولهم وشعوبهم، كما في العراق وسورية وليبيا.
أمّا في المشرق العربي فقد كان الواقع لا يقل سوءًا عما حدث في الأندلس، عندما تمزقت الخلافة العباسية شرّ ممزق بتسلط الفرس والترك أعداء الأمة العربية حتى يومنا هذا.
أمّا المعتز بالله فهو أبو عبدالله المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد، كان من أم ولد رومية تسمى قبيحة، تولى الخلافة سنة (252)، وبطش الترك به أكثر من والده، وذلك لأنه قربهم وائتمنهم على ملكه، واستعان بهم ضد أهله، وأغدق عليهم الأموال، لكنّ نفاد الأموال كان سببًا مباشرًا في قتله أبشع قتلة! وهكذا يفعل المرتزق الأجنبي عندما يـُمكّن من الرقاب.
ختامًا؛ يذكر المؤرخون أن الخلفاء العباسيين حاولوا التخلص من سيطرة الأتراك وسطوة قادة جيشهم، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، بل ذهبوا ضحية ذلك! إذن دعونا نتخيل ما الذي يمكن أن يحيق بذوي المكر القطري عندما تنضب أموالهم، أو عندما يحاولون التخلص من ابتزاز أردوغان؟ وما الذي قد يفعله هو وجنوده في حال امتنع تميم عن تسديد الأموال، فقد أصبح مثل النار "يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ"! وليس أدل على ذلك من زيارته مؤخرًا للدوحة تلك الزيارة التي بلغت حدّا كبيرًا من الغطرسة التركية، والإهانة المزرية لتميم وطاقمه، بدءًا من مراسم الاستقبال وليس انتهاء بتوبيخ وزير خارجيته على طريقة جلوسه في حضرة سلطان الإخوان! فهل يستمر تميم ومن وراءه في غيهم، وتمكين أردوغان من سلب أموالهم؟ أو ينتهي تميم كما انتهى المعتز بالله على أيدي الرعاع الأتراك؟.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة