-اشتراه الخديوى إسماعيل بـ 250.000 قرش وأعاد بناءه على غرار قصر فرساى بفرنسا
- القصر يضم 3 طوابق رئيسية إلى جانب طابق تحت الأرض
- باب القصر مصنوع من الزجاج المعشق وهو تحفة فنية رائعة الجمال
- سقف القصر تحفة فنية وهو عبارة عن زجاج بلورى معشق بالرصاص تم طلاؤه بألوان زاهية
- يضم الطابق الأول مجموعة من الأعمدة ذات الطراز اليوناني الرومانى من الرخام الأخضر والأصفر بتيجان مذهبة
- الطابق الثانى للقصر يضم 8 غرف للنوم كل غرفة ملحق بها صالون للاستقبال وحمام تركى كبير مصنوع من الرخام ومزود بقطع من الزجاج الملون تجعله يبدو مضاء بإضاءة طبيعية طوال الوقت
- معمارى القصر نفذ الأسقف بلون السماء لأن الخديوى إسماعيل كان يحب أن ينظر للسماء وهو مستلق على ظهره قبل النوم
من منا لا يعرف قصر الزعفران مبنى إدارة جامعة عين شمس، فجميع طلاب الجامعة يعرفون قصر الزعفران لكن قليل جدا من يعرف تاريخ هذا القصر أو من بناه أو صممه ، وبالفعل البحث عن تاريخ قصر الزعفران شاق يستلزم الغوص في الكثير من المراجل لأن ما كتب عنه قليل جدا ولأن القصر تغير اسمه من الحصوة إلى الزعفران فنجد ذكره أحيانا بهذا الاسم وأحيانا أخرى بذاك.
"اليوم السابع" أجرى جولة داخل قصر الزعفران والذى بات حاليا المقر الإدارى لجامعة عين شمس ، وأخذتنا الجولة للحمام الملكى لنكشف عن طبيعة هذا الحمام وتاريخه وتاريخ القصر وأهم ما يميزه، حيث يتضمن الحمام فتحات لدخول الشمس وأحواض نحاسية ويغطى أرضيته الرخام ، وبداخله "مدفئه" كانت تستخدم في فصل الشتاء .
وسنتعرف في السطور التالية عن تاريخ الحمام الملكى الذى هو بالطبع جزء من تاريخ قصر الزعفران ، فالبداية من "الريدانية" التي وقعت فيها أحداث معركة سميت بنفس الإسم عام 1517 بين جيش المماليك الذين كانوا يحمون مصر منذ العام 1260 ، حتى تمكن السلطان العثمانى سليم الأول من فتح مصر وهزيمة المماليك بقيادة السلطان طوان باى، لكن الذى قد لا يعمله الكثيرون أن الريدانية هذه هي نفسها منطقة العباسية ، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى ريدان الصقلى أحد أفراد حاشية الخليفة الفاطمى العزيز بالله ، الذى يعد أول من أصلح صحراءها وأنشاء فيها بستانا كبيرا فسميت المنطقة التي كانت حتى ذاك الحين مجرد صحراء جرداء باسم الريدانية نسبة إلى ريدان .
وبعد هزيمة المماليك فيها ودخول العثمانيين منها للقاهرة ، أهملت هذه المنطقة وتم تغيير اسمها إلى الحصوة حتى أعاد اكتشافها "عباس الأول ثالث حكام الأسرة العلوية.
وفى مايو 1849 ولم يمض على تولى عباس حلمى الأول منصب والى مصر غير ستة أشهر حيث بعث خطاب إلى رئيس مجلس الأحكام المصرية جاء فيها :"حيث أن البلاد وما حواليها والحمد لله في أمن وأمان وأمراؤها كلهم من أصحاب الثروة وحيث أن صحراء الحصوة "العباسية فيما بعد" ممتازة بجودة هوائها فيجب في هذه الحالة إقامة العمارة بها والإقامة فيها والاستفادة والتمتع من لطافتها وبهائها لهذا قد صدرت إرادتنا بعد عودتنا من الأستانة لوضع خريطة وافية لهذه الصحراء وتقسيمها قطعا أساسية وتوزيعها على أمراء وذوات مصر ليبنى كل واحد منهم قصرا فخما لنفسه".
إن هذا الخطاب هو سبب مولد الزعفران ، فقد أراد عباس حلمى إنشاء حى جديد فاختار صحراء الحصوة وأسماها باسمه ، فولد حى العباسية وبنى لنفسه به قصرا بلغ عدد شبابيكه 2000 شباك ويعتقد والأمراء والكبراء تبعوا الوالى وبدأت حركة البناء والتشييد في العباسية.
ويأتي إسماعيل باشا إلى الحكم سنة 1863 ويبدأ قصر الحصوة في الظهور إلى النور مرة أخرى وترى المراجع تتبادل ذكره مره باسم الحصوة ومره باسم الزعفران ، وسبب التسمية الجديدة أن المنطقة التي بنى فيها كانت مشهورة بنمو نبات الزعفران المعروف بجمال لونه وغلو ثمنه .
وأعاد إسماعيل باشا بناء القصر على هيئته الحالية وعهد الخديوى إلى وكيل وزارة الأوقاف آنذاك المهندس مغربى بك الاشراف على بنائه ، حيث كان ضمن البعثة الهندسية التي أوفدها الخديوى إلى فرنسا.
وقد اشترى الخديوى إسماعيل قصر الحصوة بمبلغ 250.000 قرش أي ما يساوى 2500 جنيها ، وأعاد بناءه ليكون قصرا واحد على هيئته الحالية وبنى القصر على غرار قصر فرساى بفرنسا الذى قضى فيه الخديوى إسماعيل فترة تعليمة ، وقد طلب الخديوى نقش الأحرف الأولى من اسمه وتاجه الخاص على بوابة القصر ومداخل القاعات والغرف ومازالت النقوش موجودة حتى الآن.
يجمع قصر الزعفران من الداخل بين طرازين هما الطراز القوطى وطراز الباروك ، وهما من أبرز الطرز المعمارية التي كانت تستعمل في كثير من قصور القرن التاسع عشر ، ويتقدم المدخل الرئيسى للقصر إحدى الواجهات ، وهو يأخذ شكل البانكة يعقود نصف دائرية تعلو شرفة كبيرة
ومكن للزائر الصعود إلى المدخل إما مترجلا عن طريق السلالم الرخامية التي تتوسطة ، أو داخل عربة ، حيث توجد على جانبي المدخل ممرات منحدرة مخصصة لعود العربات عليها وهى ممرات تعود بالزائر إلى أجواء القرن التاسع عشر ، حيث موكب الخديوى بالعربات التي كانت تجرها الخيول وتصعد على الممرات بينما الأمراء أمام باب القصر في شرف الاستقبال.
ويتكون قصر الزعفران من 3 طوابق رئيسية إلى جانب طابق تحت الأرض، ويقول خبراء أثار أن الطابق الأول كان مخصصا للاستقبال حيث يضم القاعة الرئيسية إلى اليسار من باب الدخول وإلى جوارها قاعتا استقبال اخرتان ، فيما تقع حجرة المائدة إلى اليمين وهى تسع لنجو 49 شخصا تستخدم الآن لاجتماعات رئيس الجامعة والنواب.
ويعد باب القصر من المصنوع من الزجاج المعشق تحفة فنية رائعة الجمال بألوانه وبما يضمه من أشكال لزهور وشجرة كبيرة ذات ثمار، وينفرد القصر من الداخل بمجموعة من العناصر الزخرفية النادرة ، فضلا عن معماره الذى لا يوجد له مثيل ويتجلى في سلم البهو الكبير المصنوع من النحاس والمغطى بطبقة مذهبة وهو سلم ذو طرفين يرتفع بمستوى طابقى القصر ، ويقول أثريون إنه يكاد السلم الوحيد في مصر الذى يضم هذه الكمية من النحاس.
ويعد سقف القصر تحفة فنية وهو عبارة عن زجاج بلورى معشق بالرصاص تم طلاؤه بألوان زاهية تعكس على السلم ألوان السماء في مختلف حالاتها ، كما يضم الطابق الأول مجموعة من الأعمدة ذات الطراز اليوناني الرومانى من الرخام الأخضر والأصفر بتيجان مذهبة.
ويضم الطابق الثانى للقصر 8 غرف للنوم كل غرفة ملحق بها صالون للاستقبال وحمام تركى كبير مصنوع من الرخام ومزود بقطع من الزجاج الملون تجعله يبدو مضاء بإضاءة طبيعية طوال الوقت، أما حوائط الحجرات فهى مزينة بأشكال الزهور والورد الملونة إضافة إلى التذهب بالذهب الفرنسي، ويصل ارتفاع الأبواب الخشبية للقصر إلى 4 أمتار فيما يصل ارتفاع الأسقف إلى 6 أمتار وهو ارتفاع يساعد بالقطع على تلطيف حرارة الجو خاصة في فصل الصيف ، وتعد الأسقف الملونة أهم ما يميز حجرات الطابق الثالث وهى بلون السماء ويقال أن معمارى القصر نفذها على هذا النحو في غرف النوم لأن الخديوى إسماعيل كان يحب أن ينظر إلى السماء وهو مستلق على ظهره قبل النوم .