لا أشك ولا يتشكك منصف عادل قرأ التاريخ بعناية وحيادية، وسمحت له الأقدار أن يستمع لشهود عدول عايشوا تلك الحقب بخيرها وشرها.. لا نتشكك فى وطنية أى حاكمٍ حكم مصر بما فيهم حسنى مبارك أو عبد الناصر.. بل وحتى الملك فاروق (رحمهم الله) لكن ما يعاب على مبارك أنه كاد أن يُجهِز على معانى الوطنية لدى الأجيال التى جاءت فى عهده ممن لم تلتهب وجدانها بوطنية السادات الصارخة ولم يحظ بسماع عبارات خطبه الرشيقة، فمبارك جعل لقمة العيش هَمَّ رعاياه الأول والأخير فلا تفكير فى وطنية ولا فى تدين ولا فى أخلاقيات كانت تتوارثها الأجيال ويغذيها الكبير للصغير، فالكل مغمى العينين ويدور فى ساقية لا يدرى أين كان ولا إلى أين يتجه.
حتى جاء السيسى وأحيا الله به (الوطنية) بعد موتها و(الرجولة) بعد وأدها، ولم تكن أداة إحيائها مجرد كلام براق أو وعود سرابية ولكن بالقدوة والنموذج المجسد والتخطيط المدروس والمجهود والعرق والإنجاز الملموس .
لقد قدم السيسى (وطنيةً) عمليةً فى زمن ملَّ فيه الناس الكلام والوعود (الحاف)، لقد رأينا أنفسنا أمام رجل وهب لبلده كل ملكاته ومواهبه ومتعه الله بفهم واعٍ لدقائق تلك الفترة الحرجة والتى لا تتحمل أية تجربة أو مهادنة أو تسرع أو تراخ أو اعتذار، فهى من أحرج الفترات التى مرت على مصر عبر تاريخها الحديث حيث تواجه فيها حروبا من نوع خاص.. حروب مستحدثة مغايرة تماما لتلك الحروب المتعارف عليها فيما سبق فكان لا بد أن يقوم لها أيضا رجل غير عادى يستعين بالله و يتحلى بالصبر والذكاء الحاد وحكمة القرار، ليوجه هذا الكم من الصراعات بثبات وحسن تدبير وكياسة ليصل بوطنه وشعبه لبر السلامة ويحميه من استذءاب الذئاب.
قد أختنق وتختنق ونتضايق من شدة قسوة الحياة وغلاء مطالبها فى هذه الفترة الحرجة، و قد تعتريك لحظة تضعف فيها - وللعلم هو ضعف طبيعى جدا لا يزعجك، قد تغضب أو تنفعل وقد يسخن قِدرك وتفور وتزبد وترغى.. ولكن فى ساعة الجد وفى وقفة الصدق مع نفسك.. وأنت تشرب كوب الشاى.. ستفيق وستجد من يتحدث مِن داخلك بصوت أشبه بصوت أبيك يقول لك: هذا الرجل محترم ووطنى ويخشى الله ويعلم ما لا تعلمه أنت مِن خفايا كواليس الأحداث مما لو علمته لما اخترت سوى ما اختار - إن كنت جسورا حذورا مثله - فما كل ما وراء الأحداث تحيط به و لا بنصفه و لا بربعه فلا تحكم فى قضية لم تطلع على كامل أوراقها وإلا تأكد خطؤك وزلت قدمك، و رضى الله عن الإمام مالك إذ يقول فى عبارته الدقيقة (ما كل شيء يقال) .
بداخلى وبداخلك ما يطمئنك عليك وأنت معه ويؤكد لك ثقتك فى كل خطوة يخطوها.. ثمة حدس تعرفه فيك تعتاد صدقه يرفض أن تصغى لأى أكذوبة تنسب له للوقيعة بينكما أو تعكير صفو العلاقة بينه وبين أحرار رعيته.. فالصادق معروف والكاذب مكشوف ..
هذا الحال الداخلى الذى يربطنا بهذا الرجل من أسرار تأييد الله له فالمصداقية الذى يتمتع بها السيسى هى همزة الوصل التى بينه و بين شعبه الذى يعامله بكل إخلاص وتفان لغد أفضل بإذن الله تشرق شمسه فيه على وطن يحمل تاريخ الماضى وحداثة العصر وأمل المستقبل، لقد استلم السيسى التركة مَدينةً وفى حالة صعبة غاية الصعوبة و يحيط بها ظروف مستعصية من التناحر و التشرذم فى ظل اقتصاد منهار من أثر الخريف العربى لم تمر بها مصر من الداخل أو الخارج قط حتى قال الوطنى الصادق فينا (أنَّى يحيى هذه الله بعد موتها).. فاستعان بالله واستمد منه العون فنقل البلاد نقلة غير مسبوقة وفى زمن وجيز مُلفت رغم أن تقدم الشعوب يحتاج لحقب قد تمتد لقرون، أما هذا الرجل الموفق فكأنه قد صادفته ليلة قدر عدلت مجهود سنوات طوال فكانت خيرا من ألف شهر .
والآن ونحن فى هذا الوقت الذى نعايشه وهو وقت حساس غاية الحساسية شرقا وغربا وجنوبا، وفى ظل ظرف راهن نعايشه معلوم للكافة، فلا سبيل أمامنا سوى الاستعانة بالله والوقوف الجاد المتراص كالبنيان المرصوص خلف رئيسنا الموفق المؤيد، فقد وجب اجتماع كل وطنى غيور تحت هذه الراية نقف معه على أعتاب عزة الله وتأييده وحده لا شريك له واثقين فى دعمه موقنين بنصره وإكرامه لهذا البلد المبارك وشعبه الطيب المكافح وجيشه الباسل البطل ولعبده التقى الورع الموفق عبد الفتاح السيسى و الذى لا أتشكك فى تأييد الله له ونصرته لهذا البلد الأمين تحت قيادته (و ما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) (وإن جندنا لهم الغالبون).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة