تغيرات عدة شهدها الاقتصاد العالمى منذ ظهور جائحة كورونا، فما بين اغلاق شركات وخطط انقاذ محلية وإقليمية وآخري عالمية، توالت الآثار، وحاول صناع القرار في العديد من دول العالم اتخاذ إجراءات استثنائية لوقف النزيف، دون اخلال بمعايير الصحة والسلامة.
وبحسب تقرير نشرته شبكة سي إن بي سي الأمريكية، فإن الأزمات التي خلفها كورونا وضع الدولار كعملة أمريكية وعالمية أمام تحديات كبري، فيما كان الذهب أكبر المستفيدين من تلك الجائحة، حيث وصلت العملة التي تمثل الاحتياطي العالمي إلى أعلى مستوى لها منذ ثلاث سنوات ونصف مع وصول الوباء إلى الأسواق الأمريكية وتحول تركيز كبري اقتصادات العام إلى العمل على توفير الأساسيات فقط مما كان له دور كبير في انخفاض سعر الدولار مقارنه بعملات العالم إلى أدني مستوى له خلال العامين الماضيين.
وقال محللون استراتيجيون للشبكة، إن تراجع الدولار يأتي في الوقت الذي تتخلف فيه الولايات المتحدة عن معظم العالم في وقف انتشار الفيروس ويتوقع البعض أن يتخلف التعافي الاقتصادي الأمريكي عن الآخرين بما في ذلك أوروبا.
ويتفاعل الدولار أيضًا مع احتمالية تصاعد عجز الولايات المتحدة وأسعار الفائدة الأمريكية المنخفضة للغاية في المستقبل.
وأشار بعض الخبراء إلى أن الدولار الأمريكي عاني من "العاصفة المثالية" حيث تحمل الصدمات الاقتصادية الناجمة عن كورونا، فمنذ بداية الشهر خسر الدولار 4.9 % من قيمته مقابل اليورو بعد الرهان على أن اقتصاد الاتحاد الأوروبي سيتفوق على الاقتصاد الأمريكي.
وفى الفترة نفسها، انخفض الدولار بنسبة 2.5% مقابل الين الياباني و 6.4% مقابل الكرونا السويدية و 4% مقابل الدولار النيوزيلندي، وفي الأسواق النامية ارتفع الريال البرازيلي أكثر من 6 % مقابل الدولار الامريكي وارتفع البيزو المكسيكي بنسبة 4.9 % وارتفعت العملة الصينية بنسبة 1% في يوليو.
وعلى الجانب الاخر، انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات بنسبة 3.77 % في يوليو مسجلا بذلك اسوأ خسارة شهرية حتى الآن منذ أبريل 2011 عندما فقد 3.85 %
وقال جينس نوردفيك الرئيس التنفيذي لشركة Exante: "لدينا كل هذه الأشياء مصطفة"، موضحا ان الدولار الأمريكي كان قويا لمدة ست سنوات وبدأ الامر بالانعكاس في الاونة الأخيرة فقط ويتوقع أن يصل اليورو إلى 1.20 مقابل الدولار على المدى القريب ثم يعود إلى 1.30-1.35 للدولار.
ووفقا لتقرير شبكة CNBC الامريكية، فقد تضخم العجز الأمريكي الهائل الذي يبلغ تريليون دولار لبدء العام إلى تريليونات متعددة بينما تنفق الولايات المتحدة لمحاربة الفيروس التاجي، وهو الذي يؤثر على القيمة السوقية للدولار حيث تصدر الولايات المتحدة المزيد والمزيد من الديون ويشتري الاحتياطي الفيدرالي سندات الخزانة وغيرها من الأصول في حين يبقي سعر الفائدة الفيدرالي القياسي عند الصفر.
وأضاف نوردفيك: "لدينا نوع من الانتعاش العالمي المستمر وبعض البلدان اداءها أفضل من غيرها إلا أن الولايات المتحدة من بين الأسوأ أداءً إلى جانب البرازيل، وقال إن الفشل في السيطرة على الفيروس يعني أن المزيد من الشركات لا يمكنها العمل بشكل طبيعي مما يؤدي إلى المزيد من الإخفاقات المحتملة واقتصاد أكثر بطئًا.
وقال "إن العجز المالي في الولايات المتحدة والحاجة إلى تسييل هذا العجز أكبر بكثير من أي دولة أخرى في العالم"، ويقدر عجز الميزانية الفيدرالية بنحو 2.7 تريليون دولار أمريكي للأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2020 ، وفقًا لتقديرات البنك المركزي.
وتابع نوردفيك إن السوق تستنكر أيضًا احتمالات التضخم ، مع كل الحوافز العالمية التي تهدف إلى حل الأزمة واكد ان حركة السعر تعكس القلق من أن نقطة التحول ربما تكون قريبة.
وقال إن تحرك الدولار هو اتجاه أكبر يجب أن يستمر وأن الزخم قد يغذي نفسه. وقال "من الصعب التنبؤ متى يمكن أن يتوقف الانخفاض
وفي الأسواق المالية فان خسائر الدولار هي مكاسب الذهب، حيث ارتفع سعره إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 1،941.90 دولار للأوقية في سوق العقود الآجلة يوم الاثنين بزيادة تصل الى 7.2% حتى الان في يوليو فقط، بينما ارتفعت عقود الذهب الآجلة لشهر أغسطس بنسبة 1.8% في اليوم نفسه عند مستوى إغلاق قياسي بلغ 1،931.50 دولار للأوقية.
ارتفع الذهب مع ارتفاع الأسهم ، مع ارتفاع مؤشر S&P 500 بنسبة 4.2% لشهر يوليو، وتستفيد أسهم الشركات متعددة الجنسيات من ضعف الدولار لأنه يجعل تكلفة السلع والخدمات الأمريكية أرخص بالعملات الأجنبية.
العائد الحقيقي لعشر سنوات ، عند النظر في التضخم ، سيكون سلبيًا حيث تخسر الولايات المتحدة ميزتها ذات الفائدة الصفرية مع الأخذ في الاعتبار إن المعدلات السلبية تدعم فكرة ارتفاع سعر الذهب، حيث تكون الرسالة في الأسواق للمستثمرين إن هناك القليل من المال الذي يقومون به إلى جانب شراء الأسهم.
وأشار خبراء الى إن سوق الصرف الأجنبي لم يتم تداوله بعد في الانتخابات الرئاسية، لكن المخاوف من فوز الحزب الديمقراطي قد تكون سلبية للدولار بسبب مخاوف من ارتفاع الضرائب.
وقال نوردفيك إن سوق الأسهم يمكن أن تستمر في الارتفاع مع انخفاض الدولار ، ما لم يتحرك بسرعة كبيرة، محذرا من انه إذا توجه المستثمرون إلى الأسهم الخارجية بشكل كبير فقد يضر ذلك الأسهم الأمريكية مشيرا الى إن المستثمرين بدأوا في الانتقال بشكل أكبر إلى الأسهم الدولية في مايو واستمروا في ذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة