حذر صندوق النقد الدولى من التداعيات الحرجة لجائحة كورونا، وتأثيراتها السلبية على الفئات الأكثر فقراً في العالم، ولاسيما في البلدان الأفريقية جنوب الصحراء، متوقعاً أن تؤدي تلك الأزمة الصحية والاقتصادية "الفائقة السرعة وغير المسبوقة" إلى طمس ما يقرب من 10 سنوات من التحسن على صعيد التنمية في منطقة جنوب الصحراء الأفريقية.
وذكر صندوق النقد الدولي في آخر تقييم صدر عنه حول آفاق النمو الاقتصادي في منطقة جنوب الصحراء الأفريقية أن النمو المتوقع للمنطقة تدهور بصورة حادة منذ صدور التقرير السابق له في أبريل الماضي، متوقعاً أن ينحسر اقتصاد المنطقة بنسبة 2ر3 في المائة في عام 2020، بما يزيد على ضعف الانخفاض المتوقع في أبريل الماضي.. لافتا إلى أن مستويات الفقر في المنطقة مرشحة للارتفاع خلال العام الجاري، فضلاً عن أن جهود التنمية والاستقرار باتت على المحك بالنسبة لبلدان جنوب الصحراء.
وقال مدير إدارة أفريقيا في صندوق النقد الدولي، أبيبي أيمرو سيلاسي "إنها أزمة فائقة السرعة، وتشير التطورات الأخيرة إلى أن الانحسار المرتقب سيكون أكبر ما توقعناه قبل 10 أسابيع. فالمخاطر التي أشير إليها في أبريل تواصلت وأصبحت مقلقة، غير أن التدهور بالنسبة لآفاق النمو العالمي يبدو صارخاً على وجه الخصوص.
ويقول تقرير صندوق النقد إن أزمة (كوفيد- 19) ينتظر أن تطمس 10 سنوات من التحسن في التنمية، فنصيب الفرد من الناتج المحلي في المنطقة يتوقع انخفاضه بنسبة 4ر5 في المائة خلال 2020 ، وهو ما يعود بذلك المعدل إلى مستويات عام 2010. كما أن الجائحة يتوقع معها ازدياد مستويات الفقر المطلق عالميا لأول مرة منذ عقود، ويتوقع أن يهوي ما بين 26 و39 مليون إنسان في آتون الفقر المطلق في منطقة جنوب الصحراء الأفريقية وحدها.
ويؤكد صندوق النقد أن "سلطات الدول جنوب الصحراء الأفريقية تواجه تحديات متباينة في كيفية توفير الدعم للفئات المتضررة والأكثر احتياجاً. فهناك حوالي 90 في المائة من العمالة غير الزراعية في القطاع غير الرسمي، لم يخضعوا في الأساس لأي مظلة حماية اجتماعية، علاوة على ذلك، فإن شريحة كبيرة من تلك الفئة تعمل في المراكز الخدمية، وهي من أكثر المجالات تضرراً جراء الأزمة. ويضاف إلى ذلك أن العمالة غير الرسمية ليس لديها سوى نزر يسير من المدخرات كما يعدمون سبل الوصول إلى التمويل. لذا فإن البقاء في المنزل ليس خياراً بالنسبة لهم، وهو ما يعقد جهود السلطات لتنفيذ سياسات إغلاق فعالة، في وقت تعاني فيه تلك الحكومات من محدودية موارد لتعويض تلك الفئات المتضررة وحمايتها من تداعيات الجائحة".
وأشار تقرير صندوق النقد الدولي إلى أن توفير الدعم المالي الفوري بات ملحاً، لكن السلطات المحلية مقيدة، فالحفاظ على الصحة وحياة البشر تبقى لها الأولوية، فالكثير من حكومات دول المنطقة خصصت مزيداً من مواردها للرعاية الصحية وتطبيق معايير احتواء الفيروس وحماية الأسر الأكثر تضرراً، غير أن الكثير من تلك السلطات ذات قدرات محدودة للقيام بزيادة الانفاق اللازم لتخفيف آثار الأزمة.
وفي ضوء تلك الأوضاع والتوقعات القاتمة التي تحدث عنها الصندوق، طالب التقرير بمزيد من الدعم الدولي العاجل لبلدان جنوب الصحراء الأفريقية. وأشار إلى أن المؤسسات الدولية، ومن بينها صندوق النقد، قدموا مساعدات مالية لبلدان تلك المنطقة. ففي 15 أبريل الماضي، أعلنت مجموعة العشرين مبادرة تعليق خدمة الدين، التي تتيح للبلدان الأكثر فقراً- ومعظمها في أفريقيا- لتأجيل سداد ديون قيمتها 14 مليار دولار مستحقة السداد في عام 2020.
ورغم ذلك، فإن دولاً في أرجاء أفريقيا لازالت بحاجة إلى تمويلات إضافية تزيد خلال العام الجاري وحدة تزيد على 110 مليارات دولار، مع بقاء 44 ملياراً لم تحسم سبل تمويلها بعد.
واختتم مدير إدارة أفريقيا في صندوق النقد الدولي، أبيبي أيمرو سيلاسي، تقييمه للأمر قائلاً "الأزمة غير مسبوقة، والأعضاء لدينا (في الصندوق) بحاجة إلينا أكثر من ذي قبل، وجهودنا الراهنة سيكون لها تأثيرات مهمة في نهاية المسار، ليس في مساعدة أعضائنا على تخفيف الأثار الحالية للمأساة فحسب، بل للتشديد أيضاً على أن حياة الناس ومعيشتهم لن يطاح بهما إلى الأبد".