مرة أخرى سوف يظل فيروس كورونا نموذجا لحالة تختلط فيها الحقائق بأنصاف الحقائق والمصالح بالمنافسات، والآمال بالمخاوف. وخلال 6 أشهر أدى الفيروس إلى انقلاب طبى واجتماعى واقتصادى بالعالم، وما يزال العلماء يحاولون التعرف على ملامح واضحة لهذا الفيروس.
فى اليوم الواحد يواجه المواطن العالمى عشرات التصريحات حول طبيعة الفيروس وكيفية انتقاله، ودرجة الإصابة فى بعض الأفراد عن الآخرين.
وفيما يتعلق بالعلاج هناك يوميا أخبار عن أدوية ولقاحات للفيروس، لكنها تظل فى مراحل التجارب، ولم يصدر بعد الكلام الحاسم حول علاج أو لقاح. ففى اليوم نفسه تأتى تصريحات تنفى ما سبق وتشكك فيه، وأغلبها منسوب لجهات علمية أو صحية عالمية.
وفى الوقت الذى تبشر عشر جهات على الأقل بقرب إنتاج لقاح للفيروس، تتفاوت المعلومات التى تنطلق من الجهات المنوط بها إنتاج اللقاحات.
أعلنت أكسفورد قبل أسبوعين عن البدء فى إنتاج لقاح ضد فيروس كورونا، عادت مصادر الشركة لتشير إلى أن اللقاح لن يكون متوفرا قبل الشتاء القادم، بما يعنى استمرار الخوف لشهور قادمة، بل وهناك إشارات إلى أن اللقاح لن يتوفر قبل الشتاء القادم.
منظمة الصحة العالمية أعلنت عن 10 لقاحات جديدة تدخل التجارب السريرية لمواجهة ڤيروس كوفيد19، وأعلنت المنظمة بمؤتمر صحفى لإقليم شرق المتوسط، أن هذه اللقاحات تمر بـمراحل، لإثبات فاعليتها وإجازة استخدامها، لكن اللقاح الأقرب هو لقاح أوكسفورد.
خبيرة بريطانية هى سارة جيلبرت أعلنت قبل يومين أن لقاح أكسفورد يوفر حماية طويلة الأمد، ويساعد الجسم على إنتاج أجسام مضادة أكثر بثلاث مرات عن المرضى الذين تم شفاؤهم، وقالت البروفيسيرة جيلبرت التى تقود فريقًا بجامعة أكسفورد لابتكار لقاح، أن نتيجة اللقاح قد تكون أفضل من المناعة الطبيعية المكتسبة عندما يتعافى الأفراد ببساطة من الفيروس، لكنها لم تحدد موعدا لإنتاج وتوزيع اللقاح.
فى حين أعلنت كيت بينجهام، رئيس فريق عمل اللقاحات فى بريطانيا أن اللقاح الجديد لفيروس كورونا قد لا يوفر مناعة كاملة ضد المرض، لكنه يقلل من شدة الأعراض وقالت حسب « ديلى ميل» إنها واثقة من أن العالم سيكون لديه لقاح ضد كوفيد 19 بحلول عام 2021، بحسب «ديلى ميل» البريطانية.
ويشبه العلماء لقاح المضاد لكوفيد 19 بأنه أقرب للقاح المضاد الأنفلونزا يعمل على الحد من خطر الإصابة بأعراض حادة فى حالة حدوث العدوى، وتقول بينجهام للجنة العلوم والتكنولوجيا بمجلس العموم البريطانى: «أنا متفائلة أننا سنجد لقاحًا فعالا.. لكن المشكلة هل هو لقاح كامل، يمنع تكرر الإصابة بالعدوى، أم لقاح يزيل الأعراض و يقلل من الوفيات؟»، وأضافت: على المدى القريب قد نضطر فقط إلى إرضاء أنفسنا بلقاح يقلل من شدة المرض.
وبالفعل فإن أغلب العلماء يؤكدون أنه لا يوجد حتى الآن أى لقاحات مثبتة للفيروسات التاجية، مثل السارس وفيروس كورونا، على الرغم من عشرات المحاولات لتطويرها لما يقرب من عقدين.
ويفسر العلماء فشل محاولات إنتاج اللقاح بأنها ترجع لعدم الإنفاق على أبحاث الفيروسات واللقاحات، وإجراء تجارب واسعة لاستكشاف الجوانب الغامضة حول الفيروس وشدة الإصابة فى أشخاص على آخرين وشعوب عن أخرى، بما قد يشير إلى وجود ارتباطات جينية أو مناخية مع عمل الفيروس.
وكل هذا يجرى وسط منافسة بين أطراف متعددة لإنتاج اللقاح أولا، للحصول على الأرباح الأكبر من جهة، والسبق الذى يمثل إضافة لأى جهة تسبق لإنتاج اللقاح، فضلا عن فاعليته، وحتى هذه اللحظة يبقى البشر بين الخوف والأمل، انتظارا للحظة إعلان خروج اللقاح أو الدواء.