أكرم القصاص - علا الشافعي

"الناس فى بلادى".. محمد منير والغناء "المظبوط"

الجمعة، 03 يوليو 2020 03:36 م
"الناس فى بلادى".. محمد منير والغناء "المظبوط" الفنان الكبير محمد منير
كتب عمرو جودة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فِى جنوبك شَمْس وَخَضِرَة
فِى شِمَالِك بَحْرٌ ومطرة
وَفِى غربك شرقك صَحْرَاء
رملك ألْمَاسّ وَيَاقُوت
فيكى الجغرافيا تَعْلَم
وَتَارِيخ فَاضِل يَتَكَلَّم
وَعِلْمُك عَلَى قَلْبِى مُعَلِّمٌ
وَبُنِيَت فِى الْعِشْق بُيُوت
وبلادى بِلَادِى بِلَادِى ليكى حِبِّى وفؤاد
يا سلام ع النَّاسُ فِى بِلَادِى وَلَا الْجَيْش المظبوط
 
كان ما سبق جزءا من أغنية "الناس فى بلادى"، التى أطلقها الفنان الكبير محمد منير، مساء أمس الخميس، بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو، الأغنية من كلمات عبد الرحمن الأبنودى وهى آخر ما كتبه شاعر مصر العظيم، ومن ألحان المبدع محمد رحيم، وتعد فصلا جديدا ضمن ملحمة عشق الملك لهذا الوطن، فبعد أن قدم الولع فى "حدوتة مصرية"، و"شمس المغيب"، وقدم اللوم والعتاب فى "بعتب عليكى"، و"إزاى"، يقدم المدح والغزل فى "الناس فى بلادى".
 
ورغم ما عاناه محمد منير خلال الفترة الماضية، سواء من مشاكل صحية، أو من أحزان شخصية، إلا أنه أثبت من خلال هذه الأغنية، والتى تكاد أن تلامس الكمال فى المعنى والمغنى واللحن والأداء، أن الموهبة العظيمة لا تعترف بالتقدم فى السن، وأن "الملك" لا يتقاعد.
 
ولتوضيح ما أريد قوله، سأسمح لنفسى، بسرد هذه القصة التى حدثت خلال آخر لقاء جمعنى بالملك منذ شهرين تقريبا، عندما زرته فى بيته لتقديم واجب العزاء فى مدير أعماله وابن عمه وزوج أخته محمود أبا اليزيد، لأنى أعرف مدى قرب محمود من الملك، فقد كانت هذه الزيارة ثقيلة بعض الشىء على قلبى، لأنى لا أحب أن أرى من أحبهم فى لحظات ضعف، أو حزن، أو انكسار، ولأول مرة منذ أن عرفت الملك شخصيا فى نهاية تسعينيات القرن الماضى، لم يقابلنى منير بابتسامته الصافية المرسومة دائما على وجهه النيلى النحيل، ولأول مرة لم يستطع القيام لاستقبالى بسبب آلام يعانيها فى العمود الفقرى، حاولت أن أصطنع البهجة للتخفيف عنه، ورغم الجهد الكبير الذى بذله لكى يبدو متماسكا، إلا أن معالم الحزن وتقدم السن كانت واضحة على وجهه، وعندما قلت ما يقال فى مثل هذه المواقف عن مآثر ابن عمه الراحل، فوجئت بالدموع تباغته وتباغتى وتنهمر من عينه، لحظتها انقبض قلبى بشدة، وشعرت بالقلق والخوف على منير ليس فقط باعتباره قيمة فنية كبيرة، لكن باعتباره قيمة إنسانية كذلك.
 
بسرعة غيرت مجرى الحوار، وتحدثت عن ما يدور فى العالم، وعن الشأن العام، وتطرق الحديث للمخاطر التى تحيط بمصر وبالمنطقة العربية، وقلت له "متقلقش على مصر.. البلد دى ممكن تمرض لكنها أبدا لا تموت"، فرد: "عارف ليه أنا مش قلقان على مصر؟؟.. لأن شعبها يختلف عن كل شعوب وكمان جيشها هو الجيش المظبوط.. اسمع الغنوة دى".... فجأة بدأ الملك بغناء "الناس فى بلادى".. وفجأة بدأ شىء غريب يحدث، لو أنك نظرت إليه وهو يغنى، لو أنك فقط أحسست بشعوره.. أعنى أنها نفس الحجرة، ونفس الحضور.. لكن لا.
 
لقد قلت فى نفسى "يا إلهى.. ثمة شىء مهيب يتصاعد فى الغرفة، وهو يعيش بداخله ويتواصل معه، لأول وهلة لم أعرف ما هذه الشىء، لكن الإجابة جاءتنى سريعة مع البريق المتدفق من عينيه.. إنه السمو، سمو الإخلاص والتماهى مع الموهبة والغناء والفن... وفجأة "تحول" محمد منير وعاد إليه ذلك الفتى الأسمر المتمرد القادم من أقصى الجنوب ليقدم تجربة، شديدة التفرد، وفنا خالصا لوجه الوطن والناس.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة