بجانب المصطلحات الاستعمارية الرنانة، التى يرفعها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، من عينة ضرورة إعادة جغرافية تركيا القديمة، وإرث أجداه العثمانيين، والدفاع عن الأمن القومى التركى، من خلال التدخلات الوقحة في العراق وسوريا وليبيا، فإن الحلم الحقيقى الذى يبحث عنه هو تنفيذ خطة "الوطن الأزرق".
وخطة إقامة "الوطن الأزرق" ترتكز على التوسع والسيطرة على كل المياه البحرية المحيطة بتركيا، والتي تعتبرها منطقة اقتصادية خالصة لابد أن تخضع لسيطرة وسيادة أنقرة.
وتعادل مساحة "الوطن الأزرق" نصف المساحة البرية لتركيا، بحسب ما ذكره قائد الأسطول التركي المتقاعد، جيم جردنيز لموقع "Aydınlık" التركى فى عام 2013.. ومن ثم فإن عملية التصعيد من جانب أردوغان في المنطقة هدفها تنفيذ هذا المخطط والسيطرة الكاملة على كل المياه الإقليمية المحيطة بتركيا، والاستحواذ على خيراتها وثرواتها، وتحديدا منطقة شرق المتوسط، التي تعد حاليا وفقا لتصنيف العديد من المؤسسات الدولية المعنية بالاقتصاد، إنها "الدجاجة التي تبيض ذهبا".
وتأسيسا على ذلك، فإن التحركات الصاخبة لأردوغان في ليبيا، بجانب الطمع ومحاولة الاستيلاء على ثروات أبناء وأحفاد عمر المختار، النفطية، فإنه يبحث عن موطئ قدم له في منطقة شرق المتوسط، وتحقيق حلم "الوطن الأزرق" لذلك وقع الاتفاقية الباطلة مع فايز السراج المنتهية شرعيته منذ عام 2017.
لذلك فإن التصعيد الأردوغانى في ليبيا مؤخرا، ومحاولة السيطرة على "الجفرة ثم سرت" تسارعت وتيرته بشكل لافت، للدرجة أن وزير الدفاع التركى، كان في زيارة لليبيا، خلال الساعات القليلة الماضة، ليعلن بوضوح شديد، أن تركيا تتدخل عسكريا في ليبيا، إيمانا من أن السيطرة على الجفرة وسرت، يعنى السيطرة على الهلال النفطي، ثم بناء قاعدة جوية قادرة على تهديد منطقة شرق المتوسط، وتهديد مصالح مصر بشكل واضح وجلى.
لكن اللافت ومن خلال المعلومات المسربة من كواليس زيارة وزير الدفاع التركى لطرابلس، فإن الخطة العسكرية التركية في ليبيا قائمة على السيطرة تماما على الحدود الشرقية، وتحديدا من النقطة "كمبوت" الملاصقة لمصر، حتى مثلث العوينات، جنوبا، مصحوبة بسيطرة الطيران التركى على سماء المنطقة، واعتراض أي طائرة تحاول الاقتراب من هه المنطقة.
خطورة الأمر هنا، أنه في حالة نجاح تركيا في السيطرة على شرق ليبيا، الحدود الغربية لمصر، برا وجوا، فإنها ستوفر الملاذ الآمن لمنتخب العالم للإرهاب، وتمكينهم من إقامة المعسكرات، ومن ثم يهددون مصر بشكل مباشر، وتتحول المنطقة إلى ما يشبه منطقة عمليات مسلحة تنطلق نحو مصر لتهديد أمنها القومى، وفتح جبهة جديدة قوية، بعد فشل كل المخططات في سيناء.
وبتحليل بسيط، لا يحتاج لقريحة العباقرة، فإن تسارع وتيرة تحركات تركيا في ليبيا، وزيارة وزير دفاعها لطرابلس، وما تسرب من كواليس الزيارة، وخطورته على الأمن القومى المصرى، فإن المواجهة مع أردوغان وجيشه المشلح، باتت قريبة، فلا يمكن ترك أحلام الرئيس التركى، أن تتحقق سواء بإعادة ما يسمى الخريطة القديمة لتركيا، وإرث الأجداد، أو تنفيذ خطة تأسيس "الوطن الأزرق" ولابد له أن يدفع ثمن تدخلاته ووقاحته، وأن يرى بعينيه تحول حلم تحقيق "الوطن الأزرق" إلى "اليوم الأسود" في تاريخ تركيا على الأراضى الليبية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة