أكرم القصاص

العلم والبحث العلمى.. التعليم والإعلام والتسويق

الإثنين، 06 يوليو 2020 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحاجة إلى العلم للدول النامية تبدو أكثر أهمية عن الدول المتقدمة، والعلم هنا لا يتعلق فقط بنقل وحشد مناهج علمية أو بحثية، لكنها فى جزء منها ثقافة علمية وتفكير علمى يتجاوز تراكمات عقود من احتقار العلم ودعم الفهلوة والادعاءات، لقد ظهرت خلال السنوات الأخيرة بعض الظواهر التى يدعى أصحابها العلم، بينما هم فقط شطار فى تسويق أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعى والفضائيات، لكن لا علاقة لهم بالعلم أو التفكير العلمى. 
 
والمفارقة أن أعداد دارسى العلوم والهندسة والعلوم الطبية تضاعفت عشرات وربما مئات، ولكن هذا التوسع لم ينتج واقعا علميا متقدما، بل إن الصدمة إذا علمنا أن قادة الإرهاب الكبار على مدى عقود كانوا من دارسى العلوم والرياضيات والهندسة والطب، ومع هذا ساهموا فى ترويج الخرافة والعنف والقتل، بما يعنى أن اللحاق بعصر العلم لا يرتبط بعدد من يدرسون العلوم، ولكن بمدى القدرة على فتح مجال لتفكير علمى يتوازى مع دراسة العلم. 
 
ولا يمكن الفصل بين الدراسة الجامعية لمناهج علمية وبين البحث العلمى، لأن الجامعة تكون هى الممر الأهم نحو العلم، بل إن الثقافة العلمية والتفكير العلمى تبدأ من المراحل الأساسية، التى يمكن خلالها اكتشاف مواهب الطفل وإمكانياته وقدراته.
 
خلال أربعة عقود على الأقل كان التركيز فى العلوم على ما يسمى العلوم التطبيقية، بل إن الحديث عن الابتكار دائما ما يشير إلى الاختراعات والابتكارات وبراءات الاختراع، مع إهمال واضح للدراسات الأكاديمية والنظرية، بل إن المجتمع أو لنقل الدراما غالبا ما تقدم الباحثين والعلماء فى صور كاريكاتورية.
 
وبالرغم من توسع أدوات التواصل مع الفضائيات وغيرها، فقد تراجعت نسبة البرامج العلمية العامة فى قنواتنا، بينما فى السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين توافرت برامج علمية مبسطة مثل عالم البحار والحيوان، اليوم مع توسع أدوات النشر تتراجع مساحات البرامج العلمية لصالح برامج النميمة والثرثرة. طبعا هناك برامج ومواد علمية تتوفر على قنوات مثل ناشيونال جيوجرافيك أو الحيوأن والنبات وغيرها من القنوات الأجنبية، لكن حجم ما تبثه أدوات الإعلام عندنا يكاد يكون صفرا.
 
بالطبع، فإن البرامج العلمية لا تصنع علماء، لكنها تفتح الباب وتنير الطرق أمام أطفال أو شباب، وتنافس برامج النميمة التى لا تتوقف وتمثل وجبات مكررة مفروضة على المشاهد.
 
بالعودة إلى فكرة العلم والتفكير العلمى، فإن الأمر بالفعل يحتاج إلى تخطيط يبدأ من المدارس الأساسية، وهى المراحل التى يمكن من خلالها اكتشاف قدرات التلاميذ، وأيضا تحفيزهم على الاختيار الحر فيما يتعلق بدراساتهم. 
 
أما عن الجامعة فربما تكون هناك حاجة لإعادة الاعتبار إلى كليات العلوم، والدراسات الأكاديمية العلمية، ولا ننكر أن العقود الأخيرة شهدت تجارب لجامعات عامة وخاصة تتعلق بالتوسع فى البحث العلمى، أو الاشتراك فى أبحاث مع جامعات بالخارج، أو حتى ظهور بعض الجامعات الأهلية تعمل فى مجالات البحث، لكن هناك ثغرات وربما تراكمات مختلفة تجعل بعض هذه التجارب مجرد دعاية وتسويق وتجارة.
 
ربما تكون هناك حاجة لدراسة تفاصيل البحث العلمى، ووضع تصور لسنوات أو عقود تتراكم فيها نتائج، لتصنع واقعا وليست مجرد تجارب فردية.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة