أدلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، بتصريحات عقب انتهائه من الجولة التفقدية التي قام بها اليوم لعدد من المشروعات يرافقه، الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، واللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة.
وقال رئيس الوزراء: قمنا بجولة مطولة، منذ الصباح الباكر، في محافظة الجيزة؛ لتفقد جميع مشروعات التطوير التي يتم تنفيذها بالمحافظة، وخاصة فيما يخص المحاور والطرق، وبدأنا الزيارة بتفقد الإدارة العامة للمرور بمدينة السادس من أكتوبر، والتي يتم تطويرها كنموذج يحتذى به في جميع إدارات المرور بالجيزة على مستوى الجمهورية، حيث يمثل هذا النموذج نقلة نوعية في تقديم جميع الخدمات للمواطنين في هذه الإدارات على أعلى مستوى من خلال النظام المميكن بالكامل، وهو ما يجعل المواطن يضمن حصوله على الخدمة المطلوبة بأعلى مستوى في أقل وقت ممكن، مشيراً إلى أن هناك العديد من الخدمات سيكون متاحاً أمام المواطن القيام بها من خلال دخوله على شبكة الإنترنت من أي مكان يتواجد به دون الحاجة للذهاب إلى إدارة المرور، كما أنه بإمكانه أن يدفع مقابل الخدمة كذلك من خلال الإنترنت.
وقال رئيس الوزراء: إن إدارات المرور قد يقتصر دورها فيما بعد على فحص السيارات، الذي يتم القيام به كل بضع سنوات، أو خدمة إصدار رخصة جديدة، وغيرها، مشيراً إلى أنه سيتم تعميم تجربة النظام المميكن في جميع الإدارات على مستوى الجمهورية خلال الأشهر المقبلة، في ظل المضي قدما نحو تطبيق نُظم التحوّل الرقمي، الذي يتيح الحصول على أكبر قدر ممكن من الخدمات المقدمة للمواطنين إلكترونياً.
وتطرّق الدكتور مصطفى مدبولي إلى الجولة التفقدية التي قام بها اليوم ومرافقوه، لجميع المحاور التي يتم تنفيذها في مدينة 6 أكتوبر ومحافظة الجيزة بحجم ضخم من المشروعات، سواء التي تخدم مدينة الشيخ زايد، أو مدينة السادس من أكتوبر، وكذلك الطريق الدائري الأوسطي، الذي سيصبح طريقاً دائريا هائلاً يربط جميع أنحاء إقليم القاهرة الكبرى ببعضه، من شمالها إلى شرقها ثم غربها، وهو طريق عالميّ وتقوم بتنفيذه الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة بالتعاون مع وزارة الإسكان، منوهاً إلى أنه قبل نهاية العام 2020، سيكون هذا الطريق قد تم الانتهاء منه، ليدخل الخدمة ويبدأ تشغيله، ضمن المحاور والطرق الأخرى التي تقوم بها الدولة لتيسير حركة المرور على المواطنين.
وأضاف رئيس الوزراء: تفقدنا مع وزير الإسكان ومحافظ الجيزة مجموعة المحاور الأخرى، التي يتم تنفيذها حول منطقة الهرم والمتحف الكبير، ومنطقة الرماية بصفة عامة، وكذا المحاور الأخرى التي يتم تنفيذها على المنصورية والمريوطية، ومنها محور الزعيم الراحل محمد أنور السادات أو ترسا سابقا، ومحور ترعة الزمر، لافتاً إلى أن التكلفة الإجمالية لهذه المحاور تتخطى حاجز الـ 10 مليارات جنيه.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه منذ أيام قليلة، شرف الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، افتتاح حجم آخر من المحاور تتجاوز تكلفته 15 مليار جنيه في شرق القاهرة، وقال رئيس الوزراء في هذا السياق: إننا لا بد أن نتوقف عند نقطة تكلفة العمران العشوائي الذي شهدته الدولة على مدار 40 عاماً، والذي يحتاج مئات المليارات لإصلاحه، مدللا على ذلك بحركة العمران التي تحيط بالمحاور التي يتم تنفيذها في منطقة ترعة الزمر، حيث كان من الواجب ألا يتجاوز ارتفاع العقارات بها عن 5 أو 6 طوابق، لكنها تحولت إلى أبراج شاهقة تحتوي على 14 أو 15 طابقاً، وهذا النموذج لا يتواجد فقط في محافظة الجيزة، بل يوجد في مناطق أخرى عديدة على مستوى الجمهورية، مما يؤثر في خط تنظيم العمران والمرافق بجميع هذه المناطق، وهو ما يُكلف الدولة مئات المليارات لإصلاحه.
وقال رئيس الوزراء إنني إذا تحدثت كخبير تخطيط عمراني قبل أن أكون رئيساً للوزراء، فإنه يمكنني التأكيد أن شوارعنا في مدننا الكبيرة تنفرد بظاهرة خطيرة لا توجد في أي مكان على مستوى العالم، حيث تحولت هذه الشوارع إلى "جراجات عامة مفتوحة"، وهو ما يعوق حركة السيارات بها، ومن هنا نحن كدولة كان يتوجب علينا أن نتدخل بحسم شديد، ونتخذ قراراً بإيقاف حركة البناء بالكامل في الجيزة والقاهرة والقليوبية والإسكندرية، وعواصم المحافظات، من خلال وقف إصدار تراخيص العمارات السكنية لمدة 6 أشهر لمراجعة هذا الموقف.
وفي هذا الصدد أيضاً، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى ما يتعلق بهدم المباني القديمة أو الفيلات القديمة، وبناء عمارات بدلا منها، حيث تطرق إلى حي مصر الجديدة، الذي شهد تجديد قصر البارون وشرفه بالحضور رئيس الجمهورية مؤخرا، حيث كان مخططاً له من عشرات السنين أن يستوعب عدداً معينا من الفيلات وبكثافة معينة للسكان وبعرض معين للشوارع، إلا أن ما شهده هذا الحي وغيره من أحياء القاهرة القديمة من هدم للمباني والفيلات وإنشاء عمارات سكنية مرتفعة، أدى إلى الضغط على المناطق السكنية ومرافقها، ثم نتج عن ذلك شكاوى من المواطنين من سوء حالة المرافق، وهو ما يُكلف الدولة في نهاية الأمر مئات المليارات، لكننا نسير وفق الأولويات، بحيث " ما لا يدرك كله لا يترك كله".
كما تحدث رئيس الوزراء عن أن الدولة اتجهت منذ سنوات للبناء في المدن الجديدة، كما يقوم القطاع الخاص بتنفيذ مشروعات سكنية بها، لكن البعض فضّل الهدم والبناء في نفس المنطقة السكنية التي يقطن بها، وهو ما أدى لتفاقم مشكلات المرافق، وأصبحت الدولة مطالبة بحل جميع هذه المشكلات.
وشدد رئيس الوزراء على أن هناك توجيها للمحافظين، يتم تنفيذه بالتنسيق مع وزراء التنمية المحلية والداخلية والإسكان، يتمثل في الإيقاف التام لمدة 6 أشهر لكل أعمال بناء العمارات السكنية فقط وليس مباني الخدمات مثل المستشفيات أو المدارس، لافتاً إلى أنه خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بحد أقصى، سيتم إعداد مخطط تفصيليّ لكل هذه المناطق القائمة بالمدن القديمة، فضلاً عن عواصم المحافظات التي يوجد بها كثافات سكانية عالية.
كما شدد رئيس الوزراء على أن هناك أحياء داخل محافظات القاهرة والجيزة والمدن والعواصم القديمة لن يسمح بالبناء فيها مرة أخرى، موضحا أنه بالنسبة للأراضي الخالية من المباني سيتم البناء عليها لاستخدامات محددة أو توفير تعويض عبارة عن بديل في المدن الجديدة في حالة الرغبة في بناء عمارة سكنية من مالكها.
وفي الوقت نفسه، أوضح رئيس الوزراء أن هذا التوجه يأتي بهدف إنقاذ المدن وضمان استمرارية الحركة بها، موضحاً أن المحاور الجديدة التي يتم إنشاؤها تكلف الدولة استثمارات تصل إلى مئات المليارات، وأنه في حالة تكرار عمليات البناء غير المخطط بعد الخمسة عشر عاماً القادمة سيُكلف ذلك الدولة مستقبلاً مبالغ باهظة قد تصل إلى تريليونات من الجنيهات لتنفيذ محاور جديدة مع وجود مشكلة في تحديد أماكن لإنشائها.
وعاود الدكتور مصطفى مدبولي التأكيد على أهمية أن نكون واعين تماماً، وأن هناك أحياء كاملة لن يسمح بالبناء السكني بها لان تلك الأحياء وصلت إلى كثافاتها النهائية والقصوى وأن من يرغب يمكنه البناء السكني في المدن الجديدة، مضيفاً أنه في بعض المناطق الأخرى من الممكن أن يتم السماح بالبناء السكني بها وفقاً لاشتراطات واضحة جداً منها وجود حد أقصي للارتفاع لا يمكن أن تزيد عنه هذه الأحياء القديمة، قد يكون من أربعة إلى خمسة طوابق، وستتم مراجعة لمساحات الجراجات الموجودة.
كما لفت رئيس الوزراء إلى أنه مع وجود قانون التصالح على مخالفات البناء، يوجد توجيهات بمنتهى الشدة والحسم لكل المحافظين بالإزالة الكاملة لكل المخالفات القائمة ضد كل قوانين واشتراطات البناء، مضيفاً أنه تم فتح باب التصالح بالشروط المحددة وتم مده إلى فترة أخرى لعدم تقدم المخالفين، مشدداً على أنه من لم يتقدم للتصالح وهو ينطبق عليه وفقاً للقانون ستتم الإزالة الفورية، أما بالنسبة لمن تقدم على التصالح فقد تم توجيه لجنة مشكلة من وزراء التنمية المحلية، والداخلية، والإسكان بضرورة وضع آليات واضحة تطبقها جميع المحافظات، وبناء عليها يقوم المواطن بوضع مبلغ تحت الحساب للتصالح يحدد حسب نوع المخالفة لضمان الجدية واستكمال عملية التصالح، على أن يتم استنزاله من القيمة الإجمالية للتصالح المطلوب سدادها.
وتطرق رئيس الوزراء إلى ظاهرة بناء الأبراج السكنية التي تصل قيمة الوحدة السكنية بها إلى ملايين الجنيهات مع تشطيب واجهة واحدة وترك الوجهات الثلاث الأخرى على الطوب الأحمر، بل إنه فى بعض الأحياء لا يتم تشطيب الواجهة الرئيسية، منوهاً إلى أنه سيتم وضع خطة زمنية وإعطاء مهلة للسكان للقيام بتشطيب واجهاتها، وبعد انقضاء هذه المدة سيتم قطع المرافق عن أى عقار لم يقم بتشطيب واجهاته، لافتاً إلى أنه وفقاً للقانون فإنه لا يتم توصيل المرافق إلي العقارات غير المكتملة من التشطيب.
كما أكد رئيس الوزراء أن هذه العمارات يجب أن يتم دهانها بألوان يتم تحديدها في تلك الأحياء، حتى تعود مدننا مرة أخرى إلى طابعها الجمالي والحضاري والتي نفخر بها، بما يضمن ألا تقل عن مستوى أي مدينة أخرى عالمية، مما يمهد لعودة القاهرة إلى رونقها المعهود في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ويعود شكل العمران لما كان عليه من شكل جمالى مبهر.
واختتم رئيس الوزراء حديثه قائلاً: "بنشتغل على عملية جراحية شديدة التعقيد، وأنه لفتح أي محاور ستحدث إزالات ونزع ملكيات"، مضيفاً بأنه سيتم تعويض المتضررين سواء من خلال بديل نقدي أو بديل عيني حتى يتسنى فتح هذه المحاور وتعود الحياة مرة أخرى إلى المدن الكبيرة التى تعانى منذ عشرات السنين من ظاهرة التكدس الحضاري القائمة، قائلا: " خطة الحكومة وتوجيهات صارمة للمحافظين نشتغل عليها في المرحلة القادمة بإذن الله لضمان إعادة الوجه الحضاري مرة أخري لمصر ولكل المدن القديمة، عشان زي ما بنبنى مدن جديدة فى الصحراء على أعلى مستوى، نعيد مرة أخرى الوجه الحضارى والجمالى للمدن القديمة بتاعتنا".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة