من خلال متابعة وضع فيروس كورونا فى مصر يمكن القول إننا فى منطقة حرجة، تحتاج المزيد من الالتزام بالضوابط والإجراءات الاحترازية. وبالفعل فإن التزام كثيرين بالكمامات والتباعد ربما يكون ساهم فى خفض نسبة العدوى، لكن تظل هناك ضرورة لاستمرار الالتزام، حتى يمكن عبور الأزمة، خاصة أن تجارب الدول المتقدمة التى فتحت الأبواب، تشير إلى أن التهاون فى الإجراءات الاحترازية أدى لعودة الإصابات بشكل ما.
فيما يتعلق بأحوالنا فإن الاستهتار فى فترة سابقة أدى إلى تزايد الإصابات وانتقالها إلى الوجهين البحرى والقبلى، والمناطق التى ظلت بعيدة عن العدوى، وظلت هناك أصوات تشير إلى أن الفيروس لم يصل إلى دوائر قريبة منهم، حتى أصبحت حالات العدوى تقترب من الدوائر المختلفة، وتتسع لتشمل أسرا وشوارع وقرى، كما أن بعض من استهانوا ونظموا عزاءات أو أفراحا سرعان ما اكتشفوا أنهم دخلوا مصيدة الفيروس.
لم يمر أسبوعان على البدء فى عودة جزئية لأنشطة العمل والصناعة والتجارة، والمواصلات تبدو الإصابات المعلنة من وزارة الصحة فى نطاق يمكن التحكم فيه، لكنه ليس وضعا مطمئنا يستدعى التهاون مع الإجراءات الاحترازية، بالفعل حسب إحصائيات وزارة الصحة تراجعت أرقام الإصابات جزئيا، لكن ما تزال مرتفعة، ثم إن أغلب مستشفيات العزل والحميات مشغولة، وتوفير سرير لمريض محتاج يبدو أمرا صعبا، وبالتالى فإن الحكم بأن الفيروس فى سبيله للانحسار ربما لا يكون استنتاجا صحيحا، ولا يمكن تجاهل نسبة وفيات مرتفعة نسبيا، بالرغم من إعلان اللجنة العلمية عن تطور فى بروتوكولات العلاج، رفع من نسب التعافى، مع تكرار أن نسب الوفيات ترجع لتأخر الحصول على الرعاية الصحية فى موعدها.
وما زلنا نتذكر كيف بقينا فى مرحلة منخفضة من الإصابات وسخر البعض من الفيروس وتعاملوا بناء على تصورات خاطئة، مما أدى لتضاعف أعداد الإصابات بشكل مقلق خلال شهر يونيو، الآن عادت الأعداد إلى التراجع، لكنه لا يعنى التهاون والتعامل باستهتار، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك حالات عدوى تتم ويشفى المصابون بها من دون معرفة، أو بأعراض يمكن تحملها، وهذا لا يعنى انتهاء الفيروس أو ضعفه، وإنما يعنى أن هناك تفاعلات مختلفة للفيروس مع المصابين.
ومن متابعة الأخبار والتقارير المنسوبة لعلماء، وخبراء على مستوى العالم ما تزال هناك تقارير متضاربة عن الفيروس ونوعيته.
مع تأكيد على أنه لم يتم التعرف بشكل تام على مواصفات فيروس كوفيد 19، وسلالاته أو مواجهته، وحتى طريقة انتقال الفيروس ما تزال غامضة فى بعض الأحيان ونسبة التعافى من شخص لآخر والاستجابة للعلاج.
وفيما يتعلق بانتقال الفيروس فإن نظرية سادت لفترات أن الفيروس لا ينتقل بالهواء، بل إن منظمة الصحة العالمية نفت من قبل أن تكون العدوى بالهواء، لكن مؤخرا وجه 239 عالما من 32 دولة، اتهاما لمنظمة الصحة أنها تجاهلت الأدلة العلمية على قدرة الفيروس على الانتقال عبر الهواء. وهو ما يعتبر خطرا إضافيا للفيروس لم يكن فى الحسبان.
نفس الأمر فيما يتعلق بموجات قادمة من الفيروس خلال الخريف القادم، أو الشتاء، وحدوث تحور فى بعض السلالات بما يجعلها أخطر.
هناك اختلاف فى نسبة الإصابة والشفاء والعدوى هناك شباب بصحة جيدة يموتون بالفيروس وكبار مرضى يتعافون، والعكس أيضا، وما يزال الحديث عن إصابات أضعاف ما هو معلن، وشفاء من دون علاج، كلها تشير إلى اختلافات فى النوع والدرجة.
الشاهد فى كل هذا هو أن علينا أن نتمسك بالأحوط، وأن نلتزم بالإجراءات الاحترازية التى ساهمت بالفعل فى انخفاض نسبة الإصابة، حتى يمكن الوصول إلى منحنى هبوط تام وإعلان بتراجع وانتهاء للوباء الذى يحمل الكثير من الغموض والخطر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة