جرائم الآباء كثيراً ما يدفع ثمنها الأبناء، أمام جثامة الجرائم يكون الثمن باهظاً، وربما تكون الحياة الأبدية فى مخيم لاجئين أو مركز احتجاز، بدلاً من الميلاد والحياة فى وطن مسالم ومجتمع غربى يتسم بقدر ما من التقدم والازدهار، وهو ما آل إليه مصير ما يزيد على 700 طفل ولدوا لعناصر تنظيم داعش الإرهابى داخل كلاً من سوريا والعراق لأباء أوروبيين ممن انخرطوا فى صفوف القتال، وارتكبوا جرائم لا حصر لها.
ويظل ملف "أطفال داعش" من الملفات الشائكة التى تؤرق القارة العجوز، وهو الملف الذى تراجع فى الأشهر القليلة الماضية بسبب تفشى وباء كورونا الذى فرض قيود جديدة على الدول الأوروبية.
وتسود مخاوف داخل الدول الأوروبية من خطورة "العائدين من داعش"، حتى الأطفال المقدر عددهم بما يزيد على 700 طفل غالبتهم فرنسيين، بسبب احتمالات اعتناقهم لفكر متطرف يكون نواة لعمليات إرهاب وتخريب فى المستقبل.
ووفقاً لصحيفة لو بوان الفرنسية ، فقد قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنه بالفعل تمت إعادة 10 أطفال فرنسيين من مخيمات اللاجئين في شمال شرق سوريا إلى فرنسا.
كما أعلنت باريس أنها تريد إعادة قسم من نحو 150 طفلاً من أبناء المقاتلين الأجانب من الجنسية الفرنسية تم الإبلاغ عن وجودهم في سوريا في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد.
ومن جهتها استعادت بلجيكا ثلاث بلجيكيات، أرامل مقاتلين سابقين في تنظيم داعش في سوريا، وستة من أطفالهن الأربعاء من تركيا حيث فروا، وفق ما أعلنت النيابة الفدرالية البلجيكية.
وتواجه النساء الثلاث إدانة صادرة عن القضاء البلجيكي بالمشاركة في نشاطات جماعة إرهابية، كما ينص القانون البلجيكي في هذه القضية على أن الأولاد الستة الذين عادوا مع النساء سيمثلون أمام قاضي الأحداث بعد فحص حالتهم الصحية في المستشفى، وفقاً لقناة يورو نويز الاخبارية
وعلى الجانب الاخر، فهناك بعض الدول الغربية التي ترفض استعادة مواطنيها الذين سافروا إلى سوريا للانضمام إلى داعش، حيث يعتبرهم البعض مصدرا للتهديد الأمني في بلادهم، لكن هناك دول قليلة أبدت استعدادا حتى الآن لاستعادة مواطنيها.
واكتفت دول أوروبية عدة، بينها النمسا وألمانيا وفرنسا، باستعادة عدد محدود من أبناء المقاتلين، واعتقل منذ العام الماضي مقاتلون أجانب من نحو 50 بلداً في سوريا والعراق في أعقاب انهيار التنظيم، التي أعلنها تنظيم داعش في البلدين عام 2014.
ويتم احتجاز الكثير من عائلاتهم في مخيم الهول المكتظ في شمال شرق سوريا الذي يضم نحو 68 ألف شخص وحيث توفي أكثر من 500 شخص، معظمهم أطفال، سنة 2019.
ومن جانبها قالت ساسكيا بريكمونت، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر: "لا يوجد تنسيق أوروبي بشأن هذا الموضوع، لقد طالبت منذ عام بضرورة النظر في وضع أطفال المقاتلين الأجانب بالنظر إلى الصعوبة التي تواجهها الدول الأعضاء بشكل فردي لجمع الأدلة الجنائية الخاصة بمقاتلي تنظيم داعش"
وتضيف: "دعوت إلى ضرورة أن يكون ثمة تعاون أوروبي من خلال إرسال خبراء حيث توجد المعتقلات للتنسيق مع السلطات المحلية هنالك".
وجدير بالذكر ان محققون تابعون للأمم المتحدة دعوا لإعادة آلاف الأطفال من أبناء المقاتلين في صفوف تنظيم داعش من سوريا إلى بلدان ذويهم.
وووفقاً ليورو نيوز، ذكرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بملف سوريا في تقرير أن الأطفال "على وجه الخصوص" في "وضع خطر" إذ إنهم كثيراً ما يفتقدون لوثائق رسمية.
وأفاد التقرير أن "ذلك بدوره يشكل خطرا على حقوقهم في الحصول على جنسية ويعرقل عمليات إعادة لم شمل العائلات ويعرّضهم بشكل أكبر لخطر الاستغلال والانتهاكات"، كما تقول جماعات حقوق الإنسان إن ترك الأطفال في سوريا يهدد صحتهم العقلية والجسدية.
واستخدم "تنظيم داعش" العديد من الأطفال لحمل أسلحة كما يتعرض الكثيرمن الأطفال للعنف الجنسي ويتم استغلالهم في التفجيرات الانتحارية.
وقالت المسؤولة عن حقوق الإنسان في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ماري-دومينيك باران للبرلمان الأوروبي في نوفمبر إن ما بين 700 و750 طفلاً لهم روابط مع أوروبا قيد الاحتجاز حاليًا في مخيّمات بشمال شرق سوريا، يقال إن 300 منهم فرنسيون.