لقب "بـ أسير القاهرة" فنان قدم صورًا ولوحات مبهرة من قاهرة المعز، واستطاع تجسيد لحظات هامة اختفت الآن من حياة المصريين مثل "موكب المحمل" الذى كان يقام للمصريين الذاهبين لأداء الركن الأعظم من أركان الإسلام.
هو الفنان لودڤيك دويتش، ولد فى عائلة يهودية مرموقة، كان والده ممولاً وأحد رجال البلاط الإمبراطورى النمساوى، تعلم فى أكاديمية الفنون الجميلة النمساوية "1872-1875"، كان على علاقة طيبة مع الرسام المستشرق رودلف إرنست.
موكب المحمل
رسم لوحته الشهيرة "موكب المحمل فى شوارع القاهرة"، عام 1909، ونرى فى اللوحة عددًا من الحجاج بملابس الإحرام يحيطون بالمحمل وتظللهم الزينة وسط غيوم البخور البيضاء ويلوحون تعبيرًا عن ابتهاجهم بزيارة الأراضى المقدسة.
ورغم أن اللوحة لا تصور الوصول إلى مكة فإنها تظهر أن الرحلة هى المقصد لما فيها من صداقة وإخاء.
ووفقا للرسام، فقد كانت تلك القافلة تمضى فى طريقها من أمام المجمع المزدوج لمسجد السلطان الغورى، آخر المبانى المملوكية العظيمة التى شيدت فى أوائل القرن السادس عشر، ويظهر بالفعل جزء من المسجد على يسار اللوحة.
فى الوقت الذى كان معظم المستشرقين يجوبون المغرب العربى ومشرقه سعياً إلى الاكتشاف والتقاط مصادر إلهام مختلفة، بدا وكأن دويتش وجد فى القاهرة ما يكفيه أو كل ما كان يبحث عنه، رسم مشاهد من حياة العامة، مثل "بائع السحلب" و"لاعبا الشطرنج"، كما رسم مناسبات مميزة مثل "المحمل"، التى تمثل انطلاق موكب نقل كسوة الكعبة المشرفة من القاهرة إلى مكة المكرمة.
كان دويتش يكتفى فى القاهرة بإنجاز الرسوم التحضيرية على الورق، لينجز لاحقاً اللوحة الزيتية فى محترفه فى باريس بأسلوب واقعى دقيق حتى الحدود القصوى، جعل كثيراً من النقاد يجزمون أنه كان يعتمد ولو جزئياً على الصور الفوتوغرافية، إذ إن هذا الالتزام برسم أصغر التفاصيل بدقة شديدة لم يكن مألوفاً عند معاصريه، ولم يظهر إلا بعده بنحو نصف قرن فى «الواقعية الفائقة» أو "الواقعية الفوتوغرافية" التى ظهرت فى أمريكا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة