ما تزال قضية خفض سعر الغاز الطبيعي للصناعة يمثل أولوية قصوى لدى الصناع، في ظل التحديات الكبيرة التي تشهدها الصناعة على المستوى الداخلى وعلى المستوى الخارجي، ولا سيما في ظل جائحة فيروس كورونا التي أثرت على مختلف اقتصاديات العالم بالسلب بدلا من أن تنمو الاقتصادات العالمية بنسبة تصل لنحو 3% هناك بعض الاقتصادات انكمشت بنسبة وصلت لـ 12%، وهو ما يمثل أزمة عالمية كبيرة تحتاج إلى سنوات، لكي يتم تجاوزها.
وفي هذا الإطار تسعى العديد من الدول لمساندة صناعتها وزيادة الصادرات بهدف دعم الاقتصاد المحلي لكل دولة و بهدف الاستحواذ على حصة اكبر من الصادرات، وبهدف جلب العملة الصعبة إلى البلاد مثل مصر التي تسعى جاهدة لجلب العملة الصعبة للسيطرة على سعر الدولار، وفي الوقت نفسه تحقيق نسبة معقولة من النمو .
ومن المتوقع أن يتراوح النمو من 2% إلى 3% في مصر، وفى ظل الإجراءات الكثيرة ؛فإنه لابد من خفض سعر الغاز الطبيعي أو ربطه بالسعر العالمي حيث أن سعر المليون وحدة حرارية من الغاز تباع ب 4.5 دولار، فى حين أن سعر الوحدة في العالم يتراوح من 1.8 دولار إلى 3 دولارات، وهو ما يعني أن السعر العالمي في مختلف الدول يعد نصف سعر الغاز ،الذي يباع في مصر، وبالتالي فإن حصول الشركات العالمية على سعر الغاز بالسعر العالمى يزيد من تنافسيتها بشكل كبير ،مقارنة مع الشركات المصرية ،كما يقود تلك الشركات إلى الاستحواذ على حصة اكبر من سوق الصادرات العالمي ،وهو ما يقلل فرص الشركات المصرية .
ومسألة خفض سعر الغاز للصناعة يتجاذبها رأيان لا ثالث لهما، الرأي الأول الذي تمثله وزارة البترول هو الاصرار على السعر الحالي ،باعتباره سعر مناسب و أنه تم خفض السعر من 6 إلى 5 ثم إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية ،وهو سعر مناسب من وجهة نظر البترول على أساس أن خفض السعر اكثر من ذلك ،سوف يخفض من إيرادات وعوائد قطاع البترول ،كما أن استخراج الغاز الطبيعي مكلف في مصر في الفترة الحالية وبالتالي حتى يكسب هذا القطاع لابد من استمرار السعر عند هذا الحد.
الرأي الثاني ،وهو الرأي الذي يمثل الصناعة المصرية يطالب بأمرين ،إما خفض سعر الغاز الى 3 دولارات او او 3.5 دولار ، أو ربط السعر بالسعر العالمي سواء فى الانخفاض أو الزيادة، وهو أمر معمول به في أغلب دول العالم حفاظا على الصناعة ، فى ظل الفائض من الغاز وهذا يتواكب مع تحرير أسعار الطاقة ،وخاصة أن الطاقة تم تحريرها منذ سنوات في مصر وأن قرار تحرير أسعار الطاقة هو القرار الأهم.
أصحاب هذا الرأي يرون أن الدولة في هذه الحالة لن تدعم الصناع ، ولكنها سوف تبيع الطاقة بالسعر العالمي الذى يتم التصدير به .
ويرى أصحاب هذا الرأي أن مزايا خفض سعر الغاز للصناعة أهم بكثير من بيه الغاز الطبيعي خام وأهم بكثير من تصدير الغاز الطبيعي ،نظرا للآثار الكبيرة للصناعة ،في توفير الوظائف وفي إجراءات توسعات وفي التصدير ،وفي جلب العملة الصعبة وتقوية ودعم الاقتصاد الوطني ،وبالتالي فإن خفض الغاز مهم للصناعة ،خاصة شركات قطاع الأعمال العام سواء العاملة في مجال البتروكيماويات والكيماويات و الأسمدة أو الشركات العامة والخاصة مثل شركات الأسمنت وشركات مواد البناء التي لجأ بعضها إلى استخدام الفحم كبديل للغاز، نظرا لارتفاع سعر الغاز بشكل كبير ،ومع انخفاض سعر الغاز فإن هذه الشركات قد تعود مرة أخرى إلى استخدام الغاز الطبيعي.
وهذا يمثل أهمية للغاز الطبيعي المصري والذي سيتم إضافة قيمة مضافة عليه في الصناعة ثم تصديره بدلا من تصديره خام ،وبالتالي فإن خفض سعر الغاز في الصناعة هو أمر حتمي لا بد من دراسته من كافة أبعاده لتعيد الدولة القوة للصناعة ،و حتى تساهم الصناعة وتنطلق بشكل اكبر في ظل التحديات العالمية التي تواجه هذا القطاع الهام ، خاصه أن الغاز يمثل خامة ويمثل 70% على الأقل من تكلفة بعض الصناعات وفي حالة خفض هذه التكلفة؛ فإن هذه الصناعات ستساهم بشكل كبير في الاقتصاد الوطني بشكل اكبر وهو المطلوب .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة