مركب خوفو الأولى، تعد من أهم اكتشافات القرن العشرين، حيث إنه فى 26مايو عام 1954م، أعلن المهندس كمال الملاخ عن اكتشاف يعد من أهم الاكتشافات الفريدة من آثار الملك خوفو، وهو اكتشاف حفرتين لمراكب الملك خوفو والتى سميت بمركب الشمس والتى عثر عليها فى الجهة الجنوبية للهرم الأكبر، وعمل كمال الملاخ وأحمد يوسف على اكتشاف وترميم وإعادة تركيب المركب الأولى، والتى خرجت إلى النور بعد أن مكثت فى باطن الأرض ما يقرب من 5000 سنة، والتى تعرف بمركب الشمس وتعرض حاليا فى المتحف الخاص بها الذى افتتح عام 1982 م .
وتم خلال الفترة الحالية غلق متحف مركب خوفو وذلك تمهيدًا لتفكيكها ونقلها إلى المتحف المصرى الكبير، حيث سيتم عرض مراكب خوفو الأولى والثانية فى قاعة واحدة، ولكن ما هى القصة الكاملة لمراكب خوفو؟
مركب الملك خوفو (2551- 2528 ق.م.) التى تقع جنوب هرمه الأكبر وفى الناحية الشرقية من ضلعه الجنوبى تحديدا، وأحدث هذا الكشف عاصفة عالمية من الاهتمام أدهشت العالم.
كانت بداية القصة عندما كان المهندس المصرى كمال الملاخ يقوم بأعمال التنظيف وإزالة الرديم جنوب الهرم الأكبر، فكشف عن حفرتين لمركبين مغطيين بكتل من الحجر الجيرى الجيد، و أن للهرم الأكبر ثلاث حفرات أخرى منقورة فى الصخر الطبيعى لهضبة الجيزة تأخذ شكل المراكب فى الناحية الشرقية للهرم، تقع اثنتان منها فى الناحية الجنوبية والناحية الشمالية للمعبد الجنائزى، بينما تقع الحفرة الثالثة شمال الطريق الصاعد للهرم الأكبر.
وأوضح قول الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، أن فى الحفرة الأولى التى تقع جنوب شرق الهرم الأكبر، عثر كمال الملاخ فوق سطحها على إحدى وأربعين كتلة ضخمة من الحجر الجيرى الجيد المستجلب من محاجر طره الملكية، وبداخل هذه الحفرة البالغ طولها حوالي 31,2م، وعرضها 2,6م، وعمقها 3,5م، عثر على مركب خشبى كبير مفكك إلى حوالي 1224 قطعة خشبية من خشب الآرز القادم من لبنان موضوعة بعناية فائقة فى 13 طبقة فى أماكنها الأصلية، ومختلفة الأطوال مابين 23م و10سم، علاوة على كميات كبيرة من الحبال والحصير، والمجاذيف الخاصة به.
وقد تولى ترميم هذا المركب، المرمم المصرى القدير الحاج أحمد يوسف فأعاده إلى ما كان عليه أيام الفراعنة، ويعرض الآن فى متحف خاص به فوق الحفرة التى اكتشف فيها، ويحمل اسم "متحف مركب خوفو". ويبلغ طول المركب 43,4م، وأقصى عرض له 5,9م، وعمقه 1,78م، وارتفاع مقدمته ذات الشكل البردي 6م، وارتفاع مؤخرته 7م، وله عشرة مجاذيف: خمسة على كل جانب تتراوح أطوالها مابين 6,5 و8,5م، ومقصورة رئيسية تتقدمها مقصورة الربان فى مقدمة المركب، والدفة عبارة عن مجذافىن كبيرين، ويزن المركب حوالي 45 طنا.
ولم يستخدم مسمار معدنى واحد فى صناعة هذا المركب، فقد استخدم المصرى القديم هنا طريقة "العاشق والمعشوق" والحبال في تكوين أجزاء هذا المركب كبير الحجم.
أما عن مشروع نقل المركب، فكان اللواء عاطف مفتاح، المشرف العام على المتحف الكبير والمنطقة المحيطة،كشف فى تصريحات سابقة لـ "اليوم السابع"، عن الأسباب التى جعلته يفكر فى نقل مركب خوفو الأول من مكانه الحالى إلى المتحف الكبير، وهى أن المبنى الذى يعرض به المركب حاليا، والذى تم إنشاؤه منذ ما يزيد عن ربع قرن ساعد وبشكل ملحوظ على القضاء على الضلع الجنوبى لأهم أثر فى العالم وهو الهرم الأكبر، الأمر الذى عمل بشكل واضح على التشويه البصرى للمنطقة الأثرية، وكذلك وجود المركب فى مبنى يفتقر إلى أسلوب عرض متميز وغير مؤهل لاستقبال ذوى الاحتياجات الخاصة.
وأضاف اللواء عاطف مفتاح، فى تصريحات خاصة لـ اليوم السابع أن فكرة نقل المركب الأول ليست وليدة اليوم، لكنها بدأت منذ فترة كبيرة وانتهت بقيامه بعرض الفكرة على الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى 28 مايو.
وأوضح اللواء عاطف مفتاح أنه من أهم أولوياته فى عملية النقل هو كيفية تأمين المركب بشكل علمى سليم، مما جعله يعمل منذ 6 أشهر قبل عرض فكرة نقل المركب على إعداد ورشة عمل وعدة اجتماعات لدراسة أنسب الحلول العلمية لنقل المركب بما يضمن سلامته أثناء أعمال التغليف والنقل، موضحا أنه تم تحديد أسلوب وأماكن الفك وإعادة التركيب، وأن أهم مرحلة من مراحل النقل بالنسبة إليه هى المحافظة والتحكم فى درجتى الحرارة والرطوبة وشدة الإضاءة طوال فترة العمل حتى لا يتأثر المركب.
وتابع أنه قام بوضع التصميم الهندسى الجديد للمبنى الذى سيعرض فيه مركب الملك خوفو الأولى والثانية، وذلك بأسلوب يعتمد على مراعاة الدقة والأسلوب العلمى المتميز فى العرض المتحفى.
وفيما يتعلق بمركب خوفو الثانية فقال الدكتور ساكوجى يوشيمورا رئيس جامعة هيجاشى نيبون الدوليه اليابانية ورئيس بعثة مركب خوفو الثانية، إنه تم الانتهاء من نحو 98 % من المرحلة الأولى لمشروع المصرى اليابانى العملاق لاستخراج وترميم مركب خوفو الثانيه بالهرم، استعدادا لمرحلة أعمال الترميم النهائى و تجميع المركب وعرضها فى قاعة خاصة بها بالمتحف المصرى الكبير.
وأوضح الدكتور ساكوجى يوشيمورا، إنه تم استخراج ما يقرب من 1272 قطعة خشبية من الحفرة الموجود بها المركب حتى الآن، وكانت عبارة عن 13 طبقة داخل الحفرة، وذلك بعد إجراء عمليات التأمين والحماية لها، حيث تم تغليفها بالورق اليابانى كوسيلة تقوية وحماية اثناء عمليه الرفع، وتم تسجيلهم بداخل المعمل وتحديد الحالة الراهنة لهم.
وأضاف الدكتور ساكوجى يوشيمورا، أنه تم إجراء عملية ترميم أولى لـ 1200 قطعة خشبية، ونقل حوالى 1006 قطع إلى مخازن المتحف المصرى الكبير، وجارى حاليا البدء والتجهيز للعمل فى المرحلة الثانية من أعمال الترميم النهائى وتجميع المركب بالمتحف الكبير.
كما كشف الدكتور عيسى زيدان مدير عام الشئون التنفيذية للترميم بالمتحف المصرى الكبير والمشرف على ترميم مركب خوفو الثانية، عن البدء فى إنشاء مبنى فريد يليق بعظمة الملك خوفو ملحق بالمتحف الكبير، قام بتصميمه اللواء عاطف مفتاح المشرف العام على المتحف، لتعرض فيه مركب خوفو الثانية بعد تجميعها، بجوار مركب خوفو الأولى، والتى سيتم نقلها خلال الفترة المقبلة من موقعها الحالى داخل متحف خاص بمنطقة آثار الهرم.
وأضاف الدكتور عيسى زيدان، أن فريق العمل اليابانى المصرى يستخدم تقنية التصوير ثلاثى الأبعاد فى توثيق القطع الخشبية لمركب خوفو الثانية، وذلك بعد الانتهاء من أعمال الترميم الأولى لها وتعبر هذه التقنية من أفضل الطرق المستخدمة فى أعمال التوثيق، حيث تعطى تفاصيل غاية فى الدقة والوضوح ومن خلالها يمكن رؤية القطعة من جميع الاتجاهات هذا ومن المقرر تصوير حميع القطع تمهيدا لتجميع أجزاء المركب على أجهزة الحاسب الآلى قبل البد فى تجميعها على الواقع والطبيعة، وبذلك يتم التلاشى إلى أخطاء عند التجميع.